عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
أعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان لها يوم السبت الماضي بأن عدد المتضررين من جراء الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا هذا الأسبوع، بلغ نحو 26 مليون شخص، محذّرة من تضرّر عشرات المستشفيات.
ومع تخطي حصيلة قتلى الزلزال 25 ألفا، أطلقت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، السبت، نداء عاجلا لجمع 42.8 مليون دولار لمساعدتها في تلبية الاحتياجات الصحية الطارئة والكبرى.
وجاء في إحدى فقرات البيان:… وأعلنت المنظمة "أنها نقلت جوا 37 طنا من إمدادات معالجة الصدمات والجراحات الطارئة إلى تركيا الخميس، وأوصلت 35 طنا إلى سوريا الجمعة". وأشارت إلى أن "هذه الإمدادات المنقذة للحياة ستستخدم لمعالجة 100 ألف شخص بالإضافة إلى إجراء 120 ألف عملية جراحية طارئة في كلا البلدين".
لا بد من التوقف حول خطورة ما ورد في بيان منظمة الصحة العالمية؛ فقد نهضت المنظمة من سباتها بعد 5 ايام من الزلزال المدمر وبعد وصول جسر جوي من المساعدات الدولية إلى تركيا ووصول 6 شاحنات فقط إلى مناطق نفوذ المسلحين في "شمالي غرب سوريا" كما يحلو لمجلس الأمن والأمم المتحدة تسميتها. وادّعت منظمة الصحة الدولية بأنها أوصلت 35 طنا إلى "سوريا" الجمعة". والأخطر من ذلك قولها : "هذه الإمدادات المنقذة للحياة ستستخدم لمعالجة 100 ألف شخص بالإضافة إلى إجراء 120 ألف عملية جراحية طارئة في كلا البلدين".
ويبدو ان منظمة الصحة العالمية قد غاب عن ذهنها بأن الدولة السورية لم تستلم أية مساعدات اممية؛ وكيف ستستعمل المنظمة محتوى الشاحنات الستة في إجراء في إجراء الآف العمليات في تركيا وسوريا؟
وحسب مراسل وكالة فرانس عند معبر" باب الهوى" كانت الشاحنات تحتوي ادوية تنظيف ومستلزمات خيم فقط.
لقد تدخلت منظمة الصحة العالمية وسال لعتبها بعدما شاهدت أساطيل طائرات المساعدات تحط في تركيا؛ بينما لم تحط أي طائرة أوروبية في سوريا بسبب الحظر الأمريكي. ووجدت فيها فرصة ذهبية لتسرق أموال المساعدات لتدفع رواتب موظفيها. فضخمت أعداد الضحايا وأرقام العمليات لتحقيق جمع مبلغ 42.8 مليون دولار.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أن المساعدات الإنسانية المخصصة لشمال غرب سوريا تنقل عادة من تركيا عبر باب الهوى، نقطة العبور الوحيدة التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن حول المساعدات العابرة للحدود.
لكن الطرق المؤدية الى المعبر تضررت جراء الزلزال، ما أثر موقتا على قدرة الأمم المتحدة على استخدامه.
وأعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، غير بيدرسن، أن جزءاً من المساعدات دخل الخميس الماضي ، عبر معبر باب الهوى إلى سوريا
ولم يذكر غوتيريش ما إذا كان قد طلب من الحكومة السورية على وجه التحديد السماح بتسليم المساعدات عبر المزيد من المعابر الحدودية كونها صاحبة السيادة على كافة اراضيها بموجب القوانين الدولية؛ لكنه أشار إلى قدرة مجلس الأمن الدولي على الموافقة على مثل هذا الإجراء.
وأوضح غوتيرش أن مسؤول المساعدات بالمنظمة مارتن غريفيث سيزور غازي عنتاب في تركيا وحلب ودمشق في سوريا مطلع الأسبوع المقبل لتقييم الاحتياجات والاطلاع على أفضل سبل تعزيز الدعم من جانب الأمم المتحدة. واستؤنف تسليم مساعدات الأمم المتحدة إلى "شمال غرب سوريا" من تركيا اليوم الخميس بعد أن توقف لفترة وجيزة بسبب الزلزال.
ولم يرّد سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بسام الصباغ على الفور على طلب للتعليق على تصريحات غوتيريش.
وتنظر الحكومة السورية إلى تسليم المساعدات لمناطق "الشمال الغربي" ، التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، عبر تركيا على أنه انتهاك لسيادتها وسلامة أراضيها.
ومنذ عام 2014، حصلت الأمم المتحدة على تفويض من مجلس الأمن الدولي يسمح لها بالوصول إلى "ملايين" المحتاجين في المنطقة عبر معبر واحد.
