تشير دراسة حديثة إلى أن مكملًا غذائيا قد يبطئ تقدم سرطان البروستاتا في الفئران، ما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج المرض لدى البشر. يمثل هذا الاكتشاف خطوة واعدة في مجال الأبحاث الطبية، حيث إن سرطان البروستاتا يُعد من أكثر السرطانات شيوعا بين الرجال، ويصعب اكتشافه مبكرا لأنه قد لا يُظهر أي أعراض حتى وصوله إلى مراحل متقدمة.
سرطان البروستاتا: "القاتل الصامت"
يعرف سرطان البروستاتا بـ"القاتل الصامت" نظرا لأن أعراضه لا تظهر غالبا في المراحل المبكرة، وقد يظل المرض كامناً لفترة طويلة حتى يؤثر بشكل ملحوظ على وظائف الجسم. وعلى الرغم من وجود عدة خيارات علاجية، إلا أن بعض الحالات تكون مقاومة لجميع العلاجات المعروفة، مما يجعل المرض قاتلاً في مراحله المتقدمة.
اكتشاف واعد من مختبر كولد سبرينغ هاربر (CSHL)
قام مختبر "كولد سبرينغ هاربر" بإجراء دراسة واعدة تحت إشراف البروفيسور لويد تروتمان، حيث وجد الباحثون أن مكمل الميناديون المؤكسد، وهو شكل شائع من فيتامين K ويُوجد عادة في الخضروات الورقية، يمكن أن يبطئ تقدم سرطان البروستاتا في الفئران.
تجربة SELECT: دروس من الماضي
تعود جذور البحث حول مضادات الأكسدة وسرطان البروستاتا إلى عام 2001، حين أجريت تجربة SELECT بواسطة المعهد الوطني للسرطان، حيث تم اختبار فعالية فيتامين E كمضاد أكسدة على نحو 35 ألف رجل لمعرفة ما إذا كان بإمكانه إبطاء أو منع تطور سرطان البروستاتا. غير أن نتائج التجربة كانت غير متوقعة؛ إذ لم يثبت فيتامين E فاعلية في الوقاية من المرض فحسب، بل لاحظ الباحثون زيادة في عدد الحالات بين الرجال الذين تناولوا المكمل.
"إذا فشلت مضادات الأكسدة، ربما ستنجح المواد المؤكسدة"
بعد تجربة SELECT، تأمل البروفيسور تروتمان في أن المواد المؤكسدة قد تحقق نتائج إيجابية فيما فشلت فيه مضادات الأكسدة. وعند إعطاء الفئران المصابة بسرطان البروستاتا عقار ميناديون، اكتشف فريق تروتمان أنه يعمل على استنفاد الدهون المسماة PI(3)P، وهي مادة تعتبر مهمة لبقاء الخلايا السرطانية. يؤدي استنزاف هذه المادة إلى تعطل عملية إعادة تدوير المواد داخل الخلية السرطانية، ما يسبب انفجارها في نهاية المطاف.
التقدم البطيء للسرطان ودور الميناديون في مكافحة المرض
وجدت الدراسة أن إعطاء الفئران المصابة بسرطان البروستاتا عقار ميناديون أدى إلى إبطاء نمو السرطان بشكل كبير، مما يفتح الباب لدراسات مستقبلية لاستكشاف إمكانية تطبيق هذه النتائج على مرضى السرطان من البشر. يأمل تروتمان أن تتحول هذه التجربة الناجحة إلى دراسات تجريبية على المرضى البشريين، وتحديد ما إذا كانت النتائج التي تحققت في الفئران يمكن أن تكون فعالة أيضًا لدى الإنسان.
تأثيرات إضافية لعقار ميناديون
من المثير للاهتمام أن أبحاث تروتمان تشير أيضا إلى إمكانية أن يكون للميناديون فاعلية ضد اعتلال عضلة القلب الأنبوبي، وهو حالة نادرة تمنع نمو العضلات لدى الأطفال الذكور. وجد فريق الباحثين أن استنزاف مادة PI(3)P باستخدام الميناديون يساهم في تحسين الحالة الصحية للفئران المصابة، وقد لوحظ أنه يضاعف من عمرها.
نحو إجراء دراسات تجريبية على البشر
بفضل النتائج المشجعة التي حققتها الدراسة على الفئران، يتطلع الباحثون الآن إلى إجراء تجارب على البشر لاختبار فعالية عقار ميناديون في إبطاء تقدم سرطان البروستاتا وعلاج حالات مرضية أخرى. قد يكون هذا المكمل الغذائي بديلاً علاجياً محتملاً يمكنه مساعدة العديد من المرضى في التغلب على هذا المرض المعقد.
بهذا الإنجاز، يأمل العلماء في توسيع نطاق تطبيقات المكملات الغذائية في محاربة الأمراض السرطانية وغيرها، وتقديم خيارات جديدة للأدوية والعلاجات المتطورة.