مع استمرار الحرب على قطاع غزة، بدأت الخلافات تدب بين أقطاب "الكابينيت" (المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية)، حول استمرار الحرب أو الانتقال إلى المرحلة الثالثة.
وتحدثت تقارير أمريكية عن ملامح الانقسام في الحكومة الإسرائيلية بشأن مستقبل غزة، ومدى تأثيره على الحرب التي تشنها على القطاع منذ أكثر من 3 أشهر، حيث هناك من يرى ضرورة استمرار الحرب حتى الانتصار، ويرى آخرون أهمية التفاوض لإنهاء الصراع وتحرير الرهائن.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي عقده في قاعدة "كيريا" في تل أبيب، إنه "خلافا لما يقولون، فإن الحرب مستمرة على الجبهات كافة، وستستمر حتى تحقيق جميع الأهداف".
وأضاف: "لهذا الغرض قمنا بتحويل ميزانية حربية ضخمة ستساعد الجيش على تحقيق أهداف الحرب وتحقيق النصر"، بحسب القناة "13" الإسرائيلية.
واعتبر نتنياهو أن "النصر سيستغرق أشهرا كثيرة لكننا مصممون على تحقيقه، ليس فقط ضرب حماس، وليس جولة قتال أخرى، بل النصر الكامل"، وأكد أنه "إذا توقفت الحرب قبل تحقيق أهدافها فسيكون ذلك ضررا لأمن إسرائيل لأجيال عديدة".
وطرح بعض المراقبين تساؤلات بشأن مدى تأثير انقسام حكومة الحرب الإسرائيلية على سير المعارك في قطاع غزة، لا سيما بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها وتحرير رهائنها.
أزمة داخلية
اعتبر الدكتو أحمد فؤاد أنور، الأكاديمي المصري والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن "موضوع اليوم الثاني للحرب ومستقبل قطاع غزة من الموضوعات التي باتت تؤرق الحكومة الإسرائيلية، والحديث عنه قد يفجر الحكومة من الداخل، في ظل تحذيرات وتهديدات سموتريتش والوزراء الأكثر تطرفا في الحكومة بشأن مجرد المناقشة فقط".
وتابع : "إسرائيل كانت تأمل وتحلم بأن يأتي من يخلصها من قطاع غزة، وتتحدث في إطار إدارة قطاع غزة عن عشائر بالقطاع تتعامل مع الاستخبارات الداخلية وبالطبع هذا حل غير عملي، حيث تم من قبل محاولة تسمية رابطة القرى في حدود الأراضي الـ 48 وفشلت بامتياز، خاصة أن المقاومة لا تزال تمتلك قدرات تواجه بها الجيوش".
وأردف : "إذا كان هناك من يأتي على ظهر دبابة إسرائيلية لإدارة قطاع سيوجه بقوة من فصائل المقاومة، بالتالي لا بد من إشراك المقاومة في تقرير مصير مستقبل القطاع"، مضيفًا أن الدول العربية المنوط بها إعادة إعمار غزة وتمويله ستضع شروطا كثيرة قبل أن تتبرع وتستجيب لهذا الإعمار".
وأكد أنور أن "أمريكا ترى أن مصالحها في خطر ويجب الانتقال للمرحلة الثالثة التي يتم فيها سحب القوات البرية بالكامل والاكتفاء بعمليات نوعية هنا أو هناك، ضربات جوية، في نفس السياق هناك تكتيك يراهن نتنياهو عليه وهو الحديث عن العام المقبل، لتحقيق الانتصار الكامل على مدى بعيد، هو يدرك أنه لن يبقى لهذا الوقت، لكن حينما يتم محاسبته سيقول إن الخطة كانت ترتكن إلى محاربة حماس لمدة عام وهناك من دفعهم على إنهاء المهمة في منتصف الطريق".
