حقق الباحثون إنجازا جديدا في مجال الطاقة المتجددة عبر تطوير محفز حديدي منخفض التكلفة وفعال للغاية لعملية أكسدة الماء.
يعمل هذا الابتكار على محاكاة عملية التركيب الضوئي الطبيعية، متجاوزا قيود المحفزات المعدنية النادرة والمكلفة، يتميز المركب الجديد، Poly-Fe5-PCz، باستقرار استثنائي وكفاءة فاراداي شبه مثالية، مما يجعله عنصرا محوريا في إنتاج الهيدروجين النظيف.
أكسدة الماء: مفتاح إنتاج الطاقة المتجددة
تُعد أكسدة الماء عملية أساسية في إنتاج الهيدروجين والطاقة المتجددة، حيث يتم من خلالها فصل الماء إلى غازي الأكسجين والهيدروجين، ما يوفر مصدرا نظيفا ومستداما للطاقة.
ولكن محاكاة كفاءة واستقرار التركيب الضوئي الطبيعي باستخدام المحفزات الاصطناعية، خصوصا في البيئات المائية، ما تزال تمثل تحديا كبيرا، ورغم أن المحفزات المصنوعة من معادن نادرة مثل الروثينيوم فعالة للغاية، إلا أن تكلفتها المرتفعة وندرتها تحدّ من استخدامها على نطاق واسع.
محفز حديدي متعدد النوى منخفض التكلفة
لمواجهة هذه التحديات، قاد البروفيسور ميو كوندو وفريقه من معهد طوكيو للعلوم (Science Tokyo) بحثا لتطوير نظام تحفيزي أكثر استدامة يعتمد على المعادن المتوفرة بكثرة، نُشرت نتائج هذا البحث اليوم في مجلة Nature Communications، لتقدم بديلاً واعدا في مجال تقنيات الطاقة النظيفة.
محفز خماسي النوى: ابتكار فريد لتعزيز الأداء
يقدم البحث محفزا جديدا متعدد النوى، يُعرف باسم Fe5-PCz(ClO₄)₃، يتميز بموقع نشط للتحفيز المعتمد على التركيب متعدد النوى، مما يعزز من كفاءة نقل الشحنات.
يشرح كوندو قائلا:
"عبر بلمرة هذا المركب الحديدي كهربائيا، يمكننا إنتاج مادة بوليمرية تعزز النشاط التحفيزي والاستقرار طويل الأمد، مما يتيح دمج مزايا الأنظمة الطبيعية مع مرونة المحفزات الاصطناعية، ويمهد الطريق نحو حلول طاقة أكثر استدامة."
طريقة مبتكرة لتطوير أنظمة تحفيزية لأكسدة الماء
تم تصنيع مركب Fe5-PCz(ClO₄)₃ باستخدام تفاعلات عضوية مثل التبروم، الاستبدال النيكليوفيلي، تفاعلات سوزوكي، والتعقيد الكيميائي اللاحق.
ثم خضع المركب لعدة تحليلات متقدمة، بما في ذلك مطياف الكتلة، التحليل العنصري، وتحليل الأشعة السينية للبلورات الأحادية.
لاحقا، تم تعديل أقطاب الكربون الزجاجي وأكسيد الإنديوم والقصدير عبر بلمرة المركب باستخدام تقنيات مثل الجهد الدوري والتحليل الكهربائي بالجهد المحكوم، مما أدى إلى إنتاج المحفز البوليمري Poly-Fe5-PCz.
تم تقييم قدرة المحفز على نقل الشحنات وكفاءته التحفيزية باستخدام تقنيات مثل مطياف المقاومة الكهربائية والتحليل اللوني للغازات لقياس إنتاج الأكسجين.
أداء استثنائي واستقرار طويل الأمد
أظهرت النتائج إمكانيات مذهلة:
كفاءة فاراداي تصل إلى 99% في الوسط المائي، مما يعني أن غالبية التيار الكهربائي المطبق يُستخدم بفعالية في عملية أكسدة الماء.
قدرة تحفيزية فائقة بالمقارنة مع الأنظمة الأخرى، حتى في ظل ظروف التشغيل الصارمة.
إمكانية تخزين طاقة محسنة وتوافق عالٍ مع الأقطاب الكهربائية، مما يجعل المحفز مناسبًا لمجموعة واسعة من تطبيقات الطاقة المتجددة.
استقرار طويل الأمد تم تأكيده من خلال اختبارات الجهد المستمر، وهي ميزة أساسية في إنتاج الهيدروجين وتخزين الطاقة.
تأثيرات مستقبلية على الطاقة المستدامة
تشير هذه الدراسة إلى تأثيرات عميقة على مستقبل الطاقة النظيفة، استخدام الحديد، وهو معدن متوفر وغير سام، يجعل النظام صديقا للبيئة ومنخفض التكلفة، مما يقدّم بديلاً عمليا للمحفزات القائمة على المعادن الثمينة.
كما أن استقراره العالي في البيئات المائية يحل إحدى أكبر المشكلات التي تواجه الأنظمة التحفيزية الاصطناعية، حيث غالبا ما تؤدي تفاعلات التحلل طويلة الأمد إلى تراجع أدائها بمرور الوقت.
نحو إنتاج الهيدروجين على نطاق واسع
يختتم كوندو حديثه قائلا:
"تحسين عملية تصنيع Poly-Fe5-PCz وزيادة قابليتها للتوسع يمكن أن يعزز من أدائها بشكل أكبر، مما يمهد الطريق نحو إنتاج الهيدروجين على نطاق صناعي. تفتح دراستنا آفاقًا جديدة لإدماج هذا النظام في تقنيات الطاقة المستقبلية، مما يسهم في تحقيق مستقبل أكثر استدامة."
هل سيكون هذا الابتكار هو المفتاح لتحقيق حلم الهيدروجين النظيف والاقتصادي؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة!



