بيروت؛ ٢٣/٥/٢٠٢٤
ميخائيل عوض
ينشغل البعض وتنشغل وسائط ووسائل وخبراء ويجهدون انفسهم بالأبحاث والاحصائيات والسؤال عن من يمول اعادة اعمار غزة وبأي شروط إذلاليه وكم هي كميات الردم والكلفة والزمن.
تبدو اهتمامات غير ذات فائدة بعد ٧٦ سنة على قيام اسرائيل وعشرات الحروب والجولات وعلى اثر الطوفان العجائبية وحرب غزة غير المسبوقة والاكثر من نوعية والواسعة والاقليمية وما اظهرته وحققته من تحولات نوعية ومنها حرب البحار والممرات وكشفها عن حجم انحسار الهيمنة الامريكية الانجلو سكسونية في العالم والاقليم.
وقررت ان قضية فلسطين اصبحت علامة كونية بارزة ومقررة في انتخابات امريكا واعادة تشكيل اوروبا ونظمها.
فتلك جهود ومهمات واهتمامات متقادمة اكل عليها الزمن وشرب واستحضارها والتهويل بها ليس الا اجترار ماض.
تماما كالقابعون في عتيق الافكار المقفلة عقولهم والمتحجرة التي ترفض سماع فكرة اننا في زمن تحرير فلسطين.
غزة المعمداني وهاشم كاتمه اسرار الشام والعربية وخاصرتها المولدة للجديد عبر الحروب كما هي وظيفتها لتاريخية.
تميزت منذ احتلالها بانها استمرت عصية واجتهدت في توليد المقاومات وانتاج القادة وابتداع وسائل المقاومة ومن العدم.
غزة منذ ٢٠١٥ ورغم انشغال الكل بالحرب السورية والالتهاء عن محاربة اسرائيل ولدت ظاهرة عبقرية بان خففت الحصار الظالم عنها وامنت نفسها بالتظاهرات على الشريط الشائك تحت شعار العودة. وابتدعت طائرات ورقية وبالونات حارقة ولم تهدا او تستسلم او تنزع للتسليم وقبول التسويات والهدن الطويلة.
وهي جائعة وعريانه وقد تخلى عنها عربها والاسلاميون من جلدتها اعدت انفاقا ورجالا وامنت سلاحا وعبرت في طوفان الاقصى العجائبية الى اراضي ال٤٨ في قرار واع وعارف بما يجب ان يصير وابهرت العالم.
قاتلت وتقاتل ببسالة نادرة وبعلم ومعرفة وبتمكن وادارة وسيطرة لثمانية اشهر متصلة.
نعم تقاتل امريكا ونخبتها من المارينز والدلتا فوروس وتقاتل إسرائيل ومعها العالم الانجلو ساكسوني والنظام العربي الرسمي والاسلامي وتبلي وتقدم التضحيات التي تعجز عنها الامم والإمبراطوريات وقد دمرت وسويت غالب مدنها بالأرض ومازالت تقاتل.
يا اصحاب الخبرات والتحليل والاستراتيجيات اتظنون انها تقاتل لإعادة اعمارها؟
اتظنون انها سترفع الراية البيضاء وتستسلم لمن سيدفع لإعمار الابراج والمباني والمشافي؟؟.
أتفترضون انها لا تعرف قيمة الزمن وان اعمار غزة يحتاج لسنوات اذا تلهت بها تكون قد ضاعت فلسطين وهجرت الضفة وفلسطين ٤٨ ولا يعود من قيمة لها.
ان كنتم تظنون فانتم ساذجون وعقولكم تحجرت ولغتكم تخشبت.
غزة الثائرة والمقاتلة بوعي وببسالة نادرة تعرف ان الاعمار لا يجلب التحرير والعودة الى الديار.
وتعرف ان التسويات والهدن ما هي الا كذبة لتقطيع الزمن ومنح إسرائيل الفرص والزمن لتهويد فلسطين.
وغزة بأم تجربتها اختبرت كيف ان كل اعمار يعاد تدميره في جولة عنف.
فقد ادرك اهلها الصابرون المثابرون على خيار المقاومة والعودة الكذبة والخطأ وعاينوا الخطر وقرروا ان الهدف ليس اعادة الاعمار انما العودة الى الديار.
فهذه هي حرب تحرير فلسطين من البحر للنهر ومن لا يعجبه فهذا بحر غزة لينتحر فيه او ليبتلعه.
هذه اخر الحروب وقد قررتها اسرائيل نفسها حرب وجود ويخوضها نتنياهو بلا هوادة ولا يعير اهتماما لأي كلام او ضغوط .
وغزة ادركت ان تضحياتها الجسام وتبخر عمرانها يلزمها بان تهزم اسرائيل في الحرب الوجودية لتحقيق نبوءة نتنياهو وغالانت؛ اذا هزمنا فلا مكان لنا في المنطقة.
قرار غزة وحلفها المساند ان تهزموا وامكاناتهم وافرة لهزيمتكم فارحلوا وسيعود اللاجئون الى ديارهم .
غزة صمدت وقاتلت وتبلي حسنا لتعود الى فلسطين وتعود فلسطين عربية وسيستجيب لها القدر.
العودة للديار اجدى من استجداء الاعمار لتعود وتتعرض للدمار.
افلا تعقلون.