كتب الأستاذ حليم خاتون
"لماذا باتت المنطقة تحت النفوذ الاميركي الإسرائيلي؟"
بهاتين العبارتين، عقبت السيدة بتول في قناة المنار على ما قاله الأستاذان علي حيدر وعُرَيب الرنتاوي...
نظرة شاملة من فوق المنطقة تُظهر ملعبا كبيرا جدا يمتد على كامل المشرق العربي إضافة إلى دول أساسية في غرب آسيا من باكستان إلى إيران إلى أذربيجان إلى أفغانستان، وهناك طبعا تركيا...
في كل تلك المنطقة، اختلط الحابل بالنابل...
الفوضى العارمة تعم عند الكل، باستثناء مشروعان إثنان:
١-المشروع الأميركي الاسرائيلي؛
٢-والمشروع الأميركي الذي يستثمر في السلفية الجهادية للسُنّية الوهابية بقايا الاخوان المسلمين...
هذان المشروعان يسيران جنبا إلى جنب في خط تصاعدي مع فرق بسيط...
الأميركي يمشي ببراغماتية ثبت نجاحها أمام عدة منعطفات بدءا من السد الناصري والقومية العربية، مرورا باليسار القومجي الانتهازي الذي كانت منظمة التحرير الفلسطينية والاحزاب الوطنجية جزءا منه، وانتهاء بمحور المقاومة الذي ارتكب من الأخطاء الاستراتيجية ما لا يُعد ولا يُحصى حتى انتهى شهيدا تحت عشرات الأمتار في عمق الارض، وهو لا يزال يتردد بين شن الحرب الشاملة أو انتظار اكتمال حياكة تلك السجادة الإيرانية المرتبطة بصبر فاق حتى صبر أيوب...
في هذا الملعب الكبير، لا يوجد حكم واحد...
مجموعة ضخمة من الحكام...
كل يطلق العنان لصافرته على هواه...
ليس هناك حتى كرة واحدة...
كيفما تلفت المرء يجد لاعبا يركض بكرة...
منهم من يلعب بقوانين كرة القدم، ومنهم بقوانين كرة السلة او الكرة الطائرة او غيرها من الألعاب؛ هناك من يلعب على هواه دون احترام اية قوانين على الإطلاق...
الحكم الأميركي لا يتوانى عن تمرير الكرات لإسرائيل برجله، بيده، برأسه؛ بأية طريقة.. لا يهم...
الحكم الأميركي قد يرفس أو يضرب أو يدفع أو يمسك أو يمنع أي لاعب آخر باسم الشرعية الدولية التي اختصرها في شخصه...
الحكام الأوروبيون يركضون في جميع الإتجاهات، أحيانا بهدف؛ وأحيانا أخرى لمجرد إثبات انهم لا يزالون أحياء؛ لكن حركتهم تجري وفق مشيئة الحكم الأميركي في نهاية المطاف...
في الحقيقة، الجميع يجري في كل الاتجاهات دون أهداف واضحة...
وحده الأميركي يتأبط الإسرائيلي في يد، ومجموعات الوهابية من كلاب بندر بن سلطان في اليد الأخرى، ينطلق بهما وهو يملك هدفا واضحا جدا حتى لو بدت حركته غير مفهومة لمن لا يفهم أي شيء اصلا؛ أو على الأقل، يفهم ويتريث ويتردد الى حد المستحيل... والمعني هنا هو محور المقاومة وكل مكونات بلاد الشام...
الفرق بين الاميركي والاسرائيلي هو أن الأميركي يعمل براغماتيا لهذا الهدف منذ أكثر من قرن...
هو غير مستعجل لانه واثق من أن العالم يخضع لمشيئته في النهاية؛ بما في ذلك روسيا والصين...
الإسرائيلي، نتنياهو تحديدا، مستعجل جدا...
هو يرى مشروع إسرائيل الكبرى وقد اقترب من فرض نفسه أكثر من اي وقت مضى بفضل عاملين اثنين:
١-عالم عربي وعالم إسلامي من النعاج والبغال والحمير والبقر...
٢-محور مقاومة "متيس" في إيران خلف فتوى سوف تجلب "آخرته"...
أميركا التي شنت الحروب باسم القضاء على القاعدة وطالبان، انتهى بها المطاف إلى تسمية الجولاني رئيسا شرعيا لسوريا بعد أن عملت منظمة الخوذ البيضاء البريطانية على تنظيفه، وتشطيفه، وتشذيب لحيته، ثم إلصاق زوجة من الإنس به بدلا من حور العين المؤجل النظر بمهمتهن...
يصرخ الأميركي في الجميع يريد فرض إقامة ريفييرا في غزة بعد إرسال أهل القطاع إلى " مش مهم وين!"...
