الفرق بين المواقف الواضحة والمواقف الملتبسة
مقالات
الفرق بين المواقف الواضحة والمواقف الملتبسة
راسم عبيدات
23 أيار 2024 , 04:51 ص


بقلم :- راسم عبيدات

لم يعد هناك عذراً لمن هم عمي البصر والبصيرة من قادة النظام الرسمي العربي والقيادة الفلسطينية،المؤمنين بخيار ونهج وثقافة المفاوضات والثقة بأمريكا، فها هم قادة حكومة الإحتلال من فاشية يهودية ويمين متطرف يزدادون عنصرية وتطرفاً في مواقفهم تجاه شعبنا الفلسطيني وقضيته وحقوقه الوطنية المشروعة،فوزير حرب الإحتلال غالانت يعلن عن الغاء فك الإرتباط مع شمال الضفة الغربية،وهذا الغاء يشمل العودة الى مستوطنات شمال الضفة الغربية التي تم اخلاؤها في فك الإرتباط مع مستوطنات ومراكز الجيش في قطاع غزة من قبل شارون في صيف /2005،حيث اضطر شارون للخروج من تلك المستوطنات،وشمل ذلك مستوطنات "كاديم" و"غانيم" "سانور" و"حومش،حيث سيعود المستوطنين اليها ...وغالانت قال بشكل لا يقبل الشك ولا التأويل ولا يترك أي فرصة للخائفين والمرتجفين والمترددين من قادة النظام الرسمي والقيادة الفلسطينية،لكي يناوروا ويتهربوا من مسؤولياتهم ،ويستمروا في رهاناتهم الخاسرة على "حليفتهم" و"صديقتهم" أمريكا، الشريك الكامل ل" اسرائيل" في كل مشاريعها ومخططاتها وعدوانها وتنكرها لحقوق الشعب الفلسطيني،ورفض منحه دولة مستقلة في الضفة والقطاع وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران /1967،لا عبر الشرعية الدولية ولا عبر المقاومة ...

غالانت يقول بالفم المليان" لن تقوم دولة فلسطينية في الضفة والقطاع ولن تعود السلطة الى قطاع غزة،وكل دولة عربية تطبع علاقاتها مع " اسرائيل" مستقبلاً وتقول بأن ثمن هذا التطبيع اعتراف "اسرائيل" بدولة فلسطينية،فهي تكذب على شعبها،من أجل ابتلاع " كبسولة " التطبيع، وسموتريتش زعيم الصهيونية الدينية يقول بأنه سيقوم بفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية تحت حجج وذرائع قيامها بخطوات أحادية الجانب ضد دولة الإحتلال في المحافل الدولية،خطوات تتضمن بناء 10 ألآلاف وحدة استطيانية في الضفة الغربية،بما في ذلك المنطقة المسماة "E1" ،وعدم تحويل اموال المقاصة للسلطة الفلسطينية والغاء " المخطط النرويجي" وسحب بطاقات الشخصيات المهمة من كبار قادة السلطة ...وبن غفير يدعو الى العودة للإستيطان في قطاع غزة "أرض الأباء والأجداد"،ولهذه الغاية عقدت العديد من الجماعات الإستيطانية في كانون ثاني/2023،وبحضور 12 وزيراً و 15 عضو كنيست ،من أجل تشجيع الإستيطان في قطاع غزة والعودة لمستوطنات الشمال ،وفي هذا المؤتمر قال رئيس مجلس مستوطنات الضفة الغربية يوسي دغان " "لقد ناضلنا معًا لمدة 19 عامًا من أجل تصحيح عار فك الارتباط والترحيل وتهجير المستوطنات"، في إشارة إلى انسحاب إسرائيل من مستوطنات قطاع غزة عام 2005 في عهد رئيس الحكومة الأسبق شارون،وكذلك بن غفير اليوم خلال اقتحامه للمرة الرابعة للمسجد الأقصى والتي كان اخرها فيما يعرف بعيد الفصح الصغير اليهودي في تموز/2023 ،قال بأن الأٌقصى أهم مكان مقدس لليهود ويجب السيطرة عليه،وانه سيقضي على حماس وسيصل الى اسرى دولته عند حماس والمقاومة،وسيقضي على حماس،ولن يسمح ليس فقط بإقامة دولة فلسطينية،بل بلفظ اسم هذه الدولة.

