هل يحق للفلسطيني أن يتعب؟
مقالات
هل يحق للفلسطيني أن يتعب؟
حليم خاتون
27 آذار 2025 , 22:24 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

هل يحق للعربي أن ينأى بنفسه عما يدور في فلسطين...؟

 هل يحق للمؤمن، أيا يكون دينه او مذهبه، أن لا يقول كلمة حق في نظام دولي جائر؟

هل يحق لأي إنسان، أيا يكون لونه أو عرقه، أن يصمت أمام الإبادة الجارية في فلسطين؟

هل يحق لأي كان ارتكاب الإبادة باسم إله ما أو رب ما؟

بعد إبادة مباشرة طالت أكثر من ستين ألف شهيد فلسطيني وأكثر من مئة وعشرين ألف جريح، وإبادة جانبية غير مباشرة لأكثر من مئتي ألف سقطوا منذ السابع من أكتوبر بفعل الجوع والمرض والقهر والحصار والدفن أحياء تحت الركام، خرج بضعة مئات من الفلسطينيين يتظاهرون ضد الحرية والكرامة، وطلبا للعودة إلى حياة العبودية وخدمة السيد الأبيض الذي جاء من كل أصقاع العالم ليسرق الأرض والعرض والتراث والماء والهواء... ليسرق كل شيء بما في ذلك مجرد الحق بالحياة...

البطولة والمعدن الثمين عادة ما يكونا عملة نادرة لا تُقدّر بثمن بكل المعايير...

إلا في فلسطين...

في فلسطين، من أصل مليونين ونصف المليون بني آدم، خرج مئات ممن تعبوا من الموت بكرامة، فطلبوا الموت بذل في قيود الإبادة البطيئة التي كانت تجري بصمت دولي، وصم آذان عربي وإسلامي، وجهل مسيحي عالمي عام بكل ما حدث وما يحدث في أرض السيد المسيح...

لذلك،

مرة أخرى، هل يحق للفلسطيني أن يتعب؟

عندما يتعب الفلسطيني، ينتهي...

المعادلة بسيطة جدا...

تعب الفلسطيني يعني تلقائيا نجاح الابادة القائمة على القتل والقتل والإمعان في القتل حتى التهجير...حتى الزمن الذي لا يبقى على تلك الأرض إلا من هو معتاد على العيش الذليل في قيود...

قصة محمد الدرة أو هند رجب أو آلاف القصص المماثلة في التيه الفلسطيني قد يُخرجها في المستقبل، في فيلم يشبه فيلم بوكاهونتاس مخرج أميركي أو يهودي...

سوف يتعاطف المشاهدون مع بطل القصة الفلسطيني ايا يكن عمره او جنسه او لونه...

سوف يجد المخرج بطلا من إسرائيل مثل مايك بيليد أو جدعون ليفي أو حتى إيلان بابيه ممن حاولوا جاهدين منع الإبادة لكنهم فشلوا أمام محدلة الحضارة الغربية المتوحشة الزاحفة إلى كل بلادنا...

المحدلة التي بدأت مع الحملات الصليبية في القرون الوسطى ولا تزال حتى يومنا هذا بعد أن لبست أقنعة مزيفة من الديمقراطية والشرعية الدولية وحقوق الإنسان، والاستعانة عند الحاجة بمصاصي الدماء من السلفيين أو اخوان الشياطين من كافة جماعات التكفير والذبح...

عندها لن يكون هؤلاء المئات ممن تظاهروا أكثر من وجوه قليلة رضخت لشريعة الغاب في عصر الزنوج والأمريكان...

بعض هذه الوجوه قد يكون بريئا كما الغنم قبل الإقتياد نحو المسلخ؛ لكن بعض الوجوه الأخرى سوف تكون بشعة كما وجه محمود عباس المختزن بالدهون والعجز والذل...

وربما يكون هناك وجوه تشبه وجه محمد دحلان من خلف أبراج خليفة في إمارات كلب الراعي الذي يحمي القطيع من الذئاب، لكن ليقودها إلى سكين المسلخ في النهاية...

باختصار، تعب الفلسطيني يعني موته...

