شهد نصف الكرة الجنوبي نشاطا غير مسبوق للأعاصير المدارية خلال فبراير 2025، حيث اجتاحت ستة أعاصير مدارية المحيطين الهندي والهادئ الجنوبي في وقت واحد، وهو أمر نادر الحدوث في علم الأرصاد الجوية.
إعصاران في محيطين: مشهد جوي نادر
مع نهاية فبراير 2025، كانت العواصف الاستوائية تضرب محيطين مختلفين في نفس الوقت. ففي جنوب المحيط الهادئ، اشتدت ثلاث عواصف استوائية نشطة، وهو مشهد نادر لكنه ليس غير مسبوق، بالتزامن مع ذلك شهد المحيط الهندي المجاور ثلاثة أعاصير أخرى تتشكل في آنٍ واحد.
التقطت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة NOAA-20 صورا مذهلة لهذه العواصف، حيث أظهرت خمسة من الأعاصير الستة بوضوح عبر التصوير بالأشعة تحت الحمراء، هذه الصور تبرز الاختلاف في درجات حرارة السحب، حيث تظهر الهياكل السحابية الباردة باللونين الأبيض والأرجواني، بينما تبدو المناطق الأكثر دفئا باللونين الأصفر والبرتقالي، قبل يوم واحد فقط، كان إعصار "راي" الاستوائي قد بدأ في الضعف بعد أن جلب أمطارا غزيرة إلى فيجي.
الأعاصير تضرب جنوب المحيط الهادئ
في جنوب المحيط الهادئ، كانت الأعاصير "ألفريد" و"سيرو" و"راي" تدور بالقرب من بعضها البعض، بقي إعصار "سيرو" بعيدا عن سواحل أستراليا، لكنه اشتد مؤقتا ليصل إلى الفئة الأولى على مقياس سافير-سيمبسون. أما إعصار "ألفريد"، فقد كان متوقعا أن يبقى في عرض البحر، لكنه تسبب في اضطرابات ساحلية خطيرة في جنوب كوينزلاند، وفقا لمكتب الأرصاد الجوية الأسترالي، بحلول 27 فبراير، تصاعدت قوة "ألفريد" إلى الفئة الرابعة.
أما إعصار "بيانكا"، الذي تشكل قبالة الساحل الغربي لأستراليا، فقد بدأ في الضعف في 26 فبراير ليعود إلى عاصفة استوائية، ورغم أنه اشتد إلى الفئة الثالثة قبل ذلك بيوم، إلا أنه بقي بعيدًا عن اليابسة، مما حال دون تأثيره على أستراليا أو الجزر القريبة.
الأعاصير تهدد الجزر في المحيط الهندي
في المحيط الهندي، شكّلت الأعاصير "هوندي" و"غارانس" تهديدا مباشرا للجزر المأهولة بالسكان، مع اقتراب إعصار "غارانس" من جزيرة موريشيوس شرق مدغشقر، أعلنت السلطات تعليق الرحلات الجوية وإغلاق المطار في 26 فبراير، حيث كانت سرعة الرياح تصل إلى 190 كم/ساعة (120 ميل/ساعة). ارتفعت قوة العاصفة من الفئة الثانية إلى الفئة الثالثة خلال 24 ساعة فقط.
أما إعصار "هوندي"، فقد مر جنوب مدغشقر كإعصار من الفئة الأولى، لكنه جلب أمطارا غزيرة ورياحا عاتية وأمواجا عاتية إلى وسط وجنوب مدغشقر، وكذلك إلى موريشيوس وجزيرة ريونيون.
درجة حرارة المحيطات تحفّز العواصف الاستوائية
يرى خبراء الأرصاد الجوية أن ارتفاع درجات حرارة سطح البحر وانخفاض قص الرياح قد ساهما في هذا النشاط المداري الكثيف، فمنذ سبتمبر 2024، تعاني المنطقة قبالة الساحل الغربي لأستراليا من موجة حر بحرية غير معتادة، مما أدى إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات بشكل غير طبيعي بحلول أواخر فبراير 2025.
وفقا لمكتب الأرصاد الجوية الأسترالي، كان متوقعا أن يكون موسم الأعاصير المدارية لهذا العام أكثر نشاطا من المعتاد بسبب الاحترار المستمر للمحيطات، يُذكر أن موسم الأعاصير المدارية في نصف الكرة الجنوبي يمتد عادةً من نوفمبر إلى أبريل، لكن هذا الحدث يعكس شدة التغيرات المناخية وتأثيرها المتزايد على أنماط الطقس العالمية.



