استطاع علماء المواد بفضل دراسة معدن الميكا المسكوفيت وتطبيق نماذج إحصائية من الزلازل والانهيارات الثلجية التوصل إلى أسلوب جديد للتنبؤ بتدهور المواد وفشلها، يُتوقع أن يسهم هذا البحث في تعزيز متانة الألواح الشمسية المتقدمة وأنظمة احتجاز الكربون والبنية التحتية مثل المباني والطرق والجسور.
دراسة تأثير البيئة على ضعف المواد
يقود الدراسة فريق من جامعة إلينوي بالتعاون مع مختبرات سانديا الوطنية وجامعة باكنيل، وقد كشفت الدراسة أن مدى التشوه الناتج عن الضغط المطبق على سطح الميكا المسكوفيت يعتمد على الحالة الفيزيائية للسطح ويتبع أنماطًا إحصائية شبيهة بتلك التي تظهر في الزلازل والانهيارات الثلجية.
نشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Nature Communications في السادس من نوفمبر 2024.
فهم الضعف الكيميائي الميكانيكي وفشل المواد
يسعى العلماء عند اختيار المواد لاستخدامات هندسية إلى معرفة كيفية تفاعل سطح تلك المادة مع البيئة التي ستستخدم فيها، ويهتم الجيولوجيون بشكل خاص بدراسة تأثير التفاعلات الكيميائية بين المعادن والمياه الجوفية على طول الصدوع، والتي قد تؤدي بمرور الوقت إلى ضعف الصخور وحدوث فشل ميكانيكي سريع يعرف بالضعف الكيميائي الميكانيكي.
يقول جوردان سيكل، الطالب الباحث في جامعة إلينوي والذي شارك في قيادة الدراسة إلى جانب الأستاذة كرين دامين: "بينما اعتمدت محاولات سابقة على نماذج ديناميكا جزيئية معقدة لتحديد تأثير الضعف الكيميائي الميكانيكي في المواد الهندسية، يركز عملنا على الجسر بين التجارب المخبرية والظواهر الحقيقية كالزلازل."
وأضافت دامين: "تم اختيار المسكوفيت بسبب مسطحيته الشديدة، حيث أن كل طبقة من طبقاته المتراكبة مسطحة حتى على المستوى الذري، مما يجعل التفاعل بين سطح المادة وبيئتها بالغ الأهمية."
اختبار تأثير الظروف المختلفة على ضعف السطح
قام مختبر سانديا الوطني بتعريض عينات من المسكوفيت لظروف كيميائية مختلفة: جافة، ومغمورة في الماء منزوع الأيونات، وفي محاليل ملحية ذات درجة حموضة 9.8 و12. وأثناء التعرض لهذه الظروف، استخدم العلماء جهازا يُعرف باسم "النانواندنتير" لقياس التشوهات أو الفشل الذي يحدث في المادة عند تحميلها بضغط ميكانيكي محدد.
وأظهرت النتائج أن المسكوفيت يمكن أن يتحمل تشوهات أكبر في الظروف الجافة قبل أن يفشل مقارنة بالظروف الرطبة. وعند الفشل، تطلق العينات في كل حالة طاقتها المرنة المخزنة، وتبين الدراسة أنه عندما يُعرّض المسكوفيت لمحلول قاعدي بدرجة حموضة 9.8 أو 12، فإن الطبقة العليا من السطح تضعف، وتقل قدرة المادة على تخزين الطاقة قبل حدوث الفشل، وهو ما ينعكس في إحصائيات الانفجار.
تسريع تحليل المواد باستخدام إحصائيات الزلازل
يقول سيكل: "تسمح نتائج هذه الدراسة للباحثين باختبار فشل المواد بسرعة أكبر مما هو ممكن عبر النماذج المحاكاة المفصلة عالية القدرة". ويضيف: "من خلال إظهار أننا نستطيع الحصول على النتائج ذاتها باستخدام النماذج الإحصائية المطبقة بالفعل على الزلازل، سيتمكن الباحثون من إجراء تحليل عالي الإنتاجية للمواد أسرع من ذي قبل".
يشير هذا البحث إلى أن دراسة الانماط الإحصائية للزلازل وتطبيقها على علوم المواد يمكن أن تمثل طفرة في تحليل واختبار المواد، بما يساهم في تطوير مواد قادرة على تحمل الظروف البيئية الصعبة واستخدامها في البنية التحتية والتكنولوجيا المتقدمة، مما يعزز من قدرتها على مقاومة عوامل الزمن والظروف البيئية الصعبة.