بسم الله الرحمن الرحيم
بعد سقوط دمشق، هل تلتقي المصالح الخليجية بمحور المقاومة؟!
لا يخفى على اي عاقل منصف ان ما حدث لمحور المقاومة في لبنان وسوريا كان عقابا شديدا ومؤلما من القوى العالمية المهيمنة على القرار الدولي بسبب وقوف لبنان وسوريا مع محور غزة وفلسطين.
اعتقد ان محور المقاومة كان قادرا على تحقيق نصر حاسم ضد الكيان الصهيوني لو أنه دخل هذه الحرب الكونية منذ انطلاق (طوفان الأقصى ثم حرب جنوب لبنان ثم حرب سوريا) على اساس انها الحرب الكبرى التي كان ينتظرها ويعد لها منذ تأسيس محور المقاومة وانطلاق الثورةالإسلامية في ايران، لأن هذا المحور قد أعد لهذه الحرب اعدادا جيدا من حيث التسليح والمقاتلين والبيئة الشعبية الحاضنة، ولكن من الواضح ان محور المقاومة تردد في اتخاذ هذا القرار، ربما حفاظا منه على استقرار المنطقة وعدم إعطاء الذريعة للقوى العالمية لإستجلاب جيوشها الى منطقة الشرق الأوسط بعد أن بدأت بالانسحاب منها، وهذا ما اعطى للعدو الصهيوني فرصة استخدام عنصر المفاجئة ومن ثم توجيه ضربات قاسية ومؤلمة لمحور المقاومة، حيث من الواضح ان العدو قرر الانتقال من (نظرية إسرائيل ارض اللبن والعسل والرفاهية ونظرية عدم قدرة إسرائيل على خوض حرب طويلة حفاظا على اقتصادها وأمن شعبها) الى نظرية ضرورة تحقيق الأهداف الكبرى لإسرائيل مهما كلفه الأمر من خسائر وحتى لو أدى الأمر إلى قيام حرب عالمية ثالثة، وأعتقد أن ما حدث بهذه الحرب يجب ان يكون محل دراسة عميقة ومراجعة لأخذ العبر والدروس.
اما بالانتقال الى الرئيس الأسد، فإن ما يميزه عن اغلب الرؤساء العرب والقادة المسلمين هو موقفه المشرف من (قضية فلسطين وغزة) وسياسته الخارجيه حول القضايا العربية، اما السياسة الداخلية له من حيث العدل وحقوق الإنسان والمساواة والديمقراطية والشفافية فكلنا نختلف معه، وقد كنا على أمل كبير أن يطبق الرئيس الأسد ما (وعدنا) به حول هذه القضايا بعد ان نجحنا جميعا على المستوى الشعبي والاعلامي وعلى مستوى قيادات محور المقاومة من دعمه وإبقائه في السلطة، ولكن يبدو ان الرئيس الأسد اخذته نشوة النصر بعد عام ٢٠١٤ وأخلف كل ما وعدنا به حول نشر العدل والمساواة وحقوق الإنسان والديقراطية، واستمر نظامه في ممارسة سياسات داخلية لا ترضي الحق عزوجل ولا ترضي الضمير الانساني، رغم تحذيراتنا المتكررة له ولنظامه عبر القنوات الخاصة والقنوات الإعلامية، ولكن يبقى للرئيس الأسد شرف انه اختار الرحيل السلمي على ان يبقى في السلطة مع توقيع اتفاقية سلام وتطبيع مع إسرائيل وترك دعمه للمقاومة الفلسطينية.
وعودا على بدء هل من الممكن أن تلتقي مصالح محور المقاومة مع دول الخليج لبناء تحالف ولو كان تحالفا مصلحيا ومؤقتا؟! اعتقد ان هذا واردا جدا للأسباب التالية، فدول الخليج العربية تعي جيدا الان ان وجود تركيا وحركة الإخوان المسلمين السنية (اصحاب نظرية خليفة المسلمين اردوغان ونظرية الخلافة العثمانية) في سوريا هو اكبر بكثير من خطر ايران ومحور المقاومة الشيعي، حيث أن محور المقاومة الشيعي لا يجد له أذان صاغية بين جمهور السنة في دول الخليج والعالم العربي والإسلامي بينما نظرية الاخوان المسلمين السنية واردوغان الخليفة تجد لها دعما كبيرا في الاوساط الشعبية في تلك الدول السنية.. كما ان نجاح مشروع تركيا والإخوان المسلمين في سوريا يبشر بربيع عربي جديد لن يستثني دول الخليج ابدا.
وهذا الأمر ايضا ينطبق على تحالف اليمن في صنعاء مع دول الخليج حيث لو استطاع الاخوان المسلمين الوصول للسلطة هناك فإن دول الخليج ستكون بين كماشة الشمال والجنوب الإخواني.. وللمعلومية والتذكير فنحن لسنا ضد الاخوان المسلمين او ضد اردوغان ولكنا ضد سلوكهم المتلون والغير موثوق به حول قضيتنا الرئيسية قضية فلسطين، ولا نستثني من ذلك الا حركة حماس بنسخة (السنوار واسماعيل هنية).
من خلال القراءة التي أشرنا إليها اعلاه، ومن خلال دراسة مواقف السعودية وبعض دول الخليج اخر اربع سنوات سنجد ان للسعودية والإمارات مواقف متقدمة نحو قرائتهم الصائبة للتحولات العالمية وضرورة مد جسور العلاقات مع ايران وروسيا والصين، ومحاولتهم المشاكسة والخروج من تحت الهيمنة الأمريكية والتعامل معها بندية، فإذا جمعنا كل ماذكرناه بهذا المقال سنجد ان التقاء مصالح محور المقاومة ودول الخليج واردا جدا، والله تعالى أعلم وأجل.
د.معن بن علي الدويش الجربا باحث في الشأن العربي والخليجي