كشف باحثون دوليون أن المتحور الجديد من فيروس جدري القردة ، المعروف باسم Clade 1b، أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، حيث ينتشر بسرعة من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى دول أخرى، خاصة من خلال الاتصال الجنسي في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، كما يحمل المتحور الجديد خطرا مرتفعا للإجهاض ويصيب الرجال والنساء على حد سواء، مما يستدعي تعزيز التعاون عبر الحدود وتسريع عمليات الفحص والكشف المبكر.
تحور جديد يزيد من معدل انتقال العدوى
يواصل متحور Clade 1b من فيروس جدري القردة انتشاره السريع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث شهد ارتفاعا في معدلات الانتقال بين البشر، مما يشكل تهديدا خاصا للنساء الحوامل.
وأكد الباحثون، ومن بينهم علماء من معهد DTU الوطني للأغذية، أن تفشي جدري القردة في جمهورية الكونغو الديمقراطية يشكل خطرا متزايدا على انتشار العدوى عبر الحدود. وقد أظهرت التحليلات الجينية أن الفيروس خضع لطفرة جعلت متحوره الجديد أكثر عدوى، مما أدى إلى ظهور ثلاث سلالات فرعية، إحداها انتقلت إلى مدن أخرى داخل الكونغو الديمقراطية، ثم إلى دول مجاورة ودول أخرى مثل السويد وتايلاند.
خطر متزايد على النساء الحوامل
تشير البيانات الناشئة إلى أن متحور Clade 1b قد يكون مرتبطا بزيادة خطر الإجهاض بين المصابات. ونُشرت هذه النتائج في مجلة Nature Medicine ضمن بحث علمي عاجل.
في البداية، كان يُعتقد أن جدري القردة مرض حيواني المنشأ ينتقل من الحيوانات إلى البشر، ولكن في عام 2022، شهد العالم تفشيا استهدف في الغالب الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال، أما المتحور Clade 1b، فهو يختلف من حيث كونه يصيب الرجال والنساء على حد سواء، بالإضافة إلى تسجيل عدد متزايد من الإصابات بين العاملين في المجال الصحي والأطفال.
تحور الفيروس يعزز سرعة انتشاره
صرّح البروفيسور فرانك مولر أورستراب من معهد DTU الوطني للأغذية، الذي يقود مشروع GREAT-LIFE، قائلاً:
"إن الفيروس يتطور كما حدث مع SARS-CoV-2، حيث يخضع لطفرات تزيد من قابليته للانتقال بين البشر، نرى أن إحدى السلالات الفرعية من Clade 1b أصبحت أكثر قدرة على الانتشار، وقد تم رصدها في عدة دول خارج شرق إفريقيا. كما لاحظنا ارتفاعًا في معدلات الإجهاض بين النساء الحوامل المصابات."
الحاجة إلى تعاون دولي لاحتواء انتشار جدري القردة
تشير الأبحاث إلى أن المتحور الجديد ينتقل بسرعة، خصوصا عبر الاتصال الجنسي في المناطق المزدحمة.
وقال فرانك أورستراب:
"حاليا، نشهد انتقالا غير منضبط لمتحور Clade 1b في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية وبوروندي، لكن الانتشار في بقية شرق إفريقيا لا يزال محدودا. وعلى الرغم من تسجيل بعض الحالات دوليا، فإننا لا نتوقع تفشيا واسع النطاق خارج مركز الوباء في شرق إفريقيا في الوقت الحالي، إلا أن هذا الوضع يتطلب استجابة فورية، ومن الضروري تجنب الاتصال الوثيق، خاصة الاتصال الجنسي، في المناطق عالية الخطورة."
يعكس انتشار الفيروس إلى الدول المجاورة الحاجة إلى تعزيز التعاون عبر الحدود لرصد انتقال العدوى، وعلاج المصابين، ونشر التوعية الصحية، خاصة بين العاملين في مجال الجنس.
وأضاف أورستراب:
"يجب اتخاذ إجراءات عاجلة على المستوى المحلي، مثل تكثيف حملات التطعيم وزيادة الوعي العام بطرق انتقال الفيروس، كما يمكن تنفيذ تدابير عالمية مثل إصدار تحذيرات السفر إلى المناطق الموبوءة، خاصة فيما يتعلق بتجنب الاتصال الجنسي هناك."
مشروع GREAT-LIFE ودوره في مكافحة تفشي الفيروس
يُشرف معهد DTU الوطني للأغذية على مشروع GREAT-LIFE، الذي يهدف إلى تطوير قدرات الكشف عن تفشي الأمراض في شرق إفريقيا، ويركز المشروع على تطبيق اختبارات PCR المحمولة لاكتشاف الفيروسات بسرعة، وقد أظهر فعاليته مع ظهور المتحور Clade 1b في الكونغو الديمقراطية.
ساهم المشروع في تزويد الباحثين المحليين والعاملين في القطاع الصحي بالمهارات والأدوات اللازمة لإجراء الأبحاث السريعة وإصدار النتائج المهمة. ومن أبرز إنجازاته:
تحديد المتحور Clade 1b لأول مرة خلال تفشي الفيروس في مدينة كاميتيغا بمقاطعة جنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2024.
تطوير اختبار PCR جديد قادر على كشف الفيروس، بعد أن أثبتت الاختبارات التقليدية عدم قدرتها على ذلك.
تتبع انتشار الفيروس في بوروندي، حيث تم تسجيل أولى الحالات هناك بين يوليو ومنتصف أغسطس 2024.
تحليل انتشار الفيروس داخل كاميتيغا وخارجها، مما ساعد في فهم مدى تفشيه دوليا.
نتائج رئيسية حول متحور Clade 1b
أصبح الفيروس أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، مما أدى إلى انتشاره بسرعة أكبر.
يحدث الانتقال في الغالب من خلال الاتصال الجنسي بين الجنسين.
يلعب العاملون في مجال الجنس دورا رئيسيا في انتشار العدوى داخل المناطق المكتظة بالسكان.
هناك نقص كبير في الإبلاغ عن الحالات المصابة، مما يجعل تفشي المرض أكثر خطورة.
تشير الأدلة إلى أن الإصابة بجدري القردة قد تزيد من خطر الإجهاض لدى النساء الحوامل.
تم تحليل عينات من 670 مريضا مصابا بجدري القردة، وأظهرت النتائج أن 52.4% من المصابين كانوا نساء، بينما 47.6% كانوا رجالا.د، وكانت الغالبية العظمى من حالات العدوى ناتجة عن الاتصال الجنسي، مع تسجيل ثلاث حالات إصابة بين العاملين في القطاع الصحي، كما توفي سبعة مرضى، في حين أجهضت ثماني نساء من بين 14 حالة حمل مصابة.
يشكل متحور Clade 1b من جدري القردة تهديدا صحيا متزايدا، مما يتطلب استجابة سريعة على المستويين المحلي والدولي. ينبغي تكثيف الجهود لمكافحة انتشاره، من خلال تحسين الكشف المبكر، وتعزيز حملات التوعية، والتعاون عبر الحدود لاحتواء التفشي قبل أن يتحول إلى أزمة عالمية جديدة.
