واقعٌ يتغيَّرُ لغيرِ صالحِ أمريكا وأوروبا، ويفرِضُ نفسَهُ من خلال وقائع الميدان، على الساحةِ الأوكرانية، وحجمُ الخسائرِ التي تُلْحِقُهُ آلَةُ الدّمارِ الروسيةُ الفتَّاكَةُ في الجيش الأوكراني وأسلحتِهِ الغربيةِ، كبير جداً.
روسيا العُظمَىَ أهانت الباتريوت ودبابة الأبرامز، وقَهَرَت ليوبّارد الألمانية، وأسَرَت صواريخ جيفلين، ومزّقت مدرعات mx15 الفرنسية، وأنواع أُخرَىَ كثيرة من السلاح السِرِّي الأميركي والأوروبي المتطور، فيما فلاديمير بوتين مُصَمِّمٌ على إبقاءِ الحربِ مفتوحةًعلى أمريكا وأوروپا،حيثُ فتحتهاأمريكا على الأرض الأوكرانية، وربماتتمَدَّدُلطالما بدأوها.
والرئيس الأمريكيُّ جو بايدن يرفض التفاوضَ والتسليمَ بنتائج هذه الحرب.
لذلك يفترِضُ المُراقبون أنَّ مخاطرَ الِانزِلاقِ نحو مواجهةٍ مباشرةٍ بين القوّتَيْنِ العُظمَيَيْنِ لا تزالُ مُحتَمَلَةلأن الدولةَالعميقةَ في العالم الشيطاني المثلي لن تستسلم،لصمود روسيا ولالعناد القيصر، ولن تُسَلِّمَهُ مفاتيحَ نصرٍ مؤزَّرٍ، بهذه البساطة.
بدورِها أبواب المفاوضات مُوصَدَةٌ أمريكياًولا بصيص
أمل يَلُوحُ في الأُفُق،نحو أي حَلّ، لأن العالم منقسم عمودياً، ولا يوجد فيه حالة وسط "تُشكِّلُ" جِسْرَ عبورٍ نحو الحوار والسلام.
مخازن الدُوَل الغربية بأكملها أصبحت شبهَ خاويةٍ من السلاح والذخائر، والمصانعُ الحربيةُ الأوروبيةُ، خصوصاً الفرنسيةُ والبريطانية
◦ ليست لديها الكفاءةُ العاليةُ لِإنتاج كل ماتحتاجُهُ الحرب في أوكرانيا، أمَّا المخازنُ الِاحتياطيةُ الأميركيةُ في الشرق الأوسط، والكيان الصهيوني، فباتت شِبْهَ فارغة،مع العلم أن تلأبيب تعتمد اعتماداً كُلِّياً عليها، فأصبحت تل أبيب اليوم تعيش هاجس الحرب مع المقاومة في لبنانَ بسبب تنامي قدراتها وقوتها، والنقصِ الحادِّ في السلاح ِ والعِتادِ والذخائرِ لَدَيْها، بينما روسيا القيصر لا تزالُ تستخدمُ مختلفَ أنواع ِ الأسلحةِ والدباباتِ وراجماتِ الصواريخ بكثافةٍ، مُعمِدةً على تخزينٍ عسكريٍّ كبير، مُنذُ العهدِ السوڨياتي السابق.
◦
فهيَ أستخدمت في هذه الحرب كامل السلاح ِ والعتادِ القديم،من طائراتٍ ودباباتٍ وآلياتِ نقلٍ عسكرية مدرعه وغير مدرعه، الأمرُ الّذي وفَّرَعلى موسكو خسارة أعتدةٍ عسكريةٍ جديدة ومتطورة، فاستفادت منها روسيا في بدايةِ المعركةٍ غيرَ آسٍفَةٍ على خَسارَتِها بعضَها طالما أنّها "وفَّت قِسطها لِلعُلا".
بدَورِها واشنطن تَتخبَّطُ، وتحاولُ تبريدَ بعضِ الجبهاتِ على جنباتِها ومن حولها، وعلى رأسها جبهة إيرانَ التي تُشَكًِّلُ بالنسبةٍ لها الرعب الأكبر في المنطقه.
والهدف هوَ: عدمُ السماح لِأحَدٍ في العالم بإشغالها ومحاصرتها،ولكنها لا زالت تضغَط في بعض الأماكن المهمة بالنسبة إليها، كلبنان وسوريا، اللّذيْنِ يُشكًِلان ِ،بحساباتها، مصدرَ قلقٍ وإزعاجٍ دائمٍ لإسرائيل.
إنَّ المعركةّ معَ موسكو تعتبَرها واشنطن أولوية، ومتقدِمَةً على غيرها من القضايا، فهي تريد من خلالِها استنزافَ روسيا وكسرَها، لإخضاعها من أجل أن تتفرَّغَ لمواجهِة الصينِ في المستقبل.
◦ ومن أجلِ كسرِ روسيا هَذِهِ، تحاولُ أمريكا حالياً تخفيفَ التوتُّرات وإطفاءَ الحرائقِ بينها وبينَ الصين، في محاولةٍ منها لِخَلْقِ جَوٍّ توافقيٍّ جديد،وعزل ِروسيا بغايةِ دَقِّ إسفينٍ بين البلدين، لكنها لن تُفلِحَ ولن تنجح.
◦
الأمورُ، بكُلِّ تأكيدٍ ، ستزدادُ سوءاً في أوكرانيا، وحسمُ نتائج ِ الحربِ يحتاجُ إلى صبرٍ وثبات، لِعِدّةِ أشْهرٍ أُخرىَ، ورُبّما أكثرَ، حتى تصرُخَ أوروبا قبل أميركا وينتهي الأمر، بينما في أوكرانيا، لن يبقى رجال حتى يحملوا السلاحَ ويقاتلوا، بسبب ضراوَةِ هذه المعركةِ وشراسَتِها.
بيروت في...
18/6/2023