“نحن نكافح وحدنا”… عدنان ملحم: البلديات تواجه الإنهيار والدولة غائبة
أخبار وتقارير
“نحن نكافح وحدنا”… عدنان ملحم: البلديات تواجه الإنهيار والدولة غائبة
داني القاسم
29 تموز 2025 , 08:58 ص

في وقتٍ تتصاعد فيه الأزمات على مختلف الأصعدة في لبنان، وتغيب فيه الدولة عن مسؤولياتها تجاه المناطق الطرفية، تتحوّل البلديات إلى خط الدفاع الأول في وجه الانهيار. 

ومع تفاقم الضغوط اليومية، تجد المناطق الريفية نفسها في مواجهة مفتوحة مع أزمات الخدمات والبنى التحتية وغياب الأمن، من دون أي دعم فعلي من السلطة المركزية.

ومن بين هذه المناطق، تبرز منطقة الجومة الواقعة في محافظة عكّار، كنموذج حيّ لمعاناة القرى والبلدات المهمّشة، التي باتت تعتمد على موارد شبه معدومة وقدرات بشرية محدودة، لمواجهة أعباء متشعّبة تتراوح بين الشأن البلدي والخدماتي والإجتماعي، مروراً بالوضع الأمني والسكاني. 

في حديثٍ خاص حول الواقع السياسي والإقتصادي والإجتماعي في منطقة الجومة، أكد رئيس اتحاد بلديات الجومة عدنان ملحم لموقع «اضاءات» أنّ البلديات تعاني من ظروفٍ مالية وإدارية شديدة الصعوبة، وسط غياب أي دعم فعلي من الدولة، وأوضح أنّ معظم البلديات ورؤسائها تسلّموا مهامهم في ظل صناديق شبه فارغة أو مفلسة، في وقتٍ تعاني فيه المنطقة من حرمان مزمن، يشبه إلى حدّ كبير ما يمرّ به لبنان عموماً.

وعن أبرز التحدّيات، قال ملحم: “إنّ تأمين الأموال اللازمة للنفايات ولرواتب النقابات والعاملين بات عبئا ثقيلاً على كاهل البلديات، خصوصاً لجهة جمع النفايات وإرسالها إلى مكب سرار، وسط غياب أي مساهمة مركزية حقيقية في هذا الإطار”.

وأشار ملحم إلى وجود تعاون وتنسيق فعلي بين بلديات الجومة، موضحاً أنّ الإتحاد يعمل على ملفّات حيوية كمعالجة أزمة شحّ المياه، وتأمين آليات إطفاء تحسّباً لحرائق الصيف، في ظل حرارة مرتفعة تهدّد الغطاء الأخضر والثروة الحرجية.

وفي ما يخصّ غياب عناصر الشرطة البلدية، قال: “البلديات تحاول ضمن إمكاناتها تعزيز عدد عناصر الشرطة في نطاقها، نظراً لأهميتهم في حفظ الأمن وضبط المخالفات”، وأضاف: “كوني أيضاً رئيس بلدية رحبة، فإن أولويتي الأساسية اليوم هي ملف الشرطة، كي أتمكن من السير بباقي الملفات”.

أما عن الأسباب التي تمنع عودة الشرطة البلدية إلى نشاطها، فأوضح أنّ المشكلة ليست سياسية بل مادية ولوجستية، “فالشرطة تحتاج إلى تجهيزات وآليات وتأمينات، وهذه تكاليف كبيرة لا قدرة للبلديات على تحمّلها في ظل غياب الإيرادات”.

وعن فوضى الدراجات النارية، لا سيّما غير المرقّمة وتلك التي يقودها قاصرون، قال ملحم: “هذه المشكلة تطال جميع البلديات. الشرطة باشرت منذ مدة بقمع المخالفات، سواء أكانت من الدراجات أم من السيارات التي تصدر موسيقى صاخبة وتتسبّب بإزعاج الأهالي”.

كما لفت إلى وجود تنسيق مع الأجهزة الأمنية ومع البلديات المجاورة لمواجهة هذه الظاهرة، معرباً عن أمله بتعزيز قدرات هذه الجهات في ظل التحديات المشتركة التي يواجهونها.

وفيما خصّ الوجود السوري في الجومة، شدّد ملحم على أنّ “المنطقة تشهد تزايداً في أعداد النازحين، خصوصاً الجدد منهم”، مشيراً إلى أن البلديات باشرت بإجراء إحصاء دقيق بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، تمهيداً لإرساله إلى المديرية العامة للأمن العام.

وعن الخطط المستقبلية لتحسين الوضع العام في الجومة، أكّد أنّ النية موجودة، لكن الإمكانيات محدودة. 

وأضاف: “نركّز اليوم على ملفات أساسية كالمياه، خصوصاً إنشاء برك مائية للطوافات، لأن الجومة تمتلك ثروة حرجية كبيرة يجب حمايتها. كما نتابع مع الوزارات المعنية ملف النفايات، وإن لم نجد حلولاً، فسنتّجه نحو تصعيد تدريجي، نظراً لحساسية الوضع، لاسيما أن الجومة تغذّي مناطق الشفت والسهل بالمياه”.

وختم ملحم تصريحه برسالة إلى أهالي الجومة، قائلاً: “نحن نمرّ في ظروف صعبة، لكنّ رؤساء البلديات الحاليين والسابقين لديهم مبادرة واستعداد للعمل، ننتظر من الدولة أن تلتزم بواجباتها وتدعمنا بما هو مستحق. الجومة منطقة نموذجية في العيش المشترك، ونحن فخورون بهذا الكنز، ونتمنّى أن تتوفّر الإمكانيات لنكافئ هذا الشعب المظلوم”.