ماذا عن ساحات الحرب الملتهبة؟ وماذا عن الحرب العالمية المرتقبة؟
مقالات
ماذا عن ساحات الحرب الملتهبة؟ وماذا عن الحرب العالمية المرتقبة؟
مها علي
3 حزيران 2023 , 18:21 م


الكاتبة : مها علي

يتزايد التراشق في التصريحات النارية بين الدول العظمى المتنافسة سياسياً واقتصادياً والمتشابكة عسكرياً على أراضي بعض الدول الحليفة لكل منها, وإن عُدنا للوراء نجد أن أحد أهم الأسباب في الحروب يعود للأهمية الإستراتيجية والعسكرية للممرات الملاحية البحرية, وذلك لأن النقل البحري كان ولازال أرخص أنواع النقل ولأجل هذا 80% من تجارة العالم تتم عن طريقه, فالممرات البحرية تمثل شرايين الاتصال الحيوية للعالم, وأصبح تأمينها ضروري للاقتصاد العالمي, وإن أي اضطرابات حولها تؤذي الجميع, ولذلك تصاعدت الحروب بكافة أشكالها الإقليمية والدولية لأجل السيطرة على أهم الممرات والمضائق العالمية,

فهاهي روسيا بعد وصول منظومة الدفاع الأمريكية الى بولندا في15أيار الفائت والذي يعني أن كامل دول الإتحاد الأوروبي دخلوا في الحرب الميدانية مع روسيا, تؤكد الأخيرة اليوم وبعد أن نشرت أسلحتها النووية على حدودها مع أوروبا تؤكد أنّ الطريق الوحيد لاستئناف عمل معاهدة "ستارت3 التي وُقعت في شباط الماضي والمتضمنة خفض الأسلحة الإستراتيجية" هو تخلي الولايات المتحدة عن نهجها العدواني تجاه روسيا,

فمن المؤكد أن الرئيس فلاديمير بوتين لن يتراجع خطوة للوراء ولن يتخلى عن شبر أرض تم ضمّه إلى روسيا ولو اضطر لاستخدام النووي لن يتردد لأجل إعادة التوازن العالمي وحماية الأمن القومي الروسي.

أما حلف الناتو الذي اعتبره ايمانويل ماكرون في 2019 أنه في حالة موت سريري يزداد الضغط عليه اليوم لدرجة أن تصريحات المسؤولين فيه تصعد وتهبط كأنها رسم لتخطيط قلب مريض يعاني من رجفان بطيني, فتارة نسمع الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ, يقول أن جميع أعضاء الحلف متفقون على أن أوكرانيا ستصبح عضواً بالناتو, مستفزين بذلك موسكو, وتارة نسمع أنتوني بلنكن وزير خارجية أمريكا يقول بأن بلاده ترحب بأي مبادرة من شأنها أن "تجلب" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طاولة المفاوضات حول أوكرانيا للانخراط في "دبلوماسية بناءة".,

واليوم تطرح أندونيسيا خطة لإنهاء الأزمة الأوكرانية، تتضمن إنشاء منطقة منزوعة السلاح وتنظيم استفتاءات تحت إشراف الأمم المتحدة في جميع الأراضي المتنازع عليها.

والواقع يقول أن جميع المؤشرات تؤكد أن روسيا حققت انتصارات غير عادية, لدرجة أن الكثير من التقارير للدول الغربية بدأت تتكلم عن ضرورة تقسيم أوكرانيا بين روسيا والاتحاد الأوروبي, وجميعاً سمعنا الرئيس بوتين يقول: (أنا واثق أن النصر سيكون دائماً حليفنا ولا يساورني شك بشأن انتصار العملية العسكرية الخاصة وستكون بلادنا في نهاية المطاف ضامناً للسلام والأمن).

نستطيع القول أن جميع هذه التصريحات توحي بأن تركيز الولايات المتحدة أصبح متوجهاً نحو الصين أكثر من روسيا مُورطة الإتحاد الأوروبي بإكمال الحرب مع موسكو بالوكالة عنها, مُضحَّية هي والإتحاد الأوروبي بأوكرانيا.

