كَتَبَ د. إسماعيل النجار:
مقالات
كَتَبَ د. إسماعيل النجار: "واشنطن تسعى لإقناع بكين بِالِابتعاد عن موسكو، بمقابل عالم ثنائي القطب يشملها."
د. إسماعيل النجار
13 حزيران 2023 , 06:34 ص


هيَ جعبَةُ الشيطان الأكبر التي لا تَفرُغ من المخططات الشيطانية والطروحات الإبليسية التي تُغري بالشكل واللون وليس بالطَعم.

إبليسُ العالم هذا يتقهقر وينهزم،وتضيق عليه بعض جغرافيا الدنيا، حيث لا تفاهم معه ولا حلول.

لقد بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تدفع ثمن سياساتها الإجرامية التي مارستها على مدى مِئَة عام، في كل أنحاء العالم، بدءا من الحربين

العالميتين الأولى والثانية، مروراً بحرب فيتنام، وصولاً إلى حصار كثير مِن الدوَل، بلا رحمة ولا شفقَة، وقتلِها لعشرات الملايين دونَ وازعٍ أو رادع.

فهي تستكملُ مخططها القاضي بتفكيك روسيا الِاتِّحادية،بعدتفكيك الِاتحاد السوڨياتي السابق، وهيَ التي لَم تكُن تتوقَع صعود الصين بهذه السُّرعة، وبهذا الحجم بعد تحطيمها لليابان.

وهي التي لم تكن تتوقع صعود دولة إسلامية مثل إيران أصبحَت قوية وقادرة وعَدُوَّة لدودَة لها، فهي بَنَت حساباتها في غير زَمَن على غير تقدير، ولكن ما حصَلَ من متغيراتٍ وتطوُّرات وتبدُّلات على الساحه الدولية فاجأها وهي الدولة الطائشة المغرورة التي لا تقيم وزناً ولا قيمة لأحد.

تراجَعَ نفوذ أمريكا كثيراً،في الكثيرمن دُوَل العالم،ومنها آسيا وفي غربها تحديداً، فكانت التحولات أكبرَ من قدرة قادة الدولة العميقة على اِستيعابها، كولادة الدولة الإسلامية الإيرانية، والحشد الشعبي العراقي، وأنصارِالله في اليمن، وحزب الله في لبنان،ناهيكَ عن تمرُّدِ فنزويلا في حديقتها الخلفية، وبعض جاراتها، حتى إنّ السعودية بدأت تتزحزح من تحت عباءتها ومعها كثيرون.

الصهيونيةُ العالميةُ التي تشملُ الصهيونيةَ اليهوديةَ والمسيحية، بالغت في القهر والظلم، وفي تحدِّي البشرية والإنسانية جمعاء، لدرجة أنّها صنعت تنظيمَ القاعدة،وادَعَت أنهاتحاربهُ وصنعت داعشَ وهي أيضاً تَدَّعي أنها تحاربُه، لخِداع العالم،وهم كذلك يُشعلون الحروبَ على الكرةالأرضية، ويُنَصِّبون أنفُسَهُم وسطاءَ فيها،وهم مع هذايتشدقون بالديمقراطية، وهم أكثر حكومات العالم ظُلماً وعنصرية.

أشعلوا الحرب الأوكرانية الروسيةوفرضواعلى أوروپّا السَّيْرَفيهاودعمهاوتغذيتَها حيث أصبحت خزائنهم فارغةً واقتصاداتُهم مُهَدَّدَةوبدأوايلهثون خلفَ تخفيض ميزان المدفوعات على حساب شعوبهم، وتخفيض التأمينات، ورفع الضرائب،كرمَىَ لعين أمريكا وانبطاحاً تحت أقدامها.

عندما وقعت السعودية في الصين اتفاق مصالحة مع إيران، وقررت معها تشكيل حلف عسكري بحري، لحماية المضائق وتأمين حرية الملاحة ومحاربة القرصنة، اعتبرت واشنطن الأمر تجاوزاََ كبيراً عليها، وأنّ الأمرَ خطيرٌ لأنه يُكَبِّلُ أيديَ وأرجُلَ إسرائيل في المياه الإقليمية العربية فوق المياه، فاستعجلت إرسال وزيرخارجيتهاأنتوني بلينكن إلى الرياض،لِاقتراح تشكيل حلفٍ عسكريٍّ بحري أقرَّهُ الكونغرس الأمريكي،يضمُّ دوَلَ تحالفِ "أبراهام"، بوجه ما أسمته الإرهابَ الإيرانيَّ في خليج فارس، تكون إسرائيل شريكا أساسياً فيه، ولها اليَدُ الطُولَىَ.

لأنّ العُرْفَ الأمريصهيوني

يقضي بمنع أن تتشارك دُوَلُ الخليج مع إيران، بأيِّ تحالف، فهذا الأمر يهدد إسرائيل ويحاصرها؛أما أن يتشاركوا معها ومع تل أبيب، في حلفٍ عسكريٍّ لمحاصرة إيران، فهذا الأمر جائز أمريكياً وصهيونياً.

اقتصادياً، ممنوع على دُوَل الخليج بناء شراكةٍ اقتصاديةْ مع إيران والصين وروسيا، ولكن هيَ تسمح لنفسها بالذهاب إلى الصين، لبناء علاقات مميزَة، والعمل على خفض التوترات معها، وَمحاولةِ إقناعهابالتخلي عن تأييدها لروسيا في الحرب الدائرة مع الناتو،مقابل الِاعترافِ بعالمٍ جديدٍ ذي قطبين تكون بكين فيه بديلاً عن الِاتِّحاد السوڨياتيِّ السابق، في مقابل هزيمة روسيا وتفتيتها إلى خمسة دُوَل وتجريدها من السلاح النووي.

ما تعمل له أمريكا، لأجلها ولأجل ربيبتها إسرائيل، ممنوع على الآخرين منعاً باتاً.

العالم اليوم يتغيَّر، فهناك عالَمٌ يأفُلُ نجمهُ وآخرُ تُشرِق شَمسُهُ، وأمريكا تحاول إطالة عمرها، في أُحاديَة حكم العالم من دون شريك، فهي تحاول خداع الصين التي عَلَّمَت العالم المكر والصبر والخداع.

بلينكن، سيخرج من بكين خالِيَ الوِفاضِ، وبيدين فارغتين، حتى من خفض التصعيد، لأنَّ الصينَ لا تساومُ على تايوان، ولا على وحدة أراضيها.

أمريكا تدفع بأقليةِ الإيغور المُسلِمَة، للمطالبة بالحكم الذاتي، أو بالِانفصال عن الصين، للتّسبُّبِ بذبحهم، فقط لأنهم مسلمون، كما حصل ويحصُلُ في بورما، منذ سنوات،

على كل حال، بِانتظار جلاء الغُبارِ عن سماء المعارك في أوكرانيا، سننتظر معاً ماذا سيحصل للوحدَة الأوروبية، وعلى ماذا سيتكئ اِقتصادُ القارّةِ العجوز، وماذا ستفعل بهم روسيابعدماتُعلن انتصارها على الناتو؟

بيروت في...

12/6/2023 

المصدر: موقع إضاءات الإخباري