ومضى قائلًا: "نتنياهو يحاول تعويم حكومته وربح بضع أسابيع لكي يناور فيها لتحسين صورته أمام لجان التحقيق المزمع تشكيلها، لكن في النهاية لابيد رفض الانضمام للحكومة وليبرمان كذلك، وغانتس بات يفكر جديا في مغادر السفينة الغارقة".
رغبة أمريكية
بدوره اعتبر الدكتور أيمن الرقب، السياسي الفلسطيني والقيادي في حركة فتح، أن "نتنياهو لا يزال يملك قوة التأثير على مجريات الحرب في قطاع غزة، باعتبار أن الانقسام لم يطل غالانت وديومر وزير التخطيط الاستراتيجي، وبالتالي ثلاثة من أصل خمسة من كابينيت الحرب مع استمرار الحرب".
وبحسب حديثه : "غانتس وآيزنكوت مع وقف الحرب وإتمام صفقات تبادل الأسرى وبعد ذلك للعودة للحرب مرة أخرى في الوقت المناسب، فيما يرفض نتنياهو ذلك".
ويرى الرقب أن "ذلك بمثابة رفض الانتقال للمرحلة الثالثة من الحرب، والتي ترتكز على التموضع في عدة مناطق في غزة ومن ضمنها محور فيلادلفيا وتنفيذ عمليات نوعية عبر حرب استنزاف".
وتابع: "أمريكا تريد الانتقال إلى هذه المرحلة لكن نتنياهو يرفض باعتبار أن مصلحته في استمرار الحرب، ما دفع وسائل إعلام أمريكية وللمرة الأولى تتحدث عن مناقشة واشنطن لليوم الثاني بعد نتنياهو على أمل إحياء عملية السلام، وذلك بعد تأكيد المملكة العربية السعودية أنه لا تطبيع قبل قيام الدولة الفلسطينية، وهو لن يتم خلال تولي نتنياهو الحكم".
ويعقد المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت" اجتماعا، لبحث الخلافات الداخلية بشأن سياسة إدارة الحرب على قطاع غزة.
وذكرت صحيفة "يسرائيل هايوم" الإسرائيلية، أن الكابينيت الإسرائيلي سيجري مناقشة مهمة لبحث الخلافات الداخلية وادعاءات الوزراء الإسرائيليين ضد سياسة إدارة الحرب في غزة.
نقلت تقارير إعلامية أمريكية عن مسؤولين أمريكيين، أن خطة واشنطن بشأن ما بعد حرب غزة لا تلقى قبولاً واسعًا، ما أثار الخلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل من ناحية، وحكام الشرق الأوسط من ناحية أخرى.
وسُئل نتنياهو عن التقرير الذي بثته شبكة أمريكية الليلة الماضية والذي يفيد بأن مسؤولين بإدارة بايدن التقوا عددا من المسؤولين بإسرائيل في إطار الاستعداد لـ "لليوم التالي" لولاية نتنياهو كجزء من خطة تشمل السلام مع المملكة العربية السعودية إلى جانب خطوات لإقامة دولة فلسطينية.
وفي هذا الصدد، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي: "لا أعرف ما يقال لجميع السياسييين في إسرائيل، لكن أولئك الذين يتحدثون عن اليوم التالي لنتنياهو يتحدثون في الواقع عن إقامة دولة فلسطينية مع السلطة الفلسطينية".
وقال نتنياهو أيضًا: "في أي ترتيب مستقبلي - يجب على دولة إسرائيل أن تسيطر من الناحية الأمنية على جميع الأراضي الواقعة غرب الأردن". وبحسبه فإن "من يتحدث عن اليوم التالي لنتنياهو يتحدث عن اليوم التالي لمعظم مواطني إسرائيل".
وأضاف نتنياهو أن "اليوم التالي هو اليوم التالي لحماس: نزع السلاح الكامل عن قطاع غزة وإقامة إدارة مدنية"، متابعا "نحن نقدم الحد الأدنى من المساعدات الإنسانية