من أينَ أبدأُ ؟
و نحنُ انتَهَينا،
تارِكينَ الأملَ الأخير
تحتَ ظلِّ الياسِمين..
اليومَ تتمزَّقُ الآلامُ أمامَ أوجاعِ هذه البِلاد
و يتحرَّر الأسيرُ من سجيَّةِ الظُّلمة
حينَ يَرى القُيودَ تشدُّ مِعصَمَ بَحرٍ بأمواجه!
اليومَ يدورُ الزَّمانُ دونَ توقُّفٍ
و تَغتَرِبُ الأرواحُ
تارِكةً جثامينها تحتَ الرُّكام
تارِكةً في الأحياءِ مساحةً لتصويرِ عبثيَّةِ الوَقت
السُّوريُّ اليومَ باتَ بَطَلاً تراجيديَّاً
يجسِّدُ استِمرارَ المُستَحيل
يركَعُ و يرقُصُ و يقاوِمُ لِيعيشَ تأخُّرَ المَوتِ
يُعانِقُ الكَونَ في اليَبابِ و الزِّحامِ
و هو قَطيعُ الذِّراعَين
فيُصبِحُ الاطمئنانُ شعوراً منفِيّاً في فلسَفَتِهِ
ليجعَلُ من المَوتِ بطَلاً للحِكايةِ بأجزائها كافَّةً،
فيَموتُ حينَ يولَدُ في الحُدود
و يموتُ حينَ تَشيبُ الطُّفولة
و حينَ يعجَزُ الشَّابُّ
و حينَ يَتوهُ في الصَّفَحات..
لَكِن ربَّاهُ!!
ليسَ المَوتُ تَجرُبَةً،
و لَيسَ حِكايةً تُروى من تَحتِ الأنقاض،
لَيسَ الطِّفلُ جُندِيَّاً، و ما المَرأةُ بدِرغامِ!
لكنَّ ما يملؤنا دُموعاً أنَّ بُكاءَنا ممنوعٌ
و أنَّنا نُدفَنُ فوقَ الأرضِ بِلا أكفان..
ما قيمَةُ الإنسانِ حينَ يبحَثُ عن أرَقِهِ بينَ النَّائمين؟
ما قيمَةُ الإنسانِ حينَ يرجو الأمانَ من كُلِّ الخائفين؟
و ما لَنا من صرخاتِنا إثرَ الحُطام؟
و العالَمُ أبكَمٌ، يدثِّرُ الأغاني فوقَ مَزَقاتِ خَريطَتِنا..
كلُّ قَمحِ الخَيرِ نُثِرَ هَباءً،
و رمى بثِقلِ الزِّلزالِ فوقَ ظُهورِ العابِرين..
ويحَنا إن ناشَدنا، ويحَنا إن بُحنا!
ولا سَلامَ، في أرضِ السَّلام..