هذا هو قدره؛ هذه هي جيناته التي خرجت من تلك الأرض المقدسة...

مقابل تعب الفلسطيني، يخرج علينا كل يوم من يسألنا نحن في لبنان إذا كنا نندم على دخول الحرب...

بنظر ليس فقط سمير جعجع او سامي الجميل، بل حتى نواف سلام وربما جوزيف عون؛ هناك مصلحة أن الحرب وقعت، وان المقاومة تلقت ضربات قاسية جدا...

منهم من اكتفى بهذه الضربات لأنها أوصلته إلى رئاسة البلاد ورئاسة الدولة... هؤلاء تكفيهم الجزمة الأميركية...

أما الباقون... فقد كانوا يصلّون ليل نهار أن تصل دبابات نتنياهو إلى قصر بعبدا مرة أخرى وتُنصّب كلبا آخر راعيا جديدا يقود القطيع إلى المسلخ...

من اعتقد باستحالة هذا السيناريو، اعتقد أيضا باستحالة تنصيب حكومة تنظيم القاعدة على رأس الدولة في سوريا ووصول جزار الجيش اللبناني في عرسال إلى قصر المهاجرين في دمشق...

في لبنان كمية من البشر لا تستطيع أن ترى ابعد من أنفها...

شارل جبور يكره الشيعة إلى درجة أن يعلن على الملأ سروره للضربة الكاسرة التي تعرض لها لبنان...

حتى لو تم تدمير البلد على رؤوس الجميع، المهم ان تتعرض المقاومة إلى ضربات قاصمة...

أمثال شارل جبّور ليسوا فقط من الطائفة المسيحية...

لُقمان سليم حمل ابحاثة إلى مؤتمر فك شيفرة حزب الله في ابو ظبي ليقول لإسرائيل واميركا أن ضرب حزب الله لا ينجح إلا بضرب الطائفة الشيعية بكاملها ضربات موجعة تكسر الظهر...

صالح المشنوق يستبشر خيرا بوصول الجولاني على ظهر موتوسيكل تركي الى رأس السلطة في دمشق...

عدو صالح المشنوق ليست إسرائيل، وبالتأكيد ليست أميركا ولا الغرب...

عدو صالح المشنوق هم الشيعة الخارجين على الدين...

على الأرجح أن أمثال صالح المشنوق لا يصلّي ولا يهمه اذا كان الشيعة من المؤمنين أو لا...

المهم بالنسبة لصالح المشنوق هو جرأة الشيعة على الخروج من صندوق الفقر والجهل في لبنان...

لا يتحمل صالح المشنوق، كما لا يتحمل غسان حاصباني مجرد وجود الشيعة... هؤلاء الذين كانوا يشاركون الفلسطيني نفس بؤس المخيمات، لكن في ضواحي بدأت عشوائية، ولا يزال يسيطر على أجزاء منها عشوائيات منظّمة بمعرفة وتسهيل من أهل السلطة والنظام...

يجب تلزيم إبادتهم إلى نفس الجهة التي تبيد الشعب الفلسطيني...

واذا لزم الأمر، ها هم أحفاد آكلة الاكباد يلتهمون لحم البشر في الساحل السوري، في حمص، حتى في قلب دمشق...

هؤلاء الجهلة من سفاكي الدماء من عقلية بالذبح جيناكم جاهزون لما يطلبه غسان حاصباني وأمريكا وإسرائيل...

يسألون:

هل أخطأت حزب الله في دخول حرب الإسناد؟

الخطأ لم يكن، وليس في مسألة إسناد غزة؛ الخطأ كان في عدم الدخول الكامل في حرب لا مناص من خوضها عاجلا أم آجلا...

عندما يكتفي اللبناني فقط بعملية إسناد تنتهي الأمور بتدمير لبنان في كل الأحوال؛ سواء ساند هو أو بقي على الحياد كما يدّعي مطالبةََ المدّعون...

سوف يروي حزب الله ألف سبب وسبب حول الأخطار المحيطة بلبنان والتي منعته من الدخول في حرب كاملة مع الكيان...

سوف يقول ان الكيان ليس وحيدا، وإن الغرب سوف يدخل حتما لإسناد العدو وجعله القوة الأولى المسيطرة على كل من حولها مجتمعين...

