كتب محمّد أسّوم:
مقالات
كتب محمّد أسّوم: "ولكنَّ فطاحلَ أُمَّتِنا ...لا يَفْقَهون".
17 تشرين الثاني 2024 , 17:15 م


قرَّرْتُ أن أُغَيَّر قناعتي، ليومٍ واحد. 
أن أقولَ معَ القائلين،العدو منتصر،  والمقاومون في غزةَ  مهزومون ...

كيف لا يكونونَ مهزومينَ ، ولم يبقَ من غزةَ شيء ..؟؟

كيف لا يكونونَ مهزومينَ، وقد أصبحت غزةُ غيرَ صالحةٍ للحياة ؟؟

كيف لا يكونون مهزومين ، والعدو يطالُ قادتَهم في الخارج ، ويطالُ قائدَهم الذي قاتل بالعصا، يائساً في لحظاتِهِ الأخيرة ؟؟

كيف لا يكونون مهزومين، والعدوُّ قتل وجرح من شعب غزةَ ما يعادلُ ١٠ %  من سكانها(٢٠٠٠٠٠ تقريبا )؟؟

إذا لم تكن هذه هي الهزيمة، فما هي الهزيمَةُ إذاً؟؟!!

وإذا لم تكن إنجازاتُ العدوِّانتصارا، فما هو الِانتصار ؟؟!!

بالفعل، كيف كنا نعيشُ ٤٠٠ يومٍ  في الوهم، وندَّعي أنَّ العدوَّ مهزوم ؟؟

لاشكَّ أنَّناكُنا نكتُبُ أُمنِياتِناوأحلامَنا، وليس واقِعَنا ...

المئاتُ من الفطاحلِ في أُمَّتِنا رأَوا هذهِ الحقيقة، ونحنُ كُنا غارِقِينَ في التمنيات .....

لكنْ، هُناك سؤالٌ يُحَيِّرُني:

إذا كان العدوُّ مُنتَصِراً فِعلاً، فلماذا لا يُعلِنُ انتصارَه ؟!

لماذا لايحتفلُ بالنصرِ ويُوقِفُ القتال؟؟

لماذا يُرَدِّدُ نتانياهو أنَّ القِتالَ مستمرٌ، حتى تحقيقِ النَّصر ؟؟
فعلا لماذا ؟!

هل من المُمكنِ  أن يكونَ مُنتَصِراً، لكنَّهُ لا يُدْرِكُ ذلك، وأدركَهُ فطاحِلُ أُمَّتِنا ؟؟!!!!

ربما ..

لكنْ، هناك سؤالٌ آخرُ: 
إذ كان العدُوُّ منتصراً،فلماذا لا يُنَفِّذُ كلامَهُ، عن اليومِ التالي بعدَ الحربِ في غزة؟؟

لماذا لا يُحْكِمُ سيطرتَهُ على غزَّةَ، ويُعلِنُ تطهيرَها من المقاومين؟؟
فِعلاً لماذا؟!

هل من الممكنِ  أنْ يكونَ قادراً على إحكامِ سيطرتِهِ، لكنَّهُ لا يُدرِكُ ذلك، وأدركه فطاحل أمتنا ؟؟!!!

وهناك سؤالٌ ثالثٌ: 
إذا كان العدوُّ منتصراً ، فلماذا لم يَسْتَعِدْ أسراهُ ؟!

لماذا تتمسَّكُ المقاومةُ بشروطِها الخمسةِ في التفاوض؟؟

لماذا يَعْجِزُ عن تحديدِ مكانِ الأسرى؟؟

فعلا لماذا ؟!

هل من الممكنِ أن يكونَ قادراً على تحريرِ  الأسرى، لٰكِنَّهُ لا يُدْرِكُ ذلك، وأدركَهَ فطاحِلُ أُمَّتِنا ؟؟!!!

يا اااا الله...
عندي سؤالٌ رابع:
 
إذا كان العدوُّ مُنْتَصِراً، لماذا لم يُعِدْ نازِحِيْهِ إلى الجنوبِ والشِّمالِ كما وعدهم ؟؟
لماذا ينزح الآن مستوطنو حيفا ؟؟
فعلا لماذا؟!

هل من المُمْكِنِ أن يكونَ قادراً على إعادتِهِم، لكِنَّهُ لا يُدْرِكُ ذلك، وأدركَهُ فطاحلُ أُمتنا ؟؟

بَقِيَ سؤالٌ خامسٌ، بل سادسٌ، بل سابعٌ أيضاً ،و ثامن وتاسع وعاشر:

لماذالم يُوقِفْ قَصْفَهُ بِالصَّواريخ؟؟

لماذا لم يوقفْ قصفَ سُفُنِهِ في البحر الأحمر؟؟

لماذا لم يُوقِفِ الكمائنَ التي تُحْرِقُ دبَّاباتِهِ وتَشْوِي جُنودَهُ وضُبّاطَه ؟!

