كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "كيف ستتحَوَّلُ قُوَّةُ أمريكا الثلاثية إلى نقاط ضعف قاتلة لهيمنتها وإقتصادها؟
د. إسماعيل النجار
1 أيار 2023 , 17:25 م

كَتَبَ د. إسماعيل النجار: 

_ثلاثُ ركائزَ أساسيةٍ تستندُ عليها الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيةُ لِهيمنتها على العالم:

_الركيزةُ الأولى...

(أ) _ موقعُها الجغرافيُّ الإستراتيجيُّ خلفَ البحار، على بُعْدِ أكثرَ من عشرةِ ألاف مِيل ٍ بحريٍّ عن أوروبا وغرب آسيا.

(ب) مساحتُها الشاسعةُ التي تزيدُ عن تسعة ملايين كلم٢ بقليل، وعددُ السكان يزيدُعن 360 مليون نسمة.

(ج) قوّّتُها الإقتصاديةُ والزراعيةُ الهائلة.

_الركيزةُ الثانية:

قوتُها العسكريةُ والنووية.

_الركيزةُ الثالثة:

هيمنةُ الدولار على السوق الِاقتصاديِّ العالميّ.

*أسَّسَتِ الولاياتُ المتحدةُ مجموعةَ الدُوَل الصناعيةِ السبع، عام 1973، وعقدت أوّلَ اجتماع ٍ رسميٍّ لها عام 1975، وتضمُّ 7 دُوَل، بقوةٍ اقتصاديةٍ تفوقُ ال 317 تريليون دولار، أي مايُعادِلُ 60٪ من اقتصاد العالم، مُقابِلَ مجموعةِ بريكس التي تضم خمس َدُوَل، ومنظمة شانغهاي التي تضم رسمياً 11 دولة، بالإضافة إلى 4 دُوَل تنتظر قبولها كاملة العضوية، بقوة إقتصادية تبلغ 20 ترليون دولار وتسيطر على ما نسبتهُ 20٪ من السوق التجاري العالمي، وتتطور، بحيث يُقَدِّرُ الخبراءُ الِاقتِصاديُون نموَّ وازديادَ حجمِ سيطرتِهاعلى السوقِ العالميِّ بنسبةِ 40٪ عام 2025.

* أمّا سلاحُ الرّدع ِ الأمريكي النوويّ تمَّ ردعُهُ بسلاحٍ نوويٍّ روسيٍّ وصيني ٍّ وكوريٍّ شماليّ، فتوازُن القِوَىَ هذاانتزعَ من أمريكا قُوَّةً كانت مصدرَ خَطَر ٍعلى العالم، وتمَّ تحييدُ هذا السلاح بحُكم امتلاكِ دُوَلٍ أُخرىَ معاديةٍ لِأمريكا قوىً نوويةٍ أضخم وأكبر، حيث باتت احتمالاتُ استخدامه ضئيلةً جداً، لا بل معدومة.

* أما التفَوُقُ الِاقتصاديُّ الأمريكيُّ المنفردُ والمتضامنُ مع مجموعة G7 فتُنافِسُهُ قُوَّةُ الصينِ الِاقتصاديةُالصاعدة، حيث أصبحت بّكين العملاقَ الِاقتصاديَّ الأوَّلَ الّذي يُنافِسُ اِقتصادَ الغرْبِ برُمَّتِهِ.

* بَقِيَت هَيمَنَةُ الدولار على الأسواق العالميةِ المرتبطةُ بنظامٍ ماليٍّ إلِكترونيٍّ مُعَقّدٍ، حيثُ تَمُر ُّكافّة ُ التحويلاتِ الماليةِ لِلتِّجارةِ العالميةِ بالدولارِ عَبْرَهُ حصراً، ما يُتِيحُ لوزارةِ الخزانةِ الأمريكيةِ التَّحَكُّمَ بها، وفَرْضَ عُقوباتٍ قاسيةٍ ومُدَمِّرَةٍ على الدُوَلِ التي تخرجُ عن هيمنتها أو تُناصِبُها العِداء.