وبالانتقال إلى الصين نسمعها تقول أن إرسال الولايات المتحدة الأسلحة لتايوان أمر خطير للغاية, وبعد أن أظهرت الصين قوتها في معركة جوية, حاولت واشنطن التودد حيث خرج وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، للتحدث عن أولويات العلاقة بين واشنطن وبكين، وللتأكيد وبحضور وزير الدفاع الصيني على أن التنافس

لا ينبغي أن يتحول إلى صراع,! ولكننا لن نتجاهل التدريبات العسكرية التي قامت بها أمس كوريا الجنوبية في الجزر الحدودية مع الشمال, فلا يمكن أن يؤتمن الجانب الأمريكي أبداً, كما عهدناه طيلة عقدين من الزمن,خاصة أن الصراع الصيني الأميركي تجلّى في مجالات عديدة، اقتصادية وعسكرية وأمنية، ولكن الصراع التكنولوجي هو الأشد حالياً، ولا سيما على الرقائق الإلكترونية التي تعدّ عصب الحياة المعاصرة، إذ إنها تدخل في الصناعات المتقدمة والمعدات العسكرية والأقمار الصناعية, وبالتالي من يُحكم السيطرة على الرقائق الإلكترونية يقود العالم.

واليوم أعلنت إيران عن ممر نقل جديد يربط روسيا بإيران والهند ويؤدي إلى توسيع جغرافية النقل إلى الهند وباكستان ودول الخليج والقوقاز وآسيا الوسطى, والسؤال بعد كل ماسبق هل ستبقى الولايات المتحدة صامتة كالطفل الوديع؟ لاأظن.

وإن أمعنا النظر في ساحات الحرب العالمية الثالثة المرتقبة, نجد أن الحرب ضد الكيان الصهيوني هي إحدى هذه الساحات, وهناك تصريحات توحي بالتهديدات الواضحة لبدء الحرب بين محور المقاومة والكيان, فإيران على وشك أن تصبح دولة نووية وهي تُعتبر إضافة للمخزون الإستراتيجي العربي والإسلامي خاصة بعد إتمام الاتفاق السعودي الإيراني ووأد الفتنة الشيعية السنية التي كانت خنجراً بيد الكيان الصهيوني, وبالأمس قال الإعلام الصهيوني : إن إغلاق ملف مريفان النووي الإيراني له تداعيات خطرة على ماتسمى "إسرائيل" وأن صواريخ إيران البالستية الدقيقة تشكّل تهديداً لـهم وللولايات المتحدة الأمريكية, ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والأمن البرلمانية الصهيونية اعترف أن التحالف بين روسيا وإيران تحالف استراتيجي ولن يختفي في السنوات القادمة, وأضاف أن إيران تعمل على تحسين قدرتها في هذا التحالف, وعليهم فعل أي شيء لتعطيل هذا التحالف.

مما سبق نستطيع القول أن غالبية دول العالم إما داخلة في حرب أو أنها تستعد للمشاركة في الحرب مع حلفائها, وجميعنا سمعنا صندوق النقد الدولي أعلن أن وضع الدين العام الأمريكي قد يؤدي لمخاطر نظامية للاقتصاد العالمي.

الخلاصة, أمريكا والصين على شفا الحرب العسكرية في ظل الأحداث الأخيرة على جزيرة تايوان, فهل كل ما يحدث هو نتاج ٌ لظهور عالم متعدد الأقطاب, أم هو لأجل بناء عالم متعدد الأقطاب؟ وهل سيتحقق ماقاله أينشتاين أن الحرب العالمية الرابعة ستكون في العصي والحجارة؟ منوهاً بذلك إلى أن الحرب العالمية الثالثة ستكون نووية مدمرة لكل الأرض أو لغالبيتها؟ نسأل الله الرحمة للبشرية.  

المصدر: موقع إضاءات الإخباري