حيرت ظاهرة عدم تذكر البشر لسنواتهم الأولى العلماء ولكن دراسة جديدة كشفت باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI) أن الأطفال الرضع يمكنهم تكوين ذكريات، لكن هذه الذكريات تصبح غير قابلة للاسترجاع لاحقا في الحياة، الدراسة التي نُشرت في 20 مارس 2025 تتحدى الاعتقاد السائد بأن الرضع لا يمكنهم تكوين ذكريات، وتشير إلى أن فقدان الذاكرة في الطفولة قد يكون بسبب صعوبة استرجاع الذكريات وليس فقدانها.
تحدي الافتراضات حول ذاكرة الرضع
أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 شهرا يمكنهم تشفير الذكريات، مما يشير إلى أن فقدان الذاكرة في الطفولة، المعروف باسم فقدان الذاكرة الطفولي، قد يكون ناتجا عن فشل في استرجاع الذكريات وليس عن عدم القدرة على تكوينها في المقام الأول.
لغز فقدان الذاكرة الطفولي
على الرغم من أن مرحلة الرضاعة هي فترة من التعلم السريع، إلا أن معظم الناس لا يستطيعون تذكر الأحداث من السنوات الثلاث الأولى من حياتهم، هذه الظاهرة المعروفة باسم فقدان الذاكرة الطفولي كانت محل دراسة مستفيضة، إحدى النظريات تشير إلى أن هذه الظاهرة تحدث لأن منطقة الحصين في الدماغ، وهي المنطقة المسؤولة عن الذاكرة العرضية، ليست مكتملة النمو خلال مرحلة الرضاعة، ومع ذلك تتحدى الدراسات التي أجريت على القوارض هذه الفكرة، حيث تظهر أن آثار الذاكرة، أو ما يُعرف بـ الرسوم الذهنية، تتشكل في حصين الرضع ولكن تصبح غير قابلة للوصول مع مرور الوقت.
الرضع يظهرون الذاكرة بطرق مفاجئة
في البشر، يظهر الرضع الذاكرة من خلال سلوكيات مثل التقليد، التعرف على المحفزات المألوفة، والاستجابات الشرطية، ومع ذلك ظل من غير الواضح ما إذا كانت هذه القدرات تعتمد على الحصين أو على هياكل دماغية أخرى، للتحقيق في هذا الأمر، استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لفحص أدمغة الرضع الذين تتراوح أعمارهم بين 4 إلى 25 شهرا أثناء قيامهم بمهمة ذاكرة. تضمنت المهمة عرض صور لوجوه، مشاهد، وأشياء على الرضع، تليها اختبار ذاكرة يعتمد على التفضيل البصري، كل ذلك أثناء التصوير العصبي.
الرضع يمكنهم تشفير الذكريات الفردية
أظهرت النتائج أنه بحلول عمر 12 شهرا يمكن لحصين الرضع تشفير الذكريات الفردية، هذه النتيجة توفر دليلا قويا على أن القدرة على تكوين الذكريات تبدأ في مرحلة الرضاعة، وفقا للباحثين، فإن وجود آليات تشفير الذاكرة، على الرغم من الطبيعة المؤقتة لهذه الذكريات، يدعم فكرة أن فقدان الذاكرة الطفولي يرجع في المقام الأول إلى فشل في الاسترجاع وليس إلى عدم القدرة على تكوين الذكريات.
ما تكشفه دراسات القوارض عن الذكريات المفقودة
تتوافق هذه الرؤى مع الدراسات السابقة التي أجريت على القوارض، والتي تشير إلى أن ذكريات الحياة المبكرة يمكن أن تستمر حتى مرحلة البلوغ ولكنها تظل غير قابلة للوصول دون وجود إشارات محددة أو تحفيز مباشر للرسوم الذهنية في الحصين، في تعليق مصاحب، يستكشف الباحثان آدم رامساران وبول فرانكلاند الآثار المترتبة على هذه الدراسة لفهم كيفية تخزين الذكريات المبكرة وفقدانها.
تكشف هذه الدراسة أن الأطفال الرضع يمكنهم بالفعل تكوين ذكريات، لكن هذه الذكريات تصبح غير قابلة للاسترجاع مع تقدم العمر. هذا الاكتشاف يلقي الضوء على طبيعة الذاكرة البشرية المبكرة ويفتح الباب لمزيد من الأبحاث حول كيفية تحسين استرجاع الذكريات من مراحل الحياة الأولى.



