بقلم : حمدي فراج
بعض الخجل يا سيدتي ، على الأقل احتراما للتاريخ الأسود الذي ارتكبته أمريكا البيضاء بحق جدك و جدتك السوداء ، فمن ترفضين منحهم بعض ساعات "هدنة" ليتوقف جزرهم و هدم منازلهم فوق رؤوسهم ، هم مجرد أطفال لا ذنب لهم الا انتماءهم العفوي الوراثي لفلسطين ، تماما كما هو انتماءك العفوي الوراثي للون الأسود . بعض الخجل يا سيدتي وانت تحتلين الموقع الأمني الأول في العالم ، او ما يسمى زورا وكذبا بالأمم المتحدة ، ترى ، لمن يمكن ان يلجأ هؤلاء الأطفال بعد أن أشهرت سلاح الفيتو في وجوههم البريئة و منعت إنقاذ ما يمكن إنقاذه منهم ، الطفل الذي أفاق في المستشفى المقصوف ليخبرنا ما حصل معه ؛ وجد جميع اهله لا يتحركون ، وجد ساقه مقطوعة بجانبه و رأى مسعفا يحمله ، ما يؤسفه يا سيدتي انه لن يستطيع بعد اليوم ان يلعب كرة قدم ، و هذا بالتحديد هو الذي فجّر دموعه في عينيه . كأنك رسميا من حطّم أحلامه ان يكون لاعبا مشهورا مثل مسي و رونالدو و صلاح . الطفل الذي يطلب من أخيه الأصغر و هو يفارق الحياة : قل اشهد ان لا اله الا الله ، كي لا يكون الله غاضبا منه ، بعد ان كنت بما تمثلين غاضبة منه . بعض الخجل يا سيدتي ، و أنت تنظرين الى ظاهرة ان يكتب الأطفال على أطرافهم أسماءهم ، كي يستطيع آباءهم او امهاتهم او اقرباءهم التعرف على اشلائهم او ما يتبقى من أجسادهم الطرية . هل أنت عنصرية الى هذا الحد ، وانت الخارجة من أتون العنصرية ، كما أصحاب الدولة الذين عانوا من المذابح و التطهير العرقي ، فيمارسونه اليوم بحق غزة قصفا و قتلا و ردما و تشريدا و تجويعا و تعطيشا و تعتيما بدعوى وزير الدفاع انهم مجرد حيوانات بشرية ، ألم يذكرك هذا بالمطاعم التي ربطتكم بالكلاب و قد كتب على مدخلها "ممنوع دخول السود و الكلاب" . كل هذا من أجل عدم اغضاب نتنياهو المطلوب للمحاكمة بتهم الفساد و الرشوة ومعه اركان حكومته بن غفير و سموترتش الذين ينكرون وجود شعب فلسطيني من أصله ، و ينادون علنا بابادة حوارة و جنين واحتلال الأردن و قصف الاهرامات و تجفيف النيل .. الخ ، و أحيلك الى تصريح عضو كنيست من جماعة بن غفير اسمه ألموغ كوهين قال فيه "ان قتل الفلسطينيين هو الشيء الأكثر أخلاقية الذي يجب القيام به" ، كان ذلك قبل عملية طوفان الأقصى بعشرة أيام .
لقد كنت خلال هذه الفترة الرهيبة من محنة قطاع غزة ، و معك أخوك في اللون ، وزير الدفاع ، أسوأ عنوانين لعذاب الانسانية ، تأملنا فيكما الخير و العدل و الحرية و السلام و الاجهاز على العنصرية ، التي لطالما عانيتم ونحن معكم منها ، عنصرية اللون و عنصرية الدين ، فسقطتما فيما هو أسوأ و أحقر من ذلك بكثير ، عنصرية مركبة تجعل من ضحايا العنصريين اكثر عنصرية إزاء ضحايا آخرين لعنصرية أخرى او حتى نفس العنصرية ، ما يمكن ان نطلق عليه "عنصرية الناجين من العنصرية" ، فتبدو نظيرتك السالفة ، نيكي هيلي ، أكثر أخلاقية وإنسانية منك . إن دماء أطفال فلسطين الأحمر سيظل عالقا على يدك التي ما زالت سوداء .