سوريا بين صراع الهوية والتدخلات الخارجية
مقالات
سوريا بين صراع الهوية والتدخلات الخارجية
محمد سعد عبد اللطيف
15 آذار 2025 , 19:32 م


بقلم: محمد سعد عبد اللطيف، مصر


منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011، دخلت البلاد في دوامة من العنف والصراعات الداخلية والإقليمية، حيث تحولت الاحتجاجات الشعبية ضد نظام بشار الأسد إلى حرب أهلية معقدة امتزجت فيها الحسابات السياسية بالتدخلات الخارجية، مما أدى إلى تشرذم المجتمع السوري وتفاقم أزمة الهوية. في هذا السياق، لم تكن مصر بعيدة عن المشهد السوري، إذ تفاعل الشارع المصري مع الأحداث، وانقسم بين مؤيد للثورة السورية وبين من يرى في سقوط النظام تهديدًا إقليميًا قد ينعكس على أمن مصر واستقرارها.
سقوط الحكم والقتل على الهوية
مع تصاعد العنف في سوريا، برزت ظاهرة القتل على الهوية، حيث أصبح الانتماء الطائفي أو السياسي عاملًا حاسمًا في تحديد مصير الأفراد. استخدمت الجماعات المسلحة المتعددة، سواء الموالية للنظام أو المعارضة، الانتماء المذهبي كأداة في صراعها، مما أدى إلى مجازر بحق المدنيين وتزايد حالات التهجير القسري، لا سيما في مناطق مثل حلب وريف دمشق وحمص.
التدخل الإسرائيلي في درعا: دواعي أمنية أم إعادة رسم للخارطة؟
في ظل الفوضى، وجدت إسرائيل الفرصة سانحة لتوسيع نفوذها في جنوب سوريا، حيث دخلت قواتها إلى مناطق في درعا بحجة "الدواعي الأمنية"، مشيرة إلى خطر الميليشيات الإيرانية المتمركزة في الجنوب السوري. تعكس هذه التحركات الإسرائيلية صراع النفوذ بين القوى الإقليمية والدولية، حيث تحاول تل أبيب فرض أمر واقع جديد يضمن لها نفوذًا استراتيجيًا طويل الأمد في المنطقة.
مصر والأحداث السورية: بين التخوفات والبحث عن الهوية
عندما اندلعت الثورة السورية، أثارت جدلًا واسعًا في مصر، خاصة بعد سقوط نظام الإخوان المسلمين في 2013. بعض التيارات رأت في الثورة امتدادًا لموجة الربيع العربي التي هددت استقرار الدول، بينما اعتبرها آخرون ثورة شعبية ضد الاستبداد، كما حدث في مصر عام 2011. التخوفات المصرية كانت متعددة الأبعاد، فمن جهة، هناك قلق من تمدد التيارات المتطرفة، ومن جهة أخرى، ارتبطت الأزمة السورية بالمشهد الإقليمي الأوسع، خاصة مع تصاعد النفوذ الإيراني والتركي.
الفتاوى الإسلامية وزواج المصريين من السوريات
في خضم الأزمة، ظهرت فتاوى صادرة عن بعض التيارات الإسلامية في مصر تدعو الشباب المصري للزواج من اللاجئات السوريات، بدعوى "سترهن" ودعمهن في محنتهن. أثارت هذه الفتاوى جدلًا واسعًا، حيث رأى البعض فيها استغلالًا لمعاناة النساء السوريات، بينما اعتبرها آخرون نوعًا من الدعم الاجتماعي والإنساني.
انقسام الشارع المصري حول الأزمة السوريةلم يكن الشارع المصري موحدًا تجاه ما يحدث في سوريا؛ فبينما أيدت بعض القوى سقوط نظام الأسد باعتباره امتدادًا لثورات الربيع العربي، رأت قوى أخرى أن ما يحدث هو "مؤامرة" لتفتيت الدول العربية. كما تأثرت المواقف الرسمية بتغير السياسات الداخلية، حيث ساد دعم القاهرة لحل سياسي يحفظ وحدة سوريا ومؤسساتها، مع رفض التدخلات الخارجية التي قد تؤدي إلى تقسيم البلاد.وأخيرًا...لم تكن الأزمة السورية مجرد صراع داخلي، بل كانت ساحة مفتوحة لتدخلات القوى الإقليمية والدولية، حيث لعبت الاعتبارات الطائفية والسياسية والاقتصادية دورًا في تعقيد المشهد. وفي حين تظل مسألة الهوية السورية محور جدل عميق، فإن مصر، بحكم موقعها ودورها الإقليمي، ستظل تتابع الملف السوري بحذر، في محاولة لتحقيق توازن بين المخاوف الأمنية والمواقف السياسية المبدئية.
محمد سعد عبد اللطيفكاتب وباحث مصري متخصص في علم الجغرافيا السياسية

المصدر: موقع إضاءات الإخباري
الأكثر قراءة عن أي فلسطين تتكلم؟
عن أي فلسطين تتكلم؟
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً