دون لقاء مباشر، ومن بعيد، ودون أي قصد وتعمد، قام جدل غير مباشر، وغير مقصود طبعاً، بين النائب السابق نجاح واكيم الذي أطل على المشاهدين من تلفزيون لبنان مع وليد عبود، وبين الكاتب والإعلامي قاسم قصير الذي أطل على قناة الجديد مع الاعلامي رامز القاضي...
رغم إصرار النائب واكيم الذي لطالما وجه انتقادات في السابق إلى سياسة حزب الله فيما خصّ التعاطي مع المنظومة الحاكمة ومع حراك ١٧ تشرين؛ رغم إصرار النائب على عمق العلاقة مع حزب الله التي تتعمق كل يوم أكثر من اليوم الذي سبق وفقاً لوصفه... رغم هذا تمحور كل حديث النائب نجاح واكيم على عقم أي محاولة لإصلاح النظام في لبنان...
باختصار، قال النائب واكيم حرفيا إن النظام في لبنان بحاجة إلى تغيير ولا مجال لنجاح أي محاولة اصلاح فيه... بالعربي "المشبرح"، نظام الطائف غير قابل للإصلاح يعني تلقائياً أن دستور الطائف غير قابل للتطبيق...
في المقلب الآخر، خرج الإعلامي قاسم قصير يُنظًر لوجوب الانطلاق من اتفاق الطائف لإصلاح النظام الذي أقامه هذا الطائف، والذي لم يستطع أحد تطبيقه خلال ثلاثة عقود وزيادة...
الغريب في الأمر، أن الكاتب قاسم قصير ينطلق من معلومات مؤكدة لديه أن ما يقوله هو تماما ما يعبر عنه حزب الله في لقاءاته مع مختلف القوى...
الطرفان ينطلقان من فرضية التعبير عن موقف حزب الله، ولكن كل طرف يناقض الطرف الآخر...
النائب واكيم يقول بعدم إمكانية اصلاح النظام، فيما الكاتب قصير يصر على وجوب الانطلاق من نفس النقطة التي انطلقنا منها في بداية التسعينات من أجل إصلاح النظام...
هذا التناقض هو خير تعبير عن المأزق الذي يتواجد فيه حزب الله... والذي وقع فيه الكاتب قصير نفسه حين تحدث عن إفلاس هذا النظم رغم القوة التي تمنع تحطيم هذا النظام...
التواجد داخل نظام غير قابل للإصلاح من أجل القيام بالإصلاح... هل فهم أحد شيئاً...؟
لو كان المرحوم ياسين بقوش لا يزال على قيد الحياة، ربما تمكن من فهم هذا الأمر وإفهامنا...
أو ربما تمكن المرحوم شوشو من القيام بهذه المهمة...
يا إخوان، صحيح أن واحداً زائدا واحد، يساوي اثنين، لكن لبنانياً زائدا لبنانيا آخر بكل أسف لا يساوي لبنانيين إثنين إلا في حالات محددة...
يعني، وفقا لنظرية زياد الرحباني، قواتي زائدا أملاوي لا يجتمعان إلا بقدرة قادر، رغم أن الكاتب جان عزيز يصر أنهما قابلان للجمع ولكن ليس للطرح ولا الضرب ولا القسمة إلا في حالات التضارب والتقاسم والمُطارحة....
"اللي فهم شي، يشرح"...
إنطلاقا من وجهة نظر النائب نجاح واكيم، المطلوب ثورة تقضي على النظام القائم...
الذي عايش النائب واكيم يعرف جيدا أن هذا الرجل قضى معظم السنين الثلاثين التي مضت يصرخ في البرية محذرا من اتجاه لبنان الى الهاوية...
ولا من أحد يسمع أو يرى...
يريد النائب واكيم إقامة جبهة وطنية عريضة ويقول إن حزب الشعب بصدد التواصل مع قوى أخرى لتحقيق هذا الأمر وانتشال لبنان من القعر...
في المقابل يريد الإعلامي قاسم قصير جمع الأضداد من جديد...
كما حصل مع رفيق الحريري الذي رافقه الكاتب قصير فترة ليست قصيرة ولا بد أنه رأى بأم العين كيف تُجمع الأضداد...
هل هو نظام ترويكا جديد...؟
هذا ما فعله الطائف...
هذا ما قامت عليه كل سياسات رفيق الحريري...
لكن الإعلامي قصير يرفض الترويكا...
قال ذلك مباشرة حين لم ير في المرشح فرنجية سوى عودة إلى الترويكا التي يرفضها، لذلك رفض فرنجية...
زادت الحيرة مع الكاتب قصير حين طالب بالطائف ورفض ما جرى مع الطائف...
ربما يظن الكاتب قاسم قصير أن اجتماع حزب الله يوما مع القوات اللبنانية ليس مستحيلا...
ها هي إيران تجتمع مع السعودية لإيجاد صيغة تعايش سلمي مفترض...
في النهاية يجب الحوار...
لكن الحوار بين مَن ومَن...؟
القوات التي كانت تستجدي لقاء مع الحزب في أوقات ما تغير حالها، وصارت تتحدث عن خمسة وسبعين ألف مقاتل طبعا ليس ضد إسرائيل...
القوات تحترم تاريخها، وتحترم ذلك الزمن الذي أتى يوما على متن الدبابات الاسرائيلية...
الحزب الذي طالما رفض لقاء القوات، تحالف يوما معهم في تحالف خماسي أطلق عليه زورا وصف الاتفاق الرباعي...
يا شعب لبنان العظيم...
لن يزيد المرء إلا مطلباً واحداً...
استمعوا جيدا الى مقابلة النائب واكيم وإلى مقابلة الكاتب قصير، وإذا استطعتم الخرج بتصور واضح عن الاستراتيجية والتكتيك، أخبروا عامة الناس الذين ضاعت اموالهم، وضاع حاضرهم، ولا يزال المستقبل في العتمة... طالما الذين يفهمون في هذا البلد لا يعرفون ماذا يريدون؟
دولة عادلة قوية، أم أعادة تجميع المزارع اللبنانية في كونفيديراليات يرسم حدودها ناجي حايك وجبران باسيل...
حليم خاتون