لكن هل سوف يتغير هذا الأمر؟

أميركا سوف تكون دوما هناك والى جانب الكيان...

وعند الضرورة، لا بأس من ارتكاب المجازر...

يقول مناحيم بيغن في كتابه حول  النكبة:

في الوقت الذي كان الهاغاناه يقنعون الفلسطيني بترك الأرض والهروب، كنا نحن نُري الفلسطيني بالعين المجردة ماذا سوف يحصل لهم إن هم لم يتركوا...

في لبنان، نحن على الأقل دخلنا حرب إسناد أخلاقية وانسانية رغم عدم تبني استراتيجية تقوم على رؤية حتمية الحرب مع هذا الكيان...

لكن الشعوب العربية توزعت بين مهرجانات الترفيه الجاهلية، وبين الصمت المطبق خلف حكومات أقامت جدار صواريخ وطائرات حربية دفاعا عن الكيان من أن يُخدش...

وسط الكلام الفارغ عن الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، أمّنت تركيا والإمارات ودول الطوق حول الكيان؛ أمّن هؤلاء كل مستلزمات الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني...

وصل الأمر بتركيا إلى التحالف الموضوعي مع إسرائيل في إسقاط الدولة السورية والعمل على القضاء عليها...

هل تعب الشعب الفلسطيني؟

هل تعبت الشعوب العربية؟

نحن دخلنا العصر الأميركي الاسرائيلي...

عندما نتعب... إذا تعبنا... تسود إسرائيل وننتهي كما انتهت حضارات أخرى وكما تم إفناء شعوب اخرى...

لكن ما يحصل هو أن الله وضعنا أمام حيوانات مفترسة اقتحمت ولا تزال تقتحم الساحل السوري كل يوم لنرى بأم العين مصير من لا يحمل السلاح...

آلاف الشهداء الذين لة ذنب لهم سوى أن الله سلط عليهم قوما من غلاظ القلوب...

غسان حاصباني مسرور بهذا الوضع...

حتى لو سقطت رأس بعلبك والقاع ودير الأحمر... "مش مهم"؛

المهم تنفيس الأحقاد في قتل الشيعة...

نحن لم نخطئ في دخول الحرب...

نحن أخطأنا في عدم دخول الحرب بآفاق استراتيجية كما يفعل اليمنيون اليوم في مواجهة الاستكبار والصلف الأميركي...

اليوم لن نخطئ في التشخيص...

العدو يمتد من الشمال والشرق مع جحافل هولاكو في سوريا إلى الجنوب مع جحافل الصليبيين الجدد من ذوي نجمة داوود، مرورا بعملاء الطابور الخامس داخل البلد...

اليوم صار واجبا شراء المزيد من السلاح...

يستطيع كميل شمعون ورتل الطابور الخامس الصراخ كما يريدون...

القافلة تسير حتى لو نبحت الكلاب...

حتى لا نكون الهنود الحمر في زمن أميركا هذا،

علينا بالقتال والقتال والمزيد من القتال...

"اللي عندو بارودة، يشتري مدفع...

واللي عنده مدفع يشتري صاروخ..."

كما اسقطنا ١٧ أيار قبل أربعة عقود،

سوف نُسقط اي خطوة قد يجرنا اليها صبيان السفارة الأميركية...

أما أميركا:

إخوان احمد قصير كثر...

الكل يريد إعادة سيناريو تفجير المارينز...

حتى متى يستطيع حزب الله لجم الناس من الانتقام لكل ما فعلته أميركا وبريطانيا وحلف الاطلسي...

 

"إن الدعي إبن الدعي قد ركز بين اثنتين:

بين السِلّة والذلة...

هيهات منّا الذلة".

المصدر: موقع إضاءات الإحباري
الأكثر قراءة أنشودة يا إمامَ الرسلِ يا سندي, إنشاد صباح فخري
أنشودة يا إمامَ الرسلِ يا سندي, إنشاد صباح فخري
هل تريد الاشتراك في نشرتنا الاخباريّة؟
شكراً لاشتراكك في نشرة إضآءات
لقد تمت العملية بنجاح، شكراً