أصدر فريق من الباحثين من كلية لندن الجامعية (UCL) ومعهد فرانسيس كريك أول صور ثلاثية الأبعاد كاملة للغدة الزعترية البشرية باستخدام تقنية الأشعة السينية المتخصصة، تعد هذه الصور خطوة هامة نحو فهم أعمق لبنية ووظيفة الغدة الزعترية، مما يفتح آفاقا جديدة لدراسة الجهاز المناعي بشكل أكبر.
أهمية الغدة الزعترية في الجهاز المناعي
تعد الغدة الزعترية غدة صماء صغيرة تقع خلف عظمة الصدر، بالقرب من مستوى القلب، وتمتد قليلاً نحو العنق. تلعب هذه الغدة دورا حيويا في برمجة الجهاز المناعي، إذ تبدأ بإنتاج الخلايا التائية عند 12-13 أسبوعا من الحمل، وهي خلايا مناعية أساسية تساعد الجسم في التصدي للفيروسات والبكتيريا. مع ذلك، تبقى العديد من الجوانب حول بنية ووظيفة هذه الغدة مجهولة، سواء في الحالات الصحية أو أثناء الأمراض، مما يجعل الحاجة إلى دراستها ضرورة ملحة.
استخدام تقنية التصوير المقطعي بتباين الطور (PC-CT)
لتحقيق هذه الصور التفصيلية، اعتمد فريق البحث على تقنية التصوير المقطعي بتباين الطور (PC-CT)، حيث تم التقاط صور دقيقة للغدة الزعترية من أجنة نامية وأطفال تقل أعمارهم عن عام واحد. وتم إجراء هذا التصوير باستخدام منشأة الإشعاع "Synchrotron" الأوروبية في مدينة غرونوبل، فرنسا، التي تتيح تباينًا عالياً في التصوير لتفاصيل دقيقة، وهو ما يعزز من فهمنا لتكوين الغدة.
https://x.com/medical_xpress/status/1852072836552073511
اكتشافات مهمة: دور "أجسام هاسال"
كشفت الصور المعقدة عن وجود هياكل تُعرف بـ"أجسام هاسال" التي تبدأ بالتشكل بعد حوالي 15 أسبوعًا من الحمل وتشغل جزءًا كبيرًا من نخاع الغدة الزعترية. يشير هذا الاكتشاف إلى دور محتمل لأجسام هاسال في تنظيم البيئة الداخلية للغدة، مما قد يؤثر على وظائف المناعة. هذا الاكتشاف يعزز من فهم كيفية عمل النظام المناعي البشري وخاصة في المراحل المبكرة من الحياة.
تصريحات الباحثين: رؤى جديدة للغدة الزعترية
أوضحت البروفيسورة باولا بونفانتي، من معهد المناعة والزراعة بجامعة لندن ومعهد فرانسيس كريك، قائلة: "غالبًا ما تُهمل الغدة الزعترية في الأبحاث، لكنها تقدم رؤى حيوية حول نظام المناعة. من الأهمية بمكان فهم كيفية تغير هذا العضو خلال السنوات الأولى من الحياة ومرحلة البلوغ".
وأشارت بونفانتي إلى أن التقنيات الجديدة، مثل PC-CT، يمكن أن تكشف عن وظائف الغدة الزعترية مع الحفاظ على بنيتها، مما يساعد في فهم التغيرات التي تحدث فيها أثناء الأمراض.
أما البروفيسور ساندرو أوليفو، وهو أحد معدي الدراسة، فقد أشار إلى أن "نظام الأشعة السينية المختبري يوفر وسيلة ميسرة لدراسة التركيب ثلاثي الأبعاد للأعضاء، مما يعزز فرص البحث ويوسعها". هذا النوع من التصوير قد يساعد العلماء في فهم كيف تتغير بنية الغدة في الحالات الطبية مثل الأورام، أو خلال التقدم في العمر، حيث تنكمش الغدة تدريجيا.
آفاق المستقبل: نحو فهم أعمق للجهاز المناعي
يعتقد الباحثون أن هذه الطريقة الجديدة لدراسة الغدة الزعترية يمكن أن تكون نقطة انطلاق لدراسة التغيرات التي تطرأ على هذا العضو خلال مختلف الحالات الطبية، مما قد يسهم في تطوير علاجات جديدة. يمكن أن تساعد هذه التقنية في توفير فهم أوضح لدور الغدة الزعترية في الحفاظ على المناعة، وكيفية تغير دورها على مدار الحياة.
تفتح هذه الصور ثلاثية الأبعاد المتقدمة آفاقا مستقبلية لدراسة الأمراض المناعية بشكل أعمق، خاصة مع تطوير أدوات تصوير دقيقة تساهم في تحسين جودة الرعاية الصحية.