يعاني ما يقرب من 200 مليون امرأة حول العالم من مرض الانتباذ البطاني الرحمي، وهي حالة تنمو فيها أنسجة بطانة الرحم خارج الرحم، مما يسبب آلاما شديدة وقد يؤدي إلى العقم، على الرغم من انتشار المرض، إلا أن الوعي به لا يزال محدودًا بين عامة الناس وحتى بين مقدمي الرعاية الصحية.
التحديات التشخيصية والعلاجية
قال أسيجيرالي فازليباس، أستاذ ورئيس مشارك للأبحاث في قسم التوليد وأمراض النساء وعلم الأحياء التناسلي بكلية الطب البشري في جامعة ميشيغان: "الانتباذ البطاني الرحمي مرض غير مدروس بشكل كافٍ، في كثير من الأحيان، يتم تفسير أعراضه بشكل خاطئ على أنها مشاكل في الجهاز الهضمي أو أمراض التهابية معوية".
وأضاف فازليباس، الذي يشغل أيضا منصب مدير مركز أبحاث صحة المرأة ومدير مشارك لبرنامج تدريب العلوم التناسلية والتنموية في جامعة ميشيغان، أن المرض يبدأ غالبا في مرحلة المراهقة، حيث تعاني الفتيات من آلام حوض شديدة أثناء الدورة الشهرية، مما يؤثر على حياتهن اليومية وقدرتهن على الذهاب إلى المدرسة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية.
التشخيص الجراحي: عقبة رئيسية
التشخيص النهائي للمرض يتطلب إجراء جراحة تنظير البطن، وهو إجراء يتجنبه العديد من الأطباء، خاصة عند الفتيات الصغيرات، بالنسبة للنساء الأكبر سنًا، قد تزيد المضاعفات النسائية مثل الأورام الليفية أو التهاب بطانة الرحم من صعوبة التشخيص.
تقدم البحث نحو علاجات غير هرمونية
كشفت دراسة حديثة أجراها فازليباس وفريقه عن فهم جديد لآلية التواصل بين الخلايا البلعمية (الماكروفاج) في الجهاز المناعي وخلايا الآفات الناتجة عن الانتباذ البطاني الرحمي، نُشرت النتائج في مجلة "iScience"، ويمكن أن تمهد الطريق لتطوير علاجات غير هرمونية أكثر فعالية.
وأوضح فازليباس: "ما تمكنا من إظهاره هو أن الخلايا الظهارية داخل الآفات قادرة على التواصل بشكل انتقائي مع الخلايا البلعمية وتعديل وظيفتها داخل الجهاز المناعي، عادةً، تعمل الخلايا البلعمية على حماية الجسم من خلال اكتشاف وإزالة المواد الضارة، والتحكم في الالتهابات، والمساعدة في إصلاح الأنسجة".
وأضاف: "لكن الخلايا البلعمية يمكن أن تأخذ أشكالا مختلفة، أظهر باحثون آخرون أن الخلايا البلعمية الموجودة داخل الآفات تميل إلى دعم إصلاح الأنسجة بدلا من تنظيفها، مما يساهم في تطور المرض. بدلًا من إزالة الخلايا التالفة، فإنها تجعل المشكلة أسوأ".
التواصل الخلوي: مفتاح لفهم المرض
توفر هذه الدراسة أساسًا لفهم التواصل الخلوي بين الخلايا الظهارية والخلايا البلعمية، مما قد يؤدي إلى تطوير علاجات جديدة تعتمد على تعديل هذه التفاعلات. قال فازليباس: "فرضيتنا هي أن هذا التواصل يوفر بيئة مواتية لتطور المرض".
يُعد هذا التقدم البحثي خطوة مهمة نحو تطوير علاجات غير هرمونية لمرض الانتباذ البطاني الرحمي، مما قد يحسن حياة ملايين النساء اللاتي يعانين من هذا المرض. مع استمرار الأبحاث، قد نرى قريبا علاجات أكثر فعالية وأقل آثارا جانبية لهذه الحالة المؤلمة.



