تعتبر البراكين من أخطر الكوارث الطبيعية التي تواجه البشرية، ولذا فإن القدرة على التحذير والاستعداد المبكر قبل وقوع ثورة بركانية باتت تمثل أهمية بالغة. وفي هذا السياق، تشير دراسة حديثة إلى أن مراقبة سلوك النباتات قد توفر مؤشرًا مبكرًا للنشاط البركاني، مما يسمح بالتحذير واتخاذ التدابير اللازمة في الوقت المناسب.
التحديات الحالية:
يعتمد رصد النشاط البركاني التقليدي على مؤشرات مثل زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ولكن اكتشاف هذه الانبعاثات يمثل تحديًا نظراً لمستويات التركيز الطبيعية للغاز وصعوبة الوصول إلى العديد من المواقع البركانية. وبالتالي، فإن البحث عن طرق جديدة وفعالة للتنبؤ بالنشاط البركاني أصبح ضرورة ملحة.
الدراسة الحديثة:
لحل هذه المشكلة، قام فريق من الباحثين بجامعة ماكجيل بإجراء دراسة لاستكشاف ما إذا كانت صحة النباتات يمكن أن تكون مؤشرًا للنشاط البركاني. قام الباحثون بتحليل صور الأقمار الصناعية لحديقة يلوستون الوطنية على مدى ثلاث فترات متميزة من الزمن، بدءًا من عام 1984 وحتى عام 2022. وتعتبر حديقة يلوستون نظامًا بركانيًا كالديرا كبيرًا وديناميكيًا، حيث ينبعث منها كمية كبيرة من ثاني أكسيد الكربون.
النتائج والاستنتاجات:
أظهرت النتائج وجود علاقة بين زيادة خضرة النباتات والنمو المعزز الناتج عن ثاني أكسيد الكربون الإضافي، وتحول لون النباتات إلى اللون البني مع ارتفاع نشاط البراكين. يُعزى ذلك إلى ثاني أكسيد الكبريت وارتفاع درجات الحرارة التي تسبب موت النباتات. وبناءً على هذه النتائج، اقترح الباحثون استخدام صور الأقمار الصناعية لمراقبة صحة النباتات
كما تشير دراسة حديثة إلى أن مراقبة سلوك النباتات يمكن أن تكون طريقة فعالة ومبكرة للكشف عن النشاط البركاني المحتمل. تعتمد هذه الدراسة على مفهوم أن البراكين تسبب تأثيرات جوية وبيئية تؤثر على النباتات المحيطة بها.
تبنت الدراسة منهجًا بحثيًا مبتكرًا من خلال تحليل الصور الأقمار الصناعية لحديقة يلوستون الوطنية، وهي منطقة بركانية شهيرة في الولايات المتحدة. استمرت الدراسة لفترة زمنية تمتد من عام 1984 حتى عام 2022، مما أتاح للباحثين فهم التغيرات الطويلة الأمد في النباتات وربطها بالنشاط البركاني.
أظهرت النتائج أن هناك علاقة واضحة بين الزيادة في خضرة النباتات والنشاط البركاني. عندما يزيد النشاط البركاني وتتزايد انبعاثات الغازات والمواد الصلبة، يتأثر البيئة المحيطة بذلك. يتسبب انبعاث ثاني أكسيد الكبريت الناتج عن البراكين في تغيير لون النباتات من الأخضر إلى البني، وهو مؤشر قوي على النشاط البركاني.
أهمية هذا الاكتشاف
قد يبدو هذا الاكتشاف غير مألوف، ولكنه يفتح آفاقًا جديدة في مجال رصد النشاط البركاني. فالنباتات تُعَدُّ مجسات حية تستجيب للتغيرات البيئية، وبالتالي يمكن استخدامها للكشف المبكر عن النشاط البركاني المحتمل واتخاذ التدابير الوقائية المناسبة.
يمكن أن تكون هذه الطريقة مفيدة للغاية في المناطق التي يكون فيها الوصول إلى البراكين صعبًا أو محظورًا بسبب الظروف الجيولوجية الصعبة أو الأخطار البيئية. بدلاً من الاعتماد على المراقبة المباشرة للبراكين، يمكن للباحثين والعلماء أن يستخدموا تقنيات المراقبة عن بُعد لمراقبة النباتات وتحليل حالتها الصحية كمؤشر مبكر للنشاط البركاني.
في الختام، تشير هذه الدراسة الحديثة إلى أهمية استكشاف وتطوير طرق جديدة للتنبؤ بالنشاط البركاني المحتمل. إذا تم توظيفالنباتات كمؤشرات حية للنشاط البركاني، فقد يتم تعزيز جهود التحذير المبكر والحد من المخاطر المحتملة المترتبة على الثورات البركانية. ومع تطور التكنولوجيا في مجال المراقبة البيئية والاستشعار عن بُعد، يمكن توظيف النباتات كأداة قيمة في رصد البراكين وفهم العمليات الجيولوجية الداخلية.