طفل من غزة، مبتور الأطراف، محروق الجلد والقلب يصفع ترامب ويجبره على نسيان هذه الريفييرا إلى حين...
بينما ملياران من الحمير يعجزون حتى عن رفع الأعين والنظر مباشرة في وجه الصلافة الأميركية...
يركض الحكم الأميركي صوب اللاعب اللبناني، يلكمه، ثم يدفعه، ثم يشده من الشعر... يريد الانتقام منه بعد أن تلقى أكثر من صفعة من اللاعب اليمني...
غريب أمر هؤلاء اليمنيين...
حتى إيران تتجنب الأميركي اتقاء من شروره...
وحده اليمني لا يعبأ لأميركا...
حتى الروسي والصيني يخافان من غضب ترامب... لكن وحده اليمني يتجرأ ويصفع الأميركي سحسوح على رقبته قبل أن يضيف قائلا:
نعيماََ...
منذ مدة والناس تسأل:
هل حزب الله جاهز فعلا كما يقول الشيخ نعيم؟
هل يرد الحزب؟
متى يرد الحزب؟
مسكين حزب الله...
من أين سوف تأتي الضربة القادمة؟
عادت جثة بغل قُتل في سوريا إلى خلدة...
عشائر عرب وادي خالد الذين لطالما ناصروا زعيم الدروز وليد جنبلاط، وقطعوا الطرقات لمضايقة أهل الجنوب وأهل المقاومة؛ قرروا إرسال بغالهم إلى سوريا لقتل أهل السويداء...
٦٥٠ يوما وغزة تصرخ وتتألم...
لم يرم أهل السُنّة من العشائر إبريق القهوة أرضا...
لم يسمع أهل غزة أحد من عرب وادي خالد او عرب الخليج او عرب الأردن...
السُنّي الذي يقاتل إسرائيل كافر..
أهل السُنّة في غزة من الكفار...
عاد البغل القتيل من سوريا فخرج آلاف البغال في التشييع يرفعون البنادق ويدعون للجهاد ضد...
لا ليس إسرائيل...
الجهاد الواجب الآن هو في السويداء!
هل يرد حزب الله على خروقات إسرائيل؟
أكيد يجب أن يرد الحزب؛ لكن الرد يجب أن يكون متعدد الرؤوس...
المقاومة في لبنان يدها على الزناد؛ لكن في عدة اتجاهات...
الإسرائيلي من الجنوب وجنوب الشرق، والتكفيري لم يعد فقط على الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا...
هو صار في قلب الدار مع تدفق الدواعش وكلاب النصرة ضمن النازحين من سوريا...
كل ما سبق ليس أكثر من محاولة توصيف ما حصل وما يحصل...
لكن أين الإجابة على سؤال وتساؤل السيدة بتول؟
لماذا وصلنا إلى هذا المطاف...
الجواب أيتها السيدة في قناة المنار التي تحمل راية المقاومة سوف تسمعينه من فم المناضل الأممي وآخر العظماء الكبار من الفيلق الأممي؛ من فم جورج ابراهيم عبدالله...
كان الشعار الذي رفعه مقاتلوا الدكتور وديع حداد يقول:
"وراء العدو في كل مكان وزمان"...
مقاتلو الفيلق الأممي قالوا وفعلوا...
أما محور المقاومة،
فقد قال الكثير ولم يجرؤ على فعل كل ما قاله...
لذلك حصل مع حزب الله تماما ما حصل مع عبد الناصر...
حتى إيران لم تتعلم، وكان عندها في ١٣ حزيران ٢٠٢٥ مرادف لعبد الحكيم عامر...
اطمأن الإيراني للمفاوضات مع أميركا وحدد ١٣ حزيران موعدا لمناورات الجيش والحرس الثوري...
اجتمع القادة لمتابعة المناورة من مركز القيادة فانقض الإسرائيلي الذي كان على علم بهذا الموعد ومعه الأميركي بالشراكة في التخطيط والخديعة...
عبد الحكيم عامر لم يكن جاسوسا، ولا عميلا...
كان غبيا طار إلى حفل للضباط فصدرت الأوامر للدفاعات الجوية بالاسترخاء...
كذلك فعل الإيرانيون من اجل مناورات ١٣ حزيران؛ فكانت الضربة...
نفس هذا الإيراني وافق على التفاوض مع الأوروبيين ولا يرفض التفاوض مع الأميركيين...
حتى متى والى اي مدى قد يصل الهبل؟
هذا مرض عُضال اصيب به محور المقاومة والشفاء منه يحتاج إلى دم جديد قديم يستوحي من محمد الضيف ويحي السنوار ووديع حداد وغيفارا وقاسم سليماني...
وراء العدو في كل مكان وزمان...
هذا هو الرد...