المشروع النهضوي
مقالات
المشروع النهضوي
جورج حدادين
8 آذار 2025 , 22:04 م


المبادرة الوطنية الأردنية
جورج حدادين
النهوض يشترط إعادة الاعتبار لحضارتنا الممتدة من عمق التاريخ، وبما أن الحضارة تخضع لقانون التراكم، فأن وعي حقيقة امتداد الماضي في الحاضر، يصبح شرط بناء المستقبل، من هنا نفهم أن حجز الحضارة السابقة عن وعي المجتمع، والقطع والفصل بين حلقاته وتمجيد مرحلة على حساب طمس ما سبقها، هي في الجوهر حرب ناعمة قائمة على الأمة العربية، لمنعها من النهوض.
" ما لم تعرف حضارة وتاريخ الجغرافيا، الزمان - المكان، فلن تتمكن من الانتماء اليه، ولن تتمكن من الدفاع عنه وحمايته"
هل يمكن إحداث التغيير في بنية المجتمع والدولة قبل إحداث التغيير في وعي المجتمع، الثورة الثقافية؟
هل تعي القوى الاجتماعية مفاعيل سياسة “صناعة القبول وثقافة القطيع” التي تعتمدها قوى الهيمنة العالمية، من أجل ضمان إدامة وإعادة إنتاج الهيمنة على شعوب الأرض كافة.
امتلاك القوى الاجتماعية، معرفة حقيقية في تاريخية وكيفية تطور التشكيلة الاقتصادية – الاجتماعية القائمة، ومعرفة علاقة هذا التطور بالشروط الداخلية والخارجية، أي هل حدث التطور بشكل طبيعي مستقل، أم بالتبعية بفعل قوة خارجية، تشكلان شرطين مسبقين لصياغة مشروع التغيير.
ومن هنا يتضح أهمية ودور الثورة الثقافية متلازماً مع الثورة الاجتماعية في إحداث التغيير.
عملية التغيير عمل نضال تراكمي يومي، والنضال في جوهره تعبير حقيقي لصفات الحياة الاجتماعية والنشاط البشري في الطبيعة، يولّد في الإنسان مشاعر الحب والحبور والحرية والجمال والأكتفاء والسمو، تلك الصفات المتأصلة في الذات البشرية.
النضال اليومي هذا سيتوج حتماً بثورة ثقافية – اجتماعية، تحرر الوطن والمجتمع من الهيمنة والتبعية، ويفتح الآفاق أمام بناء مجتمع الغد، مجتمع الرفاه والمساواة والإنتاج على كافة الصعد.
جاءت أزمة الرأسمالية المضاربةلتشكل منعطف وتعري اهتراء المنظومة الرأسمالية المضاربة، وتكشف عمق وشمولية الأزمة القائمة، وتفضح استحالة الخروج من الأزمة عبر الحلول التي قدمتها الطغمة المالية العالمية، ويبدو أن الدول والمجتمعات ستكون مشغولة لفترة طويلة، في ترميم ذاتها على كافة الصعد: الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية والسياسية، ويبدو أن فريسة الأزمة السهلة هي الدول والمجتمعات الريعية التابعة المستهلكة، والأردن واحدة من هذه الدول والمجتمعات.
هل نمتلك الإرادة والقدرة والمقدرات لنحول المحنة الى فرصة، لبناء المجتمع القويّ المنيع المعاف المزدهر، وبالإعتماد على الذات الوطنية،
الجواب نعم ولكن هناك شروط يجب توفرها لتحقيق هذا الهدف، وفي مقدمتها الثقة بالذات ووعي الإمكانات المتاحة الهائلة المادية والمعنوية، وتحرير الثروات الطبيعية والمقدرات الوطنية الهائلة، وتنمية قطاعات الإنتاج، حيث آفاق تطورها قائم على آرض الواقع، وإمكانية احداث التراكم الرأسمالي الوطني متوفرة وبقوة، والتراكم المعرفي بشقية التقني والثقافي موجود،
فما ومن يعيق التنمية الوطنية؟ أقلية قليلة 1% تسيطر على أغلبية غالبة 99%
كيف يحصل، ولماذا يستمر هذا الواقع؟
السبب غياب الوعي والثقة بالذات لدى الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة صاحبة المصلحة الحقيقية في التغيير، وغياب الحس المرهف والنظرة الجمالية لعملية النضال.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري