تموت أعداد كبيرة من خلايا عضلة القلب خلال النوبات القلبية الشديدة ويتم استبدالها بنسيج ندبي يتكون أساسا من الخلايا الليفية، ورغم أن هذا النسيج يمنح جدار القلب بعض الثبات، إلا أنه يعاني من مشكلة رئيسية: ضعف التوصيل الكهربائي، مما يزيد خطر الإصابة باضطرابات خطيرة في نظم القلب ، وخاصة في مناطق التماس بين النسيج السليم والمصاب.
تحدي التوصيل الكهربائي: ضعف الاتصال بين الخلايا الليفية
يقول البروفيسور الدكتور فيلهلم رول، الطبيب الرئيسي في مركز القلب بجامعة بون وعضو في مجال البحث المتعدد التخصصات "الحياة والصحة" في الجامعة: "الخلايا الليفية لا تتقلص مثل خلايا عضلة القلب، كما أنها تعيق التوصيل الكهربائي في مناطق الإصابة".
ويضيف البروفيسور الدكتور بيرند ك. فليشمان من معهد الفيزيولوجيا الأول في الجامعة: "الخلايا الليفية تنتج كميات ضئيلة فقط من بروتين connexin 43، وهو عنصر حاسم في نقل الإشارات الكهربائية بين خلايا القلب".
الحل الجيني
سعى فريق جامعة بون لإيجاد طريقة فعالة لإجبار خلايا النسيج الندبي على إنتاج كميات أكبر من connexin 43، مما يحسن التواصل الكهربائي داخل تلك المنطقة، ولتحقيق ذلك، استخدموا فيروس مولوني الفأري الرجعي (MMLV) كمركبة لنقل الجينات، وتم تعزيزه بجسيمات نانوية مغناطيسية.
يشرح الباحث تيمو مور، طالب دكتوراه في جامعة بون: "الميزة الفريدة في هذه المقاربة هي أن الفيروس يستهدف الخلايا الليفية تحديدًا دون التأثير على خلايا عضلة القلب، وذلك ضمن عملية تُعرف بالتوصيل الجيني أو transduction".
وباستخدام مجال مغناطيسي موجه، ركز الفريق المركبات الجينية في موقع الإصابة، مما أدى إلى تحويل الخلايا الليفية إلى خلايا قادرة على إنتاج connexin 43.
أظهرت التجارب على نماذج فئران مصابة بنوبات قلبية نتائج واعدة، بعد ثلاثة أيام من الإصابة، تم حقن مجمعات MMLV/MNP مباشرة في منطقة الإصابة باستخدام مجال مغناطيسي، وبعد أسبوعين، لاحظ الباحثون تعبيرا واضحا عن البروتين المستهدف في تلك الخلايا، مما يدل على نجاح التوصيل الجيني.
الدكتورة ميريام شيفر، باحثة ما بعد الدكتوراه في معهد الفيزيولوجيا الأول، علقت بالقول: "استطعنا تحقيق التوصيل الجيني لخلايا النسيج الندبي خلال فترة قصيرة نسبيا".
أظهرت التحاليل الوظيفية أن الفئران المعالجة بالبروتين connexin 43 كانت أقل عرضة للإصابة باضطرابات نظم القلب الخطيرة بنسبة تصل إلى 50% مقارنة بالفئران غير المعالجة.
آفاق مستقبلية للعلاج البشري
يقول البروفيسور رول، الذي قاد الدراسة مع فليشمان:
"من حيث المبدأ، يمكن تطبيق هذا العلاج سريريا في المستقبل، وربما يتوسع استخدامه إلى أمراض أخرى خارج الجهاز القلبي، لكننا بحاجة أولا إلى تحديد ناقلات مناسبة للخلايا الليفية البشرية، وإثبات فعالية العلاج على نماذج حيوانية كبيرة".