تقصير الأمم المتحدة في إغاثة ضحايا زلزال تركيا وسوريا
مقالات
تقصير الأمم المتحدة في إغاثة ضحايا زلزال تركيا وسوريا
عدنان علامه
10 شباط 2023 , 20:33 م


عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين


خلال متابعتي أسباب عدم تحرك الأمم المتحدة حتى الساعة لنجدة مَتضرري زلزال تركيا وسوريا المدمر. وتحدث الأمين العام للأَمم المتحدة أمس مبررًا ذلك بأن "مجلس الأمن قد حدد المساعدات الإنسانية بمعبر باب الهوا فقط"، وكأنه يتجاهل وجود مطار رسمي للدولة السورية في دمشق ومطار آخر في حلب أيضًا . وأضاف أن "أي تعديل على قرار مجلس الأمن بحصر المساعدات عبر معبر باب الهوا يحتاج إلى موافقة جميع أعضاء مجلس الأمن".

فإغاثة منكوبي هذه الكارثة الإنسانية هي من صلب مهام الأمم المتحدة، وكان متوقعًا منه ان يأخذ موقفًا شجاعًا مميزًا يطلب فيه من جميع الدول تقديم المساعدات الفورية لتركيا وسوريا لحظة وقوع الزلزال لأن حجم الدمار كبير جدًا ولا تستطيع أي دولة أن تتحمل تبعاته لوحدها. فهناك عدة ملايين باتوا بدون مأوى في تركيا وسوريا في ظل ظروف مناخية قاسية وصعبة جدًا.

ولكن الأمين العام للأمم المتحدة فضَّل أن يخضع لأوامر "البيت الأسود" حين أصدرت الأمر على لسان وزارة الخارجية الأمريكية: "المعابر الإنسانية إلى سوريا يجب أن تظل مفتوحة أمام حركة المنظمات الأهلية عبر الحدود".

ولهذا لم يتأثر ضميره بهول الكارثة والقى علينا دروسًا في الإنسانية وحبه للمساعدة ولكن يده مغلولة. فأكد من حيث لا يدري بأن الأوامر الامريكية تقضي بإيصال المساعدات إلى الجماعات الإرهابية فقط دون تسميتها مشيرًا فقط إلى المكان الجغرافي لتواجدهم فقالت (رويترز) :"حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الخميس على تسهيل سبل وصول مزيد من المساعدات الإنسانية إلى شمال غرب سوريا عبر تركيا، قائلا إنه سيكون “سعيدا للغاية” إذا تمكنت الأمم المتحدة من استخدام أكثر من معبر حدودي واحد لإيصال المساعدات بعد الزلزال القوي الذي ضرب المنطقة هذا الأسبوع وأسفر عن سقوط أعداد كبيرة من القتلى."

وأضاف جوتيريش للصحفيين “هناك العديد من وكالات الإغاثة غير التابعة للأمم المتحدة التي تقدم بالفعل خدماتها عبر معابر أخرى.. سأكون سعيدا جدا إذا كان هناك إمكانية لقيام الأمم المتحدة بذلك أيضا من خلال أكبر عدد ممكن من المعابر”.

وقد حضرني بيت الشعر الذي ينطبق على تصرفات غوتيريش:-

يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً

ويَروغُ منكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ

ويبدو أن غوتيريش قد تناسی بأن لهفته على الإرهابيين وسرعة تحركه بإتجاههم ليست جديدة.

فقد إستغل غوتيرش منصبه ليوقف عمليات الدولة السورية لتحرير الغوطة الشرقية تحت ستار تأمين الظروف الملائمة لإدخال المساعدات الإنسانية إلى دوما بعد تشديد الحصار على الغوطة عموما ودوما بشكل خاص. وقد حث كافة الدول الغربية لتقديم المساعدات الفورية إلى الإرهابيين الذين اتخذوا من المدنيين دروعََا بشرية علمًا بأنه تم فتح ممر آمن لمغادرة المدنيين بضمانة الجيش الروسي. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بتاريخ 26 شباط/فبراير 2018 : "حان الوقت لوقف الجحيم في الغوطة".

ولم يعجب غوتيرش قرار الدولة السورية بتحرير الغوطة وكل شبر من الأراضي السورية المحتلة؛ فبدأ بإستغلال منصبه مجددًا إرضاءً لسيده ترامب. فتبنى تقريرًا مفبركًا أعدته اصحاب "الخوذ البيضاء" بإستعمال قنابل الكلور في دوما. وشاءت الصدف أن تحصل حادثة إنفجار خزان الكلور في الأردن لنكتشف بأن غاز الكلور يترك أثارًا صفراء مكان الإنفجار وهذا لم توثقه وسائل إعلام الأعداء أو الأصدقاء. وللأسف لا زال غوتيريش على عنصريته حين فتح الملف المفبرك الشهر الماضي.

وللتذكير فقط فإن "قانون قيصر" لمحاصرة سوريا هو قرار أمريكي جائر خارج إطار الشرعية الدولية التي يمثلها الأمين العام للأمم عليه. وكان يجب علي أن يرفضه إحقاقًا للعدل والحفاظ على مصداقية الشرعية الدولية. وبما أن نتائج هول كارثة الزلزال المدمر لم تنجح في إيقاظ الضمير من سباته، فقد إنطبق عليه المثل القائل :-

"لقد أسمعت لو ناديت حيـًا..

ولكن لا حياة لمـن تنادي

ولو نارٌ نفخت بها أضاءت..

ولكن أنت تنفخ في الرماد "

لم اتوقع أن تصل حقارة ونذالة وسفالة ودناءة أمريكا والأمم المتحدة إلى هذا الدرك الأسفل من الإنحطاط والتبعية؛ فقد اثبتت الأمم المتحدة بأنها تتحرك وفق الإرادة الأمريكية فقط وليس بدواعٍ إنسانية.

فسوريا ستبقى شامخة وقوية وعزيزة بفضل الله ورئيسها وحمية وغيرة وشجاعة وإنسانية الدول التى أوصلت المساعدات إلى مطاري دمشق وحلب غير آبهة لقرار قيصر الذي تحطم بفضل الصمود السوري.

وإن غدَا لناظره قريب

10 شباط/فبراير 2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري