مقالات
حتى لا يتحول ال ١٧٠١، إلى أوسلو لبنانية؟*
حليم خاتون 27 تشرين الثاني 2024 , 15:46 م
كتب الأستاذ حليم خاتون:
لنكن صريحين،
ما يحدث في فلسطين هو بالضبط ما حدث في القارتين الأميركية والأسترالية؛
إبادة جماعية للسكان الأصليين؛
إبادة لن تتوقف عند حدود فلسطين...
الدور آت حتما على جميع الجماعات السكانية في المنطقة الممتدة ما بين الفرات والنيل...
سموتريتش وبن غفير هما الوجه الحقيقي البشع لهذا المشروع الصهيوني رغم تذلل عرب الزبالة...
لم توفر الصهيونية المسيحيين في فلسطين وإن كانت العصا الغليظة وقعت على رؤوس السُنّة بشكل أساسي؛
لا يوجد في فلسطين شيعة...
لو كانت فلسطين شيعية لكان الإخوان المسلمون يشاركون الصهاينة في ذبح الناس...
تم الإبقاء على الدروز في فلسطين لأن الصهيونية رسمت لهم دورا في مرحلة بناء دولة إسرائيل الكبرى من أجل تقسيم لبنان وسوريا قبل ابتلاعهما، ومن اجل حاجة الكيان الاستعماري إلى خدم السبت عند اليهود...
كذلك الأمر مع البدو المنتشرين في فلسطين ولبنان وسوريا والأردن وغيرها؛ بالنسبة لإسرائيل، هؤلاء بدو رحل لا يرتبطون بأرض، لا وجدانيا ولا تاريخيا...
لذلك نجد الكثير من الدروز والبدو يخدمون داخل الجيش الصهيوني ولا يختلفون بشيء عن المرتزقة الذين استجلبهم الكيان إلى غزة ولبنان...
لنكن صريحين...
لم توجد مقاومة في التاريخ مرت في نفس ظروف المقاومة الإسلامية في لبنان...
لنكن صريحين أكثر...
ما عبر عنه نديم الجميل من خوف من عدم انتصار إسرائيل على حزب الله ليس استثناء...
نديم الجميل ليس سوى الواجهة الغبية لفئات كثيرة تنتشر حتى على الشاشات والصحف وحتى داخل المدارس والجامعات وبعض المؤسسات المذهبية...
أكثر من عشرة بالمئة من الشيعة؛ أكثر من خمسين في المئة من الدروز؛
أكثر من خمسين في المئة من المسيحيين؛
على الأقل ثلاثون في المئة من سُنّة لبنان؛
كل هؤلاء يصلّون ليلا نهارا كي تهزم إسرائيل حزب الله...
مئات الآلاف من النازحين السوريين مستعدون لطعن هذا الحزب في الظهر بحجج مذهبية تعود الى ما يسمى زورا "ثورة سورية"...
ثورة لم تكن في واقع الامر سوى غطاء لتدمير الدولة السورية في طريق استعمار المنطقة بأكملها...
إذا كان عميان الإسلاميين لا يرون ذلك؛
هذا ليس عمى بصر؛ هذا عمى بصيرة...
عاد بعض النازحين السوريين من كندا وألمانيا وغيرها للتجسس على حزب الله اثناء الحرب...
ملايين من الشعوب العربية الجاهلية تتبع أنظمة الحكم في بلدانها في التآمر على حزب الله...
يقف الإخوان المسلمون على رأس هؤلاء، خاصة في سوريا والأردن وشمال أفريقيا...
أكثر من ستون يوما مع أشرس الهجمات، لم يستطع الكيان الصهيوني حتى اليوم احتلال بلدة الخيام والتمركز فيها او اختراق البياضة...
لم يستطع الوصول إلى كفركلا والعديسة ومارون الراس وأطراف البياضة إلا بعد تآمر فئات مذهبية مسيحية ودرزية بشكل خاص ممن كانوا يرفضون وجود المقاومة داخل بلداتهم وممن ساعد الاسرائيليين مباشرة عبر التجسس وإرشاد الاسرائيليين، وغير مباشرة عبر التحريض المذهبي...
هذا لا يعني اطلاقا عدم وجود عملاء شيعة وسُنّة؛
لكن تأثير هؤلاء ظل فرديا، ولم يستطع التسبب بغياب المقاومة عن القرى والبلدات الأخرى...
كل هذا صحيح...
كل هذا جرى، ويجري رغم صمت حزب الله تفاديا للفتنة المذهبية...
لكن لنكن صريحين أيضا؛
إلى أي مدى يتحمل حزب الله مسؤولية وجود هذا الكم الهائل من العملاء؟
سنة ٢٠٠٠؛ بعد التحرير تعامل حزب الله بفروسية لا تصدق...
سلّم العملاء إلى السلطة اللبنانية التي اطلقت سراح معظم هؤلاء ليتبين بعدها أن قضاة من المحكمة العسكرية هم اصلا عملاء لاسرائيل واميركا؛ بيتر جيرمانوس مثل...
سنة ٢٠٠٦، خرج الشهيد السيد نصرالله يهدي النصر في لبنان والعالم العربي إلى "ليسوى واللي ما يسواش"...
وقع ضمن هذا الإهداء كل خونة العرب واللبنانيين من النظام الرسمي العربي الذي اجتمع في شرم الشيخ إلى العملاء فؤاد السنيورة ومروان حمادة وجماعة جعجع والجميل...
لم يكتف حزب الله بهذا، بل ذهب إلى الدوحة بعد شبه انتفاضة في السابع من أيار الشهير ليتوج فؤاد السنيورة ملكا على لبنان...
طيلة فترة مشاركته في السلطتين التشريعية والتنفيذية في لبنان، لم يسع حزب الله إلى ترسيخ بناء دولة القانون والقوة والعدالة الإجتماعية واكتفى بالمعادلة الشهيرة بينه وبين النظام اللبناني تقوم على:
لكم فسادكم والاقتصاد والمال، ولي المقاومة والسلاح...
حتى أثناء هذه الحرب، لم يتعلم حزب الله شيئا من التجارب السابقة...
استطاع إلقاء القبض على أكثر من مئة جاسوس...
عاقب اللصوص العاديين عبر ربطهم إلى عواميد في الساحات العامة؛ لكنه سلّم الجواسيس إلى السلطة اللبنانية...
أكثر من خمسين من النازحين السوريين؛ بما في ذلك من عاد من الغرب خصيصا للتجسس؛
كان هناك تشيك، روس، بريطانيون، أميركيون؛ بل حتى اسرائيلي/أميركي جاء بصفة صحافية...
كل هؤلاء سلمهم الحزب إلى السلطة اللبنانية التي استجابت لطلب أميركا باستعادة مواطنيها...
ليس هناك وقاحة أميركية...
هناك احتلال أميركي لهذا البلد تستطيع بموجبه السفارة الأميركية حتى المطالبة بصاروخ أميركي ثقيل لم ينفجر ويجزر باللبنانيين لأن هذا من أملاك حكومة صاحبة الجلالة الإمبريالية، الولايات المتحدةالأمريكية...
لو حدث هذا في بلد آخر لتمت محاكمة الجواسيس ميدانيا واعدامهم في الساحات العامة ليكون ذلك عبرة لمن اعتبر...
لكن حزب الله سار على نهج " من دخل بيت ابي سفيان، فهو آمن" حتى قام من بيت ابي سفيان من سفك دماء أبناء الرسول...
نحن العرب قوم بلغت بنا السذاجة حد الغباء...
الشريف حسين ومكماهون ووعد بلفور، قصة من قصص الكوميديا السوداء...
سنة ٥٦، خرج احد الضباط الأحرار في اجتماع القيادة يطلب من جمال عبد الناصر تسليم نفسه للسفارة البريطانية والاعتذار عن تأميم قناة السويس...
انتهت حرب ٥٦ بانتصار مصر عبر الصمود الأسطوري ضد العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي...
لم يُقدّم هذا الضابط إلى المحاكمة!!!
ليس بتهمة الخيانة؛ بل على الأقل بتهمة الفرار أثناء الحرب وبث الوهن في الشعور القومي والوطني...
كانت مصر تملك من القوة ما يكفي لتدمير نصف إسرائيل لو بادرت هي إلى حرب عادلة من اجل تطبيق القرارات الدولية ١٨١ و١٩٤ سنة ٦٧...
لكن عبد الناصر استمع إلى ما يسمى "الشرعية الدولية!" التي طلبت منه عدم المبادرة إلى الحرب بانتظار تسوية ما...
تماما كما يحصل دائما مع العرب، بما في ذلك، مع محور المقاومة...
لم يكن الكيان بهذه السذاجة...
هاجمت إسرائيل مصر والأردن وسوريا في حزيران ٦٧ وحطمت الجيوش العربية على الجبهات بعد أن حطمت خلال ساعات كل المطارات والسلاح الجوي لهذه البلدان...
هل هناك (عبط!!) أكثر من هذا...
لم يكتف عبد الناصر بذلك، بل وافق على وقف إطلاق النار تاركا إسرائيل وقد استولت على مساحات من الأراضي العربية تفوق مساحة فلسطين بثلاثة أضعاف...
ربما يخرج من يقول لنا أن وضعنا ليس بهذا السوء، وأننا نحقق اليوم بطولات في الميدان لم يحققها اي جيش عربي سنة ٦٧...
ربما يخرج من يقول ان قبولنا بوقف إطلاق النار يرتبط بالحفاظ على السيادة اللبنانية وشرط انسحاب إسرائيل إلى ما بعد الخط الأزرق...
لكن، ماذا بعد؟
هل سأل أحد لماذا وافقت إسرائيل على وقف النار؟
هل يصدق اي مغفل أن هناك ضغوط اميركية واميركا هي من يشن هذه الحرب أصلا؟
هل فقط لأن الكيان يتلقى في البر خسائر فظيعة، وافق على وقف النار؟
هي قامت بتدمير ممنهج فظيع لا نعرف حتى الآن لماذا لم يتم الرد عليه ليس بالمثل؛ على الأقل بالرد على كل غارة ولو بعدة صواريخ نوعية طالما نحن في مرحلة إيلام العدو كما صرح الشيخ قاسم...
مرة أخرى لماذا وافق الكيان على وقف النار...
ببساطة لأن مجرد استمرار الحرب سوف يزيد الشعور المقاوم لكي نصل يوما إلى مستوى فيتنام...
هذا هو السبب الوحيد المنطقي...
ماذا عنا نحن؟
لماذا سعينا إلى وقف النار؟
هل وصل الدمار عندنا إلى ما وصل إليه في هانوي او في ستالينغراد؟
هل خسرنا فعلا كمية كبيرة من العتاد والرجال؟
هل وصل الدمار والمجاعة والبرد في لبنان إلى مستوى غزة؟
حتى لو كان الأمر كذلك، لماذا سعينا الى وقف النار؟
هل استحالت الخيارات الأخرى؟
الأمور مرهونة بالنتائج يقول نائب حزب الله في البرلمان اللبناني، حسن فضل الله...
حتى الآن، لا نعرف بنود الاتفاق فعلا...
لذلك لن نستبق الأمور...
لكن تغيير اسم الحرب من "حرب إسناد إلى "حرب أولي البأس" لا يعني اننا لم نضع سقفا لهذه الحرب تمثل في الارتباط بفلسطين...
بغض النظر عن كل ما يمكن أن يقال عن الفلسطينيين وعدم قيام الشعب الفلسطيني بأكمله بما قامت به الشعوب التي قاتلت حروبا مصيرية كما في فيتنام وكما في الجزائر... بل كما في أفغانستان رغم المعاداة الكاملة لكل عقائد طالبان والقاعدة...
ثم وبصراحة كاملة، ماذا يعني "عودة حزب الله إلى شمال الليطاني"؟
حتى لو كان هذا في ال ١٧٠١...
الا يسبق ال ١٨١ و١٩٤ ال ١٧٠١؟
أم أن جماعة السيادة في لبنان وافقوا على توطين اللاجئين الفلسطينيين؟
ماذا إذا قررت إسرائيل شن هجوم مفاجئ كما حصل في الخامس من حزيران ٦٧ واجتاحت الجنوب حتى الليطاني أثناء غياب المقاومة شمال الليطاني؟
من يدافع عنا؟
من يدافع عن قرانا وبيوتنا؟
هل سوف تقاتل اليونيفيل ضد هذا الاجتياح؟
كلنا نعرف من هي اليونيفيل ومن تحمي اليونيفيل...
اليونيفيل هي حارس حدود لإسرائيل ضد اي مقاومة ولا تفعل شيئا من اجل حماية اللبنانيين...
هل أن الخمسة او عشرة او عشرين ألف جندي لبناني سوف يتصدون ويمنعون سقوط الخيام او البياضة في ساعات في حال الاجتياح وبأي سلاح؟
من سوف يقاتل في غياب المقاومة؟
هل نواضير سامي الجميل، أم جواسيس سمير جعجع المنتشرين في الحزام الأمني في دير ميماس او رميش او القليعة او غيرها هي من سوف يواجه إسرائيل؟...
أم ببنادق الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرقص حسب ميول وليد جنبلاط او تيمور بعد غياب كمال جنبلاط؟...
أمامنا ستون يوما قد تنتهي بمأساة تشبه ما تسبب به أوسلو للفلسطينيين...
كما ضيع أوسلو فلسطين قد يضيع هذا الاتفاق جنوب لبنان، على الأقل حتى الليطاني...
صحيح اننا لم نهزم بعد،
لكننا بالتأكيد لم ننتصر...
بانتظار أن تحزم المقاومة أمرها وتتخذ القرار الحاسم، وتذهب إلى الخيارات الاستراتيجية...
لم يجلب كاتب هذه الأسطر مقولة هدم الهيكل على رؤوس الجميع من بيت ابيه...
إنها كلمات السيد الشهيد حسن نصرالله نفسه...
لا إسرائيل ولا أميركا ولا كل حلف الناتو يستطيع مجابهتنا إذا ما اتخذنا القرار بالمقاومة حتى النصر او الشهادة...
لكن أميركا والغرب يعرفون عن العرب هذه الصفة:
السذاجة إلى درجة الهبل...
يبدو أن التيار الاصلاحي في إيران له جذور عربية في هذا الهبل...
حين هب الشعب الفلسطيني ولم تنفع حتى سياسة رابين في تكسير عظام اهل الانتفاضة بالمعنى الحرفي في كسر هذه الانتفاضة؛ يومها خرج علينا النرويجي تيري رود لارسون ( هو نفسه، لا غيره، رود لارسن الذي ساهم في تخريب لبنان)؛ خرج يقنع ياسر عرفات بما كان عرفات نفسه قد انغمس به منذ تخلى عن الميثاق الوطني الفلسطيني...
كان يجب تخدير الشعب الفلسطيني حتى تستمر الابادة دون أن يشعر احد...
خرج اتفاق أوسلو إلى العلن...
خرجت حلقات دبكة في بعض المخيمات وحتى بين الطلاب الفلسطينيين في شوارع موسكو...
وعد الاميركيون والاسرائيليون عرفات بسلطة جمع القمامة في الضفة وغزة؛ رفضوا حتى أن يكون في اسمها كلمة "وطنية"...
لم يصر عرفات...
بدل السلطة الوطنية الفلسطينية،
تم الاعتراف فقط ب"السلطة الفلسطينية"؛ Palestinian Authority... P.O...
قبِل عرفات وهو يظن إنه أكثر حنكة من الاستعمار...
كنا قبل أوسلو مع حوالي مئة وخمسين ألف مستوطن في الضفة الغربية؛ صرنا بعد حوالي ثلاثة عقود مع حوالي تسعمائة ألف مستوطن...
دخلنا مع منظمة "التحرير" الفلسطينية مع ياسر عرفات قبل ان تغتاله اسرائيل؛ صرنا مع محمود ابو كرش وقوة من أكثر من سبعين الف مسلح فلسطيني دربهم دايتون لمساندة إسرائيل وحمايتها عبر التنسيق الامني الذي قتل الشهيد نزار بنات واعتقل احمد سعادات وآلاف المقاومين...
إلى أين نتجه نحن في لبنان...
إسرائيل شر مطلق"؛
هذا حقيقة وليس شعار...
خلف إسرائيل سوف يكون الغرب دوما...
لقد برهن العالم أن أحدا لن يدافع عنا حين تقوم إسرائيل بقتلنا...
غزة ليست مجرد مثال في المقاومة...
غزة مثال عما يمكن أن يحصل معنا إذا قبلنا بال ١٧٠١ وبعده بال ١٥٥٩ وال ١٦٨٠...
هذا العالم الذي لم يأبه لقتل وجرح مئات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ غي غزة...
هذا العالم الذي يرى ويسمع ويعرف ما يقوله التلمود وما تردده توراة نتنياهو ورابين وبيريز وسموتريتش وبن غفير؛
هذا العالم لا يحترم الا القوة...
هددت إيران ورعدت في حال ذهبت وكالة الطاقة الذرية إلى إدانة طهران...
تمت الإدانة...
فإذا التيار الاصلاحي الفارسي ذو الذهنية العربية في الخنوع يجنح صوب التفاوض...
هنيئا لإيران فتوى الخميني،
ربما كان يجب انتظار رجل يعرف ان هذا العالم غابة تاكل فيها الأسود والوحوش الأرانب...
المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة
عبد الحميد كناكري خوجة : نصر ساحات الوغى على عدو طغى وبغى
كير ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني الجديد والحرب على الإسلام
من خبايا التاريخ "أصول آل سعود وعلاقتهم الحميمة مع الصهاينة اليهود في فلسطين"
تصميم طائرة روسية تجارية تشبه الصحون الطائرة .. إليك التفاصيل
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً