كشفت دراسة وراثية عالمية جديدة عن روابط جينية غير متوقعة بين الطول الموروث جينيا واحتمالية الإصابة بمجموعة واسعة من الأمراض والحالات الصحية، يمكن لهذه البيانات أن تحسن التشخيص المبكر وتساعد في مراقبة المخاطر الصحية للمرضى، مما يفتح آفاقا جديدة لفهم تأثير الطول على الصحة.
دراسة جينية متعددة الأعراق لفحص تأثير الطول على الأمراض
تم نشر البحث في مجلة npj Genomic Medicine، واعتمد على بيانات من ست مجموعات سكانية متنوعة تشمل أصولا أوروبية وأفريقية وشرق آسيوية وإسبانية، استخدم فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة كوين ماري في لندن، طريقة دراسة الارتباط الظاهري الواسعة (PheWAS) لتحليل العلاقة بين الطول المتوقع وراثيا ومجموعة متنوعة من الأمراض.
تعتمد طريقة PheWAS على فحص تأثير الجينات المرتبطة بصفة معينة – في هذه الحالة الطول – على مجموعة واسعة من الحالات الصحية، بدلا من التركيز على مرض محدد، مما يسمح بالكشف عن روابط غير متوقعة بين الطول الموروث جينيا والأمراض المختلفة.
قام الباحثون بتحليل 1,768 صفة صحية لدى أكثر من 800,000 شخص من خلفيات عرقية متنوعة، ووجدوا 254 ارتباطا إحصائيا قويا بين الطول المتوقع وراثيا ومخاطر الإصابة بأمراض معينة.
كيف يؤثر الطول على صحة القلب والتمثيل الغذائي والعظام؟
كشفت الدراسة أن الأشخاص الأطول لديهم معدلات أعلى للإصابة بأمراض الجهاز الدوري، واضطرابات التمثيل الغذائي، وأمراض الجهاز العضلي الهيكلي، ومن بين هذه الحالات، كانت الرجفان الأذيني هي الحالة الأكثر ارتباطا بالطول في التحليل العام عبر جميع الأعراق.
كما كشفت الدراسة عن اختلافات تعتمد على العرق والجن، على سبيل المثال، ارتبط الطول المرتفع بانخفاض خطر الإصابة بفرط بوتاسيوم الدم لدى الرجال، لكنه لم يظهر أي ارتباط لدى النساء.
الفروق العرقية والجندرية في العلاقة بين الطول والأمراض
أظهرت بعض الارتباطات تأثيرا واضحا في مجموعات عرقية محددة. فعلى سبيل المثال، كشفت التحليلات أن الرجال من أصول أوروبية الذين يتمتعون بطول وراثي مرتفع كانوا أقل عرضة للإصابة باضطرابات القلق واضطراب ما بعد الصدمة، بينما لم يظهر هذا التأثير في التحليل الذي شمل جميع الأعراق.
ومن بين النتائج اللافتة، تم العثور على ارتباط مهم في التحليل الخاص بالنساء فقط، حيث ارتبط الطول المرتفع بزيادة خطر الأورام الحميدة في أجزاء مختلفة من الجهاز الهضمي، وهي علاقة لم تُلاحظ في التحليل المشترك بين الجنسين.
تأثيرات جديدة للطول على الصحة لم تكن معروفة من قبل
قالت الدكتورة أريتي بابادوبولو، الباحثة في وحدة الإحصاء الحيوي التابعة لمجلس البحوث الطبية والمؤلفة الرئيسية للدراسة:
"استكشفت دراستنا تأثير الطول الوراثي على الأمراض لدى ما يصل إلى 840,000 فرد من أصول أوروبية وأفريقية وشرق آسيوية وإسبانية، وقد كشفنا عن روابط جديدة مع اضطرابات نفسية وأمراض تتعلق بالجهاز الغدد الصماء، لم يكن يُعرف سابقا ارتباطها بالطول."
من جانبها، قالت الدكتورة إيريني مارولي، الأستاذة المساعدة في علم الأحياء الحسابي وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة:
"تكشف دراستنا عن روابط مهمة بين الطول الوراثي والعديد من الحالات الصحية، مما يوفر رؤى جديدة حول مخاطر الأمراض.
"نظرا لأن الطول صفة وراثية معقدة، فإن ارتباطاته بالأمراض تمنحنا فهما أعمق للآليات البيولوجية الكامنة وراءها. من خلال تحليل البيانات الجينية عبر أعراق متعددة وإجراء تحليلات تعتمد على الجنس، استطعنا تحديد ارتباطات يمكن أن تحسن التشخيص المبكر ورعاية المرضى."
أهمية الدراسات الجينية الشاملة لفهم تأثير الطول على الصحة
أكد الباحثون أن نتائج هذه الدراسة تسلط الضوء على أهمية إجراء دراسات وراثية شاملة ومتنوعة، لضمان أن التقدم العلمي يفيد جميع الفئات السكانية، من خلال دمج التحليلات العرقية والجندرية، يمكن تحسين الفهم العلمي لمخاطر الأمراض وتعزيز الرعاية الصحية المبكرة.
كيف يمكن أن تؤثر هذه النتائج على الطب الحديث؟
تفتح هذه الدراسة الباب أمام تطوير استراتيجيات وقائية وتشخيصية مخصصة استنادًا إلى الطول الوراثي، مما قد يساعد في تحسين التنبؤ بالمخاطر الصحية وتقديم رعاية أكثر دقة للمرضى، قد تؤدي هذه المعرفة أيضًا إلى تطوير علاجات مستهدفة جديدة للأمراض المرتبطة بالطول، مما يعزز من فعالية التدخلات الطبية مستقبليا.