لماذا أقالَ وزيرَ دِفاعِهِ، بدل أن يُكَرِّمَه؟؟

ولماذايريدُ إقالةَ رئيسِ أركانِ جيشِهِ بَدَلَ تَكْرِيسِهِ بَطَلاً لِلِانتِصار ؟؟

لماذا لم يسيطرْ على مقاومة الضفة؟؟
لماذا لم يوقف سيل عمليات الدهسِ والطَّعْنِ والهُجومِ المُسَلَّحِ في العمق؟!
لماذا يوقفْ حركةَ مطارِه؟؟
لماذا يطلبُ من أوروبّا وامريكا مزيداً مِنَ الدَّعْم ؟؟

فعلا لماذا ؟!

هل من المُمْكِنِ أن يكونَ قادراً على كلِّ هذهِ الأمور، لٰكِنَّهُ لا يُدْرِكُ ذلكَ، وأدركَهُ فطاحِلُ أُمَّتِنا ؟؟!!!

معذرةً من فطاحِلِ أُمَّتِنا ...

لَسْنا نحنُ الواهمين ...
إنَّما أنتُمُ الذينَ تعيشونَ أمانِيَكُمُ الصِّهيونيّة ، وتكتبون أحلامَكُمُ الوَرْدِيّة ...

أمَّا نحنُ فنرى الحقيقةَ كما هي .. 
بل نرى أنَّ نُقطةَ التَّحَوُّلِ في المعركةِ قد بدأتْهُ حقّا ..

فأيُّ جيشٍ في العالمِ يقوم بحرب همجية، يستخدمُ فيها كُلَّ قُوَّتِهِ، وقوةَ الدُّوَلِ العُظْمى التي تدعَمُهُ في باطلِه، ثم يُفْشَلُ في تحقيقِ أهدافِهِ الَّتي أعلنها، يَعْنِي أنَّ نُقطةَ التَّحَوُّلِ ضِدَّهُ صارتْ حتمية ..

هذه الحربُ هي آخرُحربٍ هجوميةٍ تخوضُها إسرائيل.. بعدها، سَتَحْصُدُ كُلَّ فَشَلِها أزماتٍ ونكبات ، في الداخلِ والخارج ..

وما فُشِلَتْ في تَحْقيقِهِ خلالَ ٤٠٠ يوم، لنْ تُحَقِّقَهُ،بإذن الله، ولو دامتْ حربُها ٤٠٠٠ عام ...

في السِّيرَةِ النَّبَوِيّةِ، كانت غَزْوَةُ الأحزابِ آخرَ غزوةٍ، قامتْ بِهاقُرَيشٌ معَ حِلْفٍ قَبَلِيٍّ واسعٍ مَدعومٍ مِنْ يهودِ المدينةِ ويَهودِ خيبر، بهدفِ استِئْصالِ الإسلامِ كُلِّياً، والرَّسولُ يتلو عليهِم:{كَتَبَ اللَّـهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}.

في هٰذِهِ الغزْوَةِ التي هي غزوةُ الزلزلة، بَشَّرَ نَبِيُنا الكريمُ، صلى الله عليه وآلِه وسلَّمَ المُسلِمينَ، بِنُقْطَةِ التَّحَوُّل ...

ليسَ بِفَتْحِ مَكَّةَ وَحَسْب، بل بفتحِ كنوزِ كِسرى وقيصر؛ وهكذا كان ...

وهكذا سيكون بإذنِ اللهِ تعالى، مع الكِيانِ الغاصِب ...

عندما تكونُ الحربُ حرب زلزلة، ويُفْشَلُ العدوُّ في تحقيقِ أهدافِهِ، كما هو حاصلٌ اليمَ معَ نتن ياهو، فهذا يعني أنَّ النصر قريب(قابَ قوسينِ أو أدنى)، وقريب جداً.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَ كانَ اللَّـهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً*إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَ مِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَ تَظُنُّونَ بِاللَّـهِ الظُّنُونَا*هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَ زُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً*وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّـهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً*...}
 
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَ لا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ*}.

سُنَّةُ الله، ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تحويلا، ولنْ تجِدَ لِسُنّةِ اللهِ تبديلا. 

"ولكن فطاحل أمتنا ، لا يفقهون" ...

المصدر: موقع إضاءات الإخباري