كشفت أبحاث جديدة أجراها علماء من مستشفى جامعة بون في ألمانيا عن دور الحركات الدقيقة للعين وكثافة المستقبلات الضوئية في تحسين دقة الرؤية. يسهم هذا البحث في فهم كيف تؤثر هذه الحركات اللا إرادية في توفير رؤية أكثر وضوحا، ويسلط الضوء على كيفية ارتباط حركة العين وتوزيع مستقبلات الضوء بالرؤية الواضحة.
آلية الرؤية وتركز المستقبلات الضوئية
تبدأ عملية الرؤية في العين مع المستقبلات الضوئية الحساسة للضوء، وخصوصا في منطقة معينة من شبكية العين تُعرف بـ"النقرة المركزية" (Fovea)، حيث تتركز مستقبلات الضوء الملونة، مما يتيح لنا رؤية أدق التفاصيل. تختلف كثافة هذه المستقبلات من شخص لآخر، مما يؤثر بشكل مباشر على جودة الرؤية.
الحركات الدقيقة للعين ودورها في تحسين الرؤية
أظهرت الأبحاث أن الأعين تقوم بحركات دقيقة ومتواصلة حتى عندما نركز على جسم ثابت، وتسمى هذه الحركات "الحركات التثبيتية"، والتي تختلف في شدتها وتكرارها بين الأفراد. تكمن أهمية هذه الحركات في تقديم تفاصيل بصرية دقيقة من خلال تحفيز المستقبلات الضوئية باستمرار، حيث تقوم هذه الحركات بإدخال إشارات بصرية متغيرة يجب على الدماغ تحليلها.
تقنيات تصوير عالية الدقة للكشف عن العلاقة بين حركة العين وكثافة المستقبلات
قام فريق الباحثين من مستشفى جامعة بون باستخدام جهاز تصوير خاص يُعرف بـ"مقراب بصريات تكيفي مسح ضوئي" (AOSLO)، وهو الوحيد من نوعه في ألمانيا. سمح هذا الجهاز للباحثين بفحص العلاقة بين كثافة المستقبلات الضوئية في النقرة المركزية وأدق التفاصيل التي يمكننا رؤيتها. تم قياس حدة الرؤية لـ16 مشاركا أثناء أدائهم لمهمة بصرية تتطلب دقة عالية، وتم تتبع مسار الحركة البصرية على شبكية العين.
توافق الحركات الدقيقة للعين مع كثافة المستقبلات الضوئية
توصلت الدراسة إلى أن البشر قادرون على إدراك تفاصيل أدق مما تشير إليه كثافة المستقبلات الضوئية وحدها. حيث أظهرت النتائج أن حركات العين الدقيقة، وخاصة حركات "الانجراف" (Drift)، كانت متوافقة مع ترتيب المستقبلات الضوئية، مما يحسن من حدة الرؤية. أوضحت جيني ويتن، الباحثة الرئيسية، أن هذه الحركات تنقل المؤثرات البصرية باستمرار إلى مناطق ذات كثافة مستقبلات عالية، ما يؤدي إلى تحسين الرؤية بمرور بضع مئات من الميلي ثانية.
آفاق مستقبلية لفهم أمراض العيون وتطوير الحلول التقنية
يرى الدكتور وولف هارمينغ، رئيس مختبر الرؤية في مستشفى جامعة بون، أن نتائج هذه الدراسة تسهم في فهم العلاقة الأساسية بين فسيولوجيا العين وقدرتها على الرؤية. يمكن لهذا الفهم أن يساعد في تطوير تقنيات جديدة، مثل زراعة الشبكية، وأيضًا في تحسين أساليب علاج الأمراض البصرية والنفسية العصبية.