فلسطين
"البرلمان الإنتقالي، والإعلان الدستوري المرتقبين"
يوسف شرقاوي
10 أيلول 2024 , 15:19 م


"مقدمة"
يوسف شرقاوي.
بين الفينة والأخرى اعتدنا نحن الفلسطينيين التفرج على مشهد "سوريالي" قوامه خروج فرد، أو مجموعة من الأفراد، معروفين، أو مغمورين تنتابه أو تنتابهم، إما حالة من القلق على مستقبلهم السياسي، أو دخول معترك السياسة، بمبادرات
ومشاريع حلول سياسية لاتحظى باجماع وطني أو شعبي، وتتناقض مع ثوابت السياسة، والدستورية، لالشيء إلا لجذب الأضواء، واستقطاب إهتمام وسائل الإعلام، أو بايحاء من مستوى أعلى منهم "الرئيس" مثلا، غير آبهين بالمخاطر السياسية، والدستورية، والثمن الباهظ الذي قد يدفعه شعبنا جراء ذلك.
وآخر ماتفتقت عنه "عبقرية" هذه الفئة من محاولات لجذب الإنتباه إلى الذات، هو خروج علينا مايسمى "إعلان البرلمان الإنتقالي، والإعلان الدستوري المرتقبين" صحيفة القدس/السبت/٧ أيلول ٢٠٢٤/ص ٩
للأخ فهمي الزعارير، وهذا الإعلان هو بالأساس، إيحاءً من "الرئيس" إستنادا لاقتراح من أمين عام حزب الشعب بسام الصالحي، لبّى مايدور بخلد الأول منذ سنوات خلت.
وهنا الوقت الحارق لايسمح لنا بالعود لمثالب أوسلو التي تعمق الإحتلال للضفة وللقدس، حيث أن هذا الإتفاق كتب على الرمل، ولا ينص على دولة وإنهاء الإحتلال، و وقف الإستيطان وحق العودة لأرض الأجداد، ولملاعب الطفولة، ولبيارات البرتقال.
إن التذاكي و وضع العربة أمام الحصان، قبل توصيف مامعنى حرية الشعب الفلسطيني، وحرية مكانه، يجعل الحديث عن مستقبله مضيعة لوقته، وإعادة إنتاج وإدامة نهج كان السبب الرئيس وراء ما آلت إليه قضيته الوطنية من تجلّط وتكلّس، وهذا بشهادة المتتبعين المحليين، والإقليميين، والدوليين.
إن قرار ٢٩/٦٧/٢٠١٢ "دولة مراقبة" يضاف لغيره من القرارات الأممية الأدبية الغير ملزمة بدون تغيير موازين القوى محليا أولا، وهذا من صلب مسؤوليات "منظمة التحرير" المرجعية المفترضة للسلطة الوطنية، ولا يحتاج ذلك لفلسفة نمطية أو تقليدية أو غير ذلك.
إن تعريف الدولة تحت الإحتلال، دولة أقرب الدولة المدنية، أو المجتع الذي يرزح تحت ربق الإحتلال، اي بدون أجهزة عسكرية، وأمنية، وأسلحة، اللهم إلا جهاز الشرطة المدنية العصرية والقوية والدفاع المدني، وبدون مراسم سلطة وهمية "بساط أحمر، ومواكب، وطائرة رئاسية"
لوكان هنالك نية أو رغبة أو إرادة لإعلان دولة لحصل ذلك فور إنتهاء "المدة الإنتقالية" أو فور فشل محادثات كامب ديفيد، وعدم الإلتزام بأقوال اسحق رابين القديمة "المواعيد غير المقدسة"
أما وقد كان ماكان، وجريان مياه ضحلة وكثيرة في الوادي، وسلوك الإحتلال بتعميق إستيطان الضفة والقدس، وتهويد الشطر الأهم من مدينة الخليل، فكان يجب إنتاج إنقلابا في الوعي الفلسطيني، والإنخراط بورشة عمل رسمية ومجتمعية تضع الأمور في نصابها الصحيح، أي إعادة بناء المنظمة بطراز تحرري عصري، يقدم إنموذجا محليا، وإقليميا، ودوليا، ولا يستقيم ذلك إلا بالغاء حكم وتحكّم نهج الفرد الواحد، الذي يشدد قبضته على أركان الحكم "التشريع، والقضاء ، والإعلام، والعبث بالقانون الأساس المعدل لعام ٢٠٠٣، الدستور المؤقت للشعب، وإلغاء الإنتخابات، لمنع تجديد الشرعيات في السلطة والمنظمة"
والشروع فورا في بناء مؤسسات عصرية "صحة، تعليم، قضاء، صيانة أمن وحرية المواطن" لا إعادة إنتاج نموذج بشع لنظام رسمي عربي، لشعب لايزال يرزح تحت نير إحتلال عميق ومجاني، بل إحتلال يصادر كل موارد وثروات الشعب.
ومن هنا، وبناءً على ماتقدم، من حل المؤسسة التشريعية، وتأميم القضاء،وتسخيف الإعلام، ومصادرة الحريات الفردية والجمعية للمواطنين، وتأجيل "إلغاء" إنتخابات المجلس الوطني، والتشريعي، والإنتخابات الرئاسية لأسباب واهية، أصبح المواطن ينظر بريبة محقّة، لكل المجالس الأقرب إلى "مجالس الأعيان" التي عفّاها الزمن، والمجلس المركزي ليس بعيدا عن ذلك، سيما أن يجري العمل حاليا على قدم وساق لتهميش المجلس الوطني، واستبداله بالمجلس المركزي "مجلس الأعيان" واعتماده سلطة تشريعية عليا يقال أنها مؤقتة حتما ستصبح "دائمة" حيث جربنا المؤقت سابقا، فلذلك وبعيدا عن الخوض في تفاصيل مايسمى "البرلمان الإنتقالي، والإعلان الدستوري المرتقبين" لن ينتج المجلس المركزي "مجلس الأعيان" ماهو أفضل من حالة التخبط الراهنة.وأما لجهة توجه "الرئيس" لغزة بعد مايقارب العام من حرب الإبادة، فالضرورة تقتضي قبل توجهه بأن يخاطب التاريخ من فضائية فلسطين في رام الله، مخاطبا بوضوح وصراحة النظام الرسمي العربي، وخاصة مصر، والنظام الدولي بكلمات وجدانية، مفادها : أن بمقدوركم وقف الإبادة والمقتلة لكنكم تتهربون من ذلك، وهذا واجبا وحقا عندما نتألم ونخذل من الشقيق، فدماء الشعب الفلسطيني أهم من علاقات السلطة مع النظام الرسمي العربي، ومن ثم إن أراد الذهاب إلى غزة، تكون زيارته أقوى وذات مغزى.
المصدر: موقع إضاءات الإخباري