رصد مجرة تُضيء الكون بعد الانفجار العظيم ... اكتشاف غير متوقع يُحيّر العلماء
علوم و تكنولوجيا
رصد مجرة تُضيء الكون بعد الانفجار العظيم ... اكتشاف غير متوقع يُحيّر العلماء
29 آذار 2025 , 04:58 ص

تعتبر هذه الحقبة من تاريخ الكون من أكثر المراحل غموضا بسبب صعوبة رصدها، مما يجعل الآليات الكامنة وراءها لغزا محيرا، لكن مجرة JADES-GS-z13-1 كشفت النقاب عن عصر من الظلام الكوني، حيث رصد العلماء انبعاثا مميزا يُعرف باسم "لايمان-ألفا" (Lyman-alpha)، وهو ضوء ينبعث من ذرات الهيدروجين عند تغير مستويات طاقتها، ولا يمكن رؤيته إلا بعد اكتمال عملية إعادة التأين (reionization).  

الكون المبكر: ضباب هيدروجيني يعمّ الفضاء

يقول عالم الفيزياء الفلكية روبرتو مايولينومن جامعة كامبريدج وكلية لندن الجامعية:  

"كان الكون المبكر مغمورًا بضباب كثيف من الهيدروجين المتعادل، تمت إزالة معظم هذا الضباب خلال عملية تُسمى 'إعادة التأين'، والتي اكتملت بعد حوالي مليار سنة من الانفجار العظيم، لكننا نرى مجرة GS-z13-1 عندما كان عمر الكون 330 مليون سنة فقط، ورغم ذلك تُظهر توقيعا واضحا لانبعاث لايمان-ألفا، الذي لا يمكن رصده إلا بعد زوال الضباب المحيط، هذه النتيجة غير متوقعة تمامًا وتتعارض مع نظريات تكوّن المجرات المبكرة، مما أذهل الفلكيين!"

قصة الضوء الأول في الكون

- بعد دقائق من الانفجار العظيم، كان الكون مليئا بضباب بلازمي ساخن وكثيف من الإلكترونات الحرة ونوى ذرية، مما جعله معتما تماما.  

- بعد 300 ألف سنة برد الكون، وتحدت البروتونات والإلكترونات معًا لتكوين غاز متعادل من الهيدروجين والهيليوم، مما سمح لبعض الأطوال الموجية للضوء بالمرور، لكن لم يكن هناك مصدر ضوئي قوي بعد.  

- من هذا الهيدروجين والهيليوم، وُلدت أول النجوم والمجرات، التي أطلقت إشعاعات قوية أيونت الهيدروجين مرة أخرى، مما جعل الكون أكثر شفافية تدريجيا.  

- بعد مليار سنة من الانفجار العظيم، انتهى عصر "الفجر الكوني" (Cosmic Dawn)، وأصبح الكون شفافًا كما نراه اليوم.  

المفارقة المحيرة: لماذا نرى هذه المجرة؟

المشكلة مع JADES-GS-z13-1 هي أنه حتى لو كانت تساهم في إعادة التأين، فإنه من المفترض نظريا ألا نتمكن من رؤيتها! يُفترض أن الضباب الكوني كان لا يزال يحيط بها، لكن انبعاث لايمان-ألفا القوي يشير إلى أن الضوء اخترق هذا الضباب بطريقة غير مفسرة حتى الآن.  

يشرح عالم الفلك كيفن هاينلاين من جامعة أريزونا:  

"لا ينبغي أن نكون قادرين على رصد مجرة مثل هذه وفقا لفهمنا الحالي لتطور الكون! يمكننا تخيل الكون المبكر كغرفة مغلقة بضباب كثيف يحجب حتى أقوى المنارات، لكننا هنا نرى شعاعا من هذه المجرة يخترق الحجاب، هذا الانبعاث له تداعيات هائلة على فهمنا لكيفية وزمن إعادة تأين الكون."

نظريات تفسر الظاهرة: ثقب أسود أم نجوم عملاقة؟

1. ثقب أسود شديد النشاط: قد يكون سبب الانبعاث القوي هو وجود ثقب أسود يلتهم المادة حوله، مما يُسخن الغاز ويجعله يتوهج بشدة.  

2. نجوم فائقة الكتلة: قد تحتوي المجرة على نجوم هائلة تصل كتلتها إلى 300 ضعف كتلة الشمس، مما يولد إشعاعا شديدا.  

كلتا الفرضيتين تفتحان نافذة جديدة على طبيعة الكون في مهده لكن لا يوجد دليل قاطع حتى الآن.  

الخطوة التالية: مزيد من الرصد لفك اللغز 

يخطط العلماء لإجراء المزيد من الدراسات على هذه المجرة الغريبة باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST). لكن كما يقول الباحثون: "كلما تعمقنا في دراسة الكون المبكر، زادت الأسئلة التي نواجهها!"

يختتم عالم الفلك بيتر جاكوبسن من جامعة كوبنهاغن:  

"كما فعل تلسكوب هابل من قبل، كان من المتوقع أن يكشف جيمس ويب عن مجرات أبعد، لكن اكتشاف GS-z13-1 يُظهر أن الكون لا يزال قادرًا على مفاجأتنا بأسرار جديدة عن النجوم الأولى والثقوب السوداء التي وُلدت على حافة الزمن الكوني!"