نحن نشهد حرب شاملة يشنها الإحتلال على الضفة الغربية،من قبل جيشه وقوات أمنه،عبر ما يعرف بنظرية الأيام القتالية،بدل معركة بين حربين مترافقة مع حرب يقودها المستوطنون ،ليس فقط من خلال زرع الضفة بالبؤر الإستيطانية والمستوطنات، والإعتداءات المستمرة ضد شعبنا الفلسطيني في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية،والإستيلاء على الأراضي الفلسطينية وخاصة في منطقة الأغوار والأرياف الفلسطينية،وتهديد المواطنين الفلسطينيين بأن عليهم الرحيل طواعية للأردن واذا لم يفعلوا ذلك،فسيتم طردهم وترحيلهم بالقوة،وبما يشمل سكان القدس والداخل الفلسطيني- 48 -.

نعم حرب لا تتوقف على مدن ومخيمات وبلدات الضفة الغربية، حيث القتل والتصفيات والإغتيالات والإعتقالات الوقائية والتدمير الممنهج للطرقات والشوارع والبيوت والجدران وكل ما له علاقة بالبنى التحتية،ولم تسلم من ذلك المشافي ودور العبادة والمدارس والمراكز الإجتماعية،وهدم الصروح والنصب التذكارية للشهداء .

في ظل هذه الحرب التي تستعر بحق شعبنا الفلسطيني ،وتلعب فيها أمريكا دور الشريك والمتواطىء، حيث تستمر في ترويج مقولة " حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها" ،دون منح الضحية أي حق منحته لها الشرعية الدولية للتحرر والإنعتاق من الإحتلال،ووسم كل نضالاتها وتضحياتها ب" الإرهاب".

وفي الوقت الذي يجاهر فيه قادة الإحتلال بكل وقاحة بمخططاتهم ومشاريعهم لطرد وتهجير الشعب الفلسطيني،بما يشمل عدم الإعتراف بوجوده،فعلى سبيل المثال لا الحصر سموتريتش في مؤتمر تأبيني عقد في باريس في أذار من عام 2023 لتأبين أحد كادرات حزب الليكود قال فيه "لا شيء اسمه شعب فلسطيني وهذا اختراع عمره أقل من مئة عام".

نجد القادة العرب من دول النظام الرسمي العربي المنهار...وبعض قادة السلطة والمنظمة يواصلون المقامرة والتجريب بحقوق الشعب الفلسطيني،ورهن تحقيقها بتبدل الإدارات الأمريكية ،والتي هي أكثر تطرفاً من بعضها البعض فيما يخص قضيتنا وحقوق شعبنا،وكذلك تبدل حكومات دولة الإحتلال،المجمعة على لاءات لا لدولة فلسطينية مستقلة ولا لتقسيم القدس ولا لعودة اللاجئين ولا رسم حدود دولة الإحتلال،ولا للعودة لحدود الرابع من حزيران /1967.

المواقف المرتجفة والملتبسة والتنازلات المجانية ،والتي وصلت حد تخلي دول النظام الرسمي العربي عن مبادرتهم المسماة بمبادرة السلام العربية التي اعتمدوها في قمة بيروت،آذار/2002 ،تلك المبادرة التي نصت على "الأرض مقابل السلام" ،والتي رفضها انذاك رئيس وزراء الإحتلال شارون،وقال بأنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به،وظلت القمم العربية ترحل تلك المبادة وتهبط في سقفها من قمة الى أخرى،في ظل عجزها وفقدان قرارها السياسي المستقل ،لتصل الأمور بهذه الأنظمة الى حد القبول ب" التطبيع مقابل السلام"،وهذا لم يكن حال دول النظام الرسمي العربي في قمة المنامة الأخيرة،بل وقيادة السلطة الفلسطينية التي لا يفتأ رئيسها الحديث المتكرر والممجوج عن الشرعية الدولية،في الوقت الذي لم تأبه " اسرائيل" بقراراتها طوال 76 عاماً،وكذلك أمريكا كانت تدوس عليها،ولتصل الأمور حد تهديد المنظمات الدولية بقطع التمويل عنها وفرض عقوبات اقتصادية ومالية امريكية عليها،وعلى قادتها.

التصعيد "الإٍسرائيلي" والتهديدات المستمرة والمتواصلة والتنكر لحقوق شعبنا...لا تحتاج الى سقف هابط ولا قادة مرتجفين وعاجزين،بل تحتاج الى قادة يترجمون أقوالهم الى أفعال،ويعيدون للعرب شيء من كرامتهم المسلوبة،ولا يتنازلون عن حقوق امتهم،ولا عن قضية العرب الأولى فلسطين،ولا عن أمنهم القومي، فهذا العالم تحكمه القوة والبلطجة وليس قوة الحق،بل حق القوة ..فهل يصحو العرب وبعض القادة الفلسطينيين من غيبوبتهم السياسية وإنفصالهم عن الواقع..؟؟؟.

فلسطين – اقدس المحتلة

22/5/2024

[email protected]

المصدر: موقع إضاءات الإخباري