ليس بالضجيج الكلامي نحمي دولة فلسطين من قرار
مقالات
ليس بالضجيج الكلامي نحمي دولة فلسطين من قرار "الفاشية اليهودية"!
حسن عصفور
22 شباط 2024 , 11:29 ص

استكملت أجهزة دولة الفاشية اليهودية، بأضلعها كافة، موقفها المعادي للكيانية الوطنية الفلسطينية، بعدما أقر برلمانها "الكنيست" بأغلبية ساحقة (99 نائب من أصل 120 مقابل 9 فلسطينيين ويهودي واحد) يرفض كليا وجود دولة فلسطينية، بعدما أعلن رأس التحالف الفاشي نتنياهو وحكومته ذات الموقف.

التحرك "اليهودي الرسمي" ضد دولة فلسطين، محاولة مكشوفة لفرض جدول أعمال معاكس لما بدأ يطل براسه جدولا يبحث عن آلية ما للذهاب نحو الاعتراف بدولة فلسطين، في سياق الحديث عن تكريس النظرية الأمريكية القديمة المعروفة بـ "حل الدولتين"، بعيدا عن مصداقية تحالف واشنطن السياسي، لكنها أصبحت جزءا من "خطة عربية" تم وضعها ضمن "لقاء سداسي وزاري"، كموقف يمثل قاعدة انطلاق لأي عملية سلام في المنطقة.

دولة الفاشية اليهودية، برسالتها الرافضة لوجود دولة فلسطينية، محاولة سريعة لقطع الطريق على الذهاب الى الأمم المتحدة وطلب رفع عضوية دولة فلسطين من عضو مراقب الى عضو كامل، وهو ما بدأ يقفز سريعا على المشهد السياسي العام، وخاصة بعد قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، بمطالبة غالبية دوله بذلك الحق الفلسطيني.

دولة الفاشية اليهودية، بقرارها، جزء من محاولة استباقية لقرار محكمة العدل الدولية، التي تبحث في جلساتها ماهية استمرار الاحتلال لأرض دولة فلسطين، بطلب من الأمم المتحدة، والتي تشير معالم مسار المحكمة إلى أنها ستذهب الى التوصية بلا قانونيته وضرورة الانسحاب الفوري، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، ومنها الاعتراف بفلسطين دولة عضو كامل العضوية.

موضوعيا، لا يوجد مفاجآت سياسية يمكن قراءتها من قرار دولة الفاشية اليهودية، كونها من حيث المبدأ تخلت عن قواعد التعامل مع "بوادر الكيانية الفلسطينية"، وقامت بانقلاب شامل على الاتفاقات الموقعة التي قادت للاعتراف المتبادل، واستبدلتها بـ "إنشاء نظام فصل عنصري" في الضفة والقدس، وضم أجزاء منها خارج القانون، فيما كرست العملية الانفصالية بين الضفة وقطاع غزة منذ عام 2005، ما قبل الانقلاب الحمساوي، لتعزيز المشروع التهويدي البديل، للمشروع الوطني الفلسطيني.

قرار دولة الفاشية اليهودية رفضا لدولة فلسطين، هو تتويج مسار فكري – سياسي مرتبط بشكل مباشر بنفي "الفلسطنة" دولة وشعبا، والعودة لما قبل 1993 بالتعامل مع "سكان محليين" لهم بعض حقوق في ظل نظام فصل عنصري فريد، نظام جامع بين ثالوث مركب من "العنصرية والاحتلال والفاشية"، لا مثيل له بما سبق نماذجا استعمارية – اضطهاديه احتلالية لشعوب ودول، بما فيه الأشهر في جنوب أفريقيا.

ما أقدمت عليه دولة "الفاشية اليهودية" هو جزء من سياق اتفاقي مع الإدارة الأمريكية، التي أعلنت موقفا شاذا بل ووقحا فاق كل منطق، عندما طالبت محكمة العدل الدولية بعدم الذهاب لإصدار قرار بانسحاب قوات الاحتلال الفوري، وتريد لها أن تعيد انتاج الاحتلال الى زمن جديد، ما يقطع الطريق على "الكيانية الفلسطينية"، وترسيخ "النظام الجديد"، واستخدامه لاحقا لصياغة معادلة تأجيل الاعتراف بفلسطين الدولة الى حين التوصل الى "اتفاق سلام شامل"، وهو الذي لن ير النور أبدا مع دولة كما هي دولة الكيان راهنا.

قرار دولة "الفاشية اليهودية" يضع الرسمية الفلسطينية أمام مفرق طرق سياسي، حول آلية الرد والمواجهة، خاصة ومحكمة العدل الدولية أوشكت على انتهاء أعمالها قريبا، وستصدر حكمها القطعي لصالح فلسطين، ما سيمنحها قاطرة دفع للتحرك نحو تطبيق ما كان يجب تطبيقه.

بعد ما يقارب الـ 12 عاما على تأخير إعلان دولة فلسطين، ما سمح للعدو دولة واحتلالا بتغيير شمولي في هوية أرضها، لم يعد هناك خيارات أمام الرسمية الفلسطينية يمكنها التحرك بينها، سوى خيار واحد وحيد هو إعلان دولة فلسطين تحت الاحتلال.

قبل فوات الآوان، يجب ان تنتفض مؤسسات الكيانية الوطنية الفلسطينية (منظمة وسلطة) للذهاب نحو خيار التحدي الكبير...فالانتظار، والبحث عن خيارات غير الخيار الوطني بإعلان دولة فلسطين تحت ذرائع مختلفة، سيكون نصرا كاملا للمشروع المعادي، والدخول في نفق ظلام سياسي طويل.

كل بيان استنكاري – احتجاجي لقرار دولة "الفاشية اليهودية" دون فعل، سيكون حجرا مضافا لبناء المشروع النقيض للمشروع الوطني...فليس بالضجيج الكلامي نحمي دولة فلسطين، التي تنتظر كسر قيدها الذاتي قبل كسر قيد العدو لها.

ملاحظة: في ذكرى الـ 55 لولادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تحية لمن شق "التمرد السياسي" على النمطية السائدة دون حسابات الارتعاش، لباكورة برنامج وطني كان قاطرة مكاسب ثورية للشعب والمنظمة...في ذكراها قبضة ترفع للشهداء والأسرى والجرحى ومن دفع ثمنا..للرفيق المؤسس "أبو النوف"، ومن حمل راية مواصلة طريق لا طريق غيره نحو فلسطين دولة مستقلة خالية من الطائفية والكراهية السياسية.

تنويه خاص: رغم أنه تشابه كريه للأحرار في العالم، لكنه يشير عن "خنق جديد" لهم لما قال مسؤول من سياحة دولة العدو بأن دولتهم باتت مثل "كوريا الشمالية"..لا رايح ولا جاي عليها..ولسة لو البعض من بني جلدتنا يسكر عليهم كان حالهم صار ويل الويل..جاية جاية ما تخافوا.