كتب الأستاذ حليم خاتون:
كان جبران باسيل قد طالب أثناء عز الحرب على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة بوقف إطلاق النار من جانب واحد لإحراج أميركا والمجتمع الدولي، وإثبات نوايا لبنان في السلام...
لو يخرج علينا الأستاذ باسيل يخبرنا كيف تُحرج أميركا وكيف تُحرج فرنسا في كل ما يحصل؛ لجنة المراقبة التي يترأسها جنرال أميركي بموافقة من حزب الله لا تحاول حتى أن تعطي صورة اجتماع لدرس البلطجة الاسرائيلية المستمرة منذ وقف النار في نوفمبر تشرين الثاني من العام الفائت...
قام حزب الله بالموافقة على وقف للنار ضمن اتفاق هو في حقيقة الأمر من جانب واحد بضمانات أميركية فرنسية...
هذه ليست نكتة؛
نعم وافقت المقاومة على ضمانات اميركية وفرنسية، في الوقت الذي يعرف الجميع أن إسرائيل لن تستطيع البقاء ساعة واحدة في الوجود اذا توقف الدعم الأميركي الفرنسي البريطاني الألماني عن مدها بكل ما تحتاج من اسلحة، وكل ما تحتاج من مساندة سياسية في المحافل الدولية، وهذا لم يتوقف...
منذ ساعات والعدو الاسرائيلي يشن غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية وسط تنديد فارغ لا معنى له من قبل السلطة اللبنانية؛
يصل هذا التنديد أيضا إلى المقاومة التي باتت لغتها لا تختلف عن لغة السلطة في الإدانات التي لا طعم لها...
"بكرا عيد.. رح نعيّد.. نحنا هون ومش خايفين.."
هذا كل ما استطاع نائب حزب الله الأستاذ رائد برو الخروج به...
أما الأستاذ علي بركة ممثل حركة حماس في لبنان، فلم تزد كلمات الإدانة عنده إلا شطرا من الشعر الباهت حول التصدي والمقاومة في زمن دخول لبنان بعد سوريا الجولاني في العصر الإسرائيلي...
الرئيس بري يرى أن العدوان الاسرائيلي لا يستهدف طائفة بعينها او منطقة بذاتها في لبنان؛ بل يستهدف كل اللبنانيين والعرب أيضا...
هل يريد الرئيس بري إقناع سمير جعجع بما يقول؟
كل ما سبق هذا يدخل في اكتشافات العرب للمياه الساخنة...
من يرى في كل تلك الإدانات والتعليقات شيئا ذا معنى ما عليه إلا النهوض من الكوما نحن في قلب العصر الإسرائيلي...
مرة أخرى يسأل المرء المقاومة لماذا وافقت على ما وافقت عليه؟
لماذا وافقت على تسليم جنوب الليطاني عل طبق من فضة يكون مرتعا للعدوات مدة ستين يوم؟
نحن نعيش اليون وسوف نعيش لفترة طويلة إرهاصات اتفاق العار...
كلاب الداخل تحكمنا، وكلاب إسرائيل تسرح وتمرح في طول العالم العربي وعرضه...
شكرا تركيا!
شكرا قطر!
شكرا مشيخات العار في الخليج، وملوك وامراء ورؤساء أشباه الرجال...
بعد نهاية الأندلس...
وصل الأعداء إلى عمق الدار...
"ما غُزِيَ قوم في عقر دارهم إلا ذُلّوا"...
كل التبريرات مرفوضة...
كل الأعذار في تسليم آلاف الصواريخ ومئات المواقع جنوب الليطاني هي أعذار أقبح من أي ذنب...لو استمر القتال على المنوال الذي كان يجري، كان باستطاعة المقاومة تدمير الفرق التي باتت اليوم تدخل إلى الجنوب، وأبعد من الجنوب، وكأنها في نزهة...
خرج محللون يتحدثون عن موقف أميركي متميز عن مواقف إسرائيل في هذه الهجمات...
أن يراهن السُذّج من اللبنانيين على خلاف أميركي / إسرائيلي من هذا العدوان على الضاحية قد يمكن هضمه؛ في النهاية، هؤلاء سُذّج...
أما أن تخرج أبواق محسوبة على المقاومة تقول بهذا، فهذا قمة الضحالة الفكرية والعقائدية...
لن تتأخر الأمور قبل أن تخرج أصوات تطالب بعدم الانزلاق إلى ما يريده نتنياهو من إعادة إشعال الحرب لإنقاذ حكومته المهددة بالسقوط بعد انسحاب نواب الحريديم من الائتلاف الحكومي...
نحن العرب مشهورون بتسخيف الأمور إلى درجة أن الإبادة الأولى اسميناها نكبة، وهزيمة حزيران اسميناها نكسة، ونكسة حرب تشرين ٧٣ اسميناها انتصار...
يجادل بعض من في حزب الله اليوم قائلا أن ليس في اليد حيلة...
يجب عدم العودة إلى الحرب لأن هذا هدف نتنياهو...
باختصار...
وضعونا في هذا الوضع المزري، ثم راحوا يفتشون عن تبريرات لا معنى لها سوى الخضوع لعالم "الزنوج والأمريكان"...
الاسرائيلي مسرور جدا بهذا الوضع...
هو يستمر في القصف دون خوف لأنه يعرف اننا لن ندخل أي حرب...
هو حصل على كل شيء يوم تخلينا نحن عن كل شيء...
نحن إما دعاة سلام ابراهيمي، وإما صامتون صمت أبي الهول...
ماذا على المقاومة أن تفعل؟
عليها على الأقل أن تخرج من سياسة عنق الزجاجة التي حشرت نفسها داخلها...
هي أخطأت كثيرا جدا في الماضي البعيد يوم سكتت على نظام فاسد...
هي تخطئ اليوم وتقف عاجزة في وضع من صنع ايديها...
ما عليها الا ان تعود الى عقيدة المقاومة لسبب بسيط جدا:
خسائرنا حين رفض القتال هي بالتأكيد أكثر بأضعاف مضاعفة عما يمكن تكبده اذا نحن قاتلنا...
أم يريدوننا أن نجلس ونلطم على خدودنا ونبكي أوطانا كالنساء، لم نحافظ عليها كما الرجال...