وفي خطوة مثيرة للريبة، فقد وافق مجلس الأمن الدولي بالإجماع يوم الاثنين في التاسع من كانون الثاني/يناير 2023 على إستمرار تقديم المساعدات الإنسانية إلى نحو أربعة ملايين سوري في "شمال غرب البلاد" لمدة ستة أشهر أخرى عبر تركيا، متفاديا صراعًا معتادًا مع روسيا حول القضية.
ويلزم صدور تفويض من المجلس المؤلف من 15 عضوا لأن السلطات السورية لم توافق على العمليات الإنسانية، التي تقدم المساعدات بما يشمل الأغذية والأدوية والمأوى للمناطق التي تسيطر عليه "المعارضة" في سوريا منذ 2014.
وبعد حصول الزلزال المدمِّر فقد حصرت امريكا تقديم المساعدات إلى سوريا بالمعابر البرية فقط؛ ونقلت وزارة الخارجية الامريكية ذلك الأمر عبر تصريحها المقتضب : "المعابر الإنسانية إلى سوريا يجب ان تظل مفتحة أمام حركة "المنظمات الأهلية" عبر الحدود".
وأما الحكومة البريطانية فأنها قدمت مساعدات "لشعب سوريا بإدلب" عن طريق الخوذ البيضاء، وما أدراك ما الخوذ البيضاء وإرهابهم ؟
فبعد خمسة أيام من كارثة الزلزال المدمِّر تذكرت بريطانيا تسليم المساعدات الإنسانية في منطقة المسلحين الإرهابيين للخوذ البيضاء مفبركي التقارير الصحفية كفبركة حادثة فتى حلب، وفبركة فيديو الهجوم الكيميائي في دوما فأصحاب الخوذ البيضاء صنيعة المخابرات البريطانية وإحدى وسائل الحرب الكونية على سوريا. وقد أخرج جنود العدو الصهيوني بعد إتصال ترامب بقيادة العدو أكثر من 400 فرد منهم مع عوائلهم بعد تحرير الغوطة الشرقية وعودتهم تثير الشك والريبة المشرَوعة لما تخططه قوى الإستكبار العالمية ضد سوريا
واما بالنسبة للمسلحين الإرهابيين فقد افاد مراسل الميادين من حلب: أُبلِغنا ان مساعدات الهلال الأحمر السوري المقرر توجهها إلى مناطق سيطرة المسلّحين تم تأجيلها بقرار منهم.
وأما مكتب الأمم المتحدة بدمشق ألغى بشكل كامل إدخال المساعدات المقدمة من الهلال الأحمر السوري إلى الأهالي المنكوبين في إدلب عن طريق معبر سراقب.
فعلى أمريكا وبريطانيا والأمم المتحدة أن يتعلموا كيف تكون الإنسانية من أساطيل الشحن الجوي من إيران والعراق والجزائر وتونس والبري أيضًا من العراق ولبنان والبحري من لبنان، وعليهم أن يتعلموا من ارمينيا واليونان بأن المساعدات الإنسانية لا يمكن تسييسها. فقد قبل الرئيس اردوغان مبادرة ارمينيا بتقديم المساعدات الإنسانية ففتح معابر مقفلة معها منذ 35 عامًا.وقبل أيضَا المساعدة اليونانية بدون شروط.
ويبدو أن مؤامرات أمريكا والأمم المتحدة وبريطانيا بخرق سيادة الدولة السورية ودعم المسلحين الإرهابيين ضد الدولة السورية بما يخالف القوانين الدولية لن تنتهي فصولًا. ولا بد بالتذكير من التورط القديم للأمم المتحدة بدعم الإرهابيين؛ فقد وصلت الوقاحة بمندوب الأمم المتحدة ستيفان دي ميستُورا بأنه طلب من وزير الخارجية السورية الراحل إعطاء الحكم الذاتي "للمسلحين" في حلب. وَقد رد وزير الخارجية الراحل وليد المعلم بلباقته المعهودة بتاريخ 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 : رفضنا جملةً وتفصيلًا مقترح دي ميستورا بإقامة “إدارة ذاتية” في شرق حلب ونرحب بأي لقاء سوري سوري من دون أي تدخل خارجي.. والولايات المتحدة الأمريكية تستخدم الأكراد للوصول لحصار الرقة ومن ثم يأتون “بالبعد التركي" وهذا ما حصل.
أُدين بشدة تسييس المساعدات الإنسانية؛ فالكارثة واحدة بين سوريا وتركيا والمساعدات الدولية الإنسانية إلى سوزيا وتركيا مباشرة تضمن وصول المساعدات إلى مستحقيها بعد ثبوت ضلوع الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية في تسييس المساعدات الإنسانية. وتاريخ منظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة في اليمن غير مشرّف.
وإن غدًا لناظره قريب.
13 شباط/فبراير 2023