المهندس باسل قس نصر الله
أنا حلبيٌ قبل الزلزال وسأبقى حَلَبياً بعد الزلزال.
أطلقوا عليه تسمية "غضب الطبيعة"
كانوا يقولون ان للأرضِ صوتٌ عذب ينادي عشّاقها، وفهِمنا أن الصوت كان مجازياً، لكننا سَمعنا صوت الأرض الغاضب خلال الزلزال.
كانوا يقولون عن الأصوات في المحشر، ونحن شعرنا بأننا في الجحيم.
إهتزازات الجدران.
وأصوات ارتجاج البناء
والرعب القاتل الذي جعلنا نتخيّل نهايتنا
شاهدتُ الدمار وعاينتُ خوف الناس من القادم المجهول.
أسيرُ في شوارعِ حلب
الأبنية المتهدمة
الأرصفة الحزينة
العيون المندهشة
الأطفال الذين لم يستوعبوا ما حدث.
أتلقى الإتصالات وأنا أسير .
الجميع يريد أن يفهم ما حدث
الجميع يريد الإطمئنان
والجميع يسأل السؤال المشترك "هل أنتم بخير؟"
نقول الحمد لله، لكننا .. لسنا بخير
كنا نخاف من القذائف واليوم أصبحنا نخاف أن ننام لكي لا يداهمنا الزلزال.
كنا نسمع عن أبنيةٍ في حلب تَهدّمت بفعلِ القذائف أو الصواريخ.
واليوم نسمع عن أبنيةٍ هدّمها غضب الطبيعة.
كنّا نرى قتلى بفعل قنّاص مختبىء يقتلُ فرداً فرداً .. والآن أصبحنا نرى أن القتلى عائلات بكاملها.
نسمع عن رؤوس مقطوعة بفعلِ الحرب .. واليوم نرى رؤوساً مسحوقةً تحت الأنقاض.
لا .. لسنا بخير
وكيف نكون بخيرٍ والحِصار علينا، وأراضي سورية مقطّعة؟
كيف نكون بخير وأحلامنا أصبحت أن ننام بدون خوف من هزّةٍ جديدة؟
كيف نكون بخير وصور القتلى والتعازي تملأ الانترنيت؟
لا .. لسنا بخير
والمهاجرون يسألون عمّا نحتاجه وأنهم متضمنين معنا
لا نريد فقط التضامن والصلاة والقلوب الحزينة
نريد الدواء والغذاء والأموال، لنعيد بناء ما هدّمته الحرب وشاركه الزلزال
نحن لسنا بخير
ولكننا - بعد الزلزال - ما زلنا أحياء
ونرفض أن نموت
هنا زلزال حلب
اللهم اشهد اني بلغت