من هُنا تَنْبُعُ قوّةُ هيمنةِ الدولار، لذلك بدأَ العملُ لدى بعض الدُوَل على التخلِّي التّدريجِيِّ عن العملةِ الخضراءِ، اِنْطلاقاً مِنَ الصينِ الّتي شَطَبَتِ الدولارَعن بورصةتعاملاتِها التجاريةِ، وتُحاوِلُ التَّخَلُّصَ من كافّةِ سنداتِ الدَّيْنِ بالدولارِ الأمريكيِّ بشكلٍ تدريجيّ، تَجَنُّباً للخسائرِ الكبيرة.

روسيا بدورها حظرت، على كافة شركاتها ومؤسساتها التجارية والمصرفية،

التعاملَ بالدولار الأميركي، وبدأت بيعَ النفطِ والغازِ بِعُملَتِها الوطنيةِ، في أول خطوةٍ عمليةٍ للتّخلّي عن التعاملاتِ بالدولار، كما يعملُ المصرفُ المركزيُّ الروسي ُّجاهداً للتخلص من كميات الدولارالمُكدّسة بالمليارات في خزائنهِ.

الهندُوإيرانُ وباكستانُ هي

الأُخرى انضمت إلى الصين وروسياعبرمنظمةشانغهَيْ وقررقادتُها التخلّيَ الجزئيَّ، أو عدمَ التعامُلِ بالدولار الأمريكي، وما لبثت أن التحقت بهذه الدُّولِ المملكةُالعربيةُ السعوديةُ، إذعقدتِ اِتِّفاقاً مع الصينِ، شريكِهاالتجارِيِّ الأكبرِقضى بأن تبيعَ لها المملكةُ النّفطَ والغازَوأن تَدفعَ الصينُ ثمنَ الكميات التي تشتريها من المملكةِ باليوان الصيني، أو الرُّوبل الروسي، الأمر الذي أغضب أمريكا، وطالبتها بالتراجع عن هذا القرار.

المُهِمُّ،أنَّ ما يزيد عن 40٪ من السوق العالميةِ بدأت عملياً بالتخلّي عن العُملةِ الأمريكيةولائحةالمنضمين إلى هذه الدُّوَلِ تكبرُ يوماً بعدَ يوم، وبدأَ التفكير جِدياً بطباعةِعُملَةٍ مُوَحدَةٍ يجري بها التعامل التجاري بين هذه الدُّوَل ِ، مما يزيد من مخاطراِنهيارِالدولاروضعف قوّتِه، و قد يحتاج الأمر إلى سنواتٍ عِدّة لتكون هناك عُملَةٌ أخرى منافسةٌ لها في السوق العالمية.

في تقديراتِنا، أنّهُ في حال فَقَدَ الدولارُ وَزنَهُ التجاريَّ الدوليّ، فإنَّ أحدَ أكبرِوأهمِّ أعمدَةِ الهيمنةِ الأمريكيةِ سينكسَرُ، وسيصبحُ حجمُ التضخُمِ داخلَ الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيةِ كبيراً جداً، وهذاسينعكس على وضع السياسةِ والِاقتصاد؛

وستتحوّلُ جغرافيا أمريكا وكانت، بفعل قوة الدولار، عبارةً عن حصن، ستتحوّلُ إلى أرضٍ شبهِ معزولةٍ و بعيدة،خصوصاً وأنّ حديقة واشنطُن الخلفيّةَ بَرُمَّتِها تُكِنُّ لها العِداءَ، وتُناضِلُ لِلتّخلُّصِ من هيمَنَتِها.

هذه التحولاتُ،إن ِاِكتَمَلتْ، فإنَّ أوروپا ستتغيَّرُ أيضاً؛ وسَيُصبِحُ التفكُّكُ الداخِليُّ الأمريكيُّ عَيْنَ فريضةٍ وواقعاً، ولكنَّ أمريكا تبقى كما هي، وحَرْبُها الأهلِيّةُ ستكونُ قدرَها الوحيد.

هذه ليست تمنيات إنماهي وقائعُ نَبْنِي عليها فَرَضِيّاتِ ما سَيَحْصُل، مَعَ إيمانِنا الراسخِ المطلق ِ، أنّ الباطلَ كان زهوقا، وأنّ دولةَ الشرِّ الأمريكيةَ لن تَستَمِرَّ طويلا،

وأنّ "الشيطانَ الأكبرَ" الأمريكيَّ يعيشُ آخِرَ سِنِيِّ عُمرِهِ ، بإذن الله.

بيروت في....

30/4/2023

المصدر: موقع إضاءات الإخباري