توصل فريق بحثي دولي من إيطاليا وأستراليا إلى دليل ملموس على قدرة الأشجار على التنبؤ بالظواهر الفلكية. فقد رصد الباحثون نشاطا كهربائيا غير معتاد في أشجار التنوب قبل ساعات من وقوع كسوف الشمس الجزئي في أكتوبر 2022، في ظاهرة غير مسبوقة قد تغيّر فهمنا للعلاقة بين النبات والكون.
- مراقبة كهربائية تكشف مفاجأة: الأشجار تستعد للكسوف مسبقا
أجرى الباحثون، بقيادة البروفيسور أليساندرو كيوليريو من المعهد الإيطالي للتكنولوجيا والبروفيسورة مونيكا جاليانو من جامعة ساوثرن كروس الأسترالية، دراسة ميدانية في غابات الدولوميت الإيطالية، استخدموا فيها أجهزة استشعار متقدمة لمراقبة الإشارات الكهروحيوية للأشجار.
وخلال الكسوف، لاحظ العلماء تزامنا غريبا في الإشارات الكهربائية بين الأشجار، بدأ قبل ساعات من الظاهرة، في إشارة إلى أن الاستجابة لم تكن ناتجة فقط عن تغير الضوء المفاجئ، بل عن آلية توقع داخلية معقدة.
الأشجار الأكبر سنا أكثر إدراكا ... هل "تتعلّم" الأشجار؟
المثير في الأمر أن الأشجار البالغة بعمر 70 عاما أو أكثر أظهرت استجابة كهربائية أقوى من نظيراتها الأصغر سنًا، ما يعزز فرضية أن النباتات تمتلك ذاكرة بيئية أو قدرة تراكمية على التنبؤ. هذا الاكتشاف يفتح المجال لفهم جديد حول "التعلم" في عالم النبات.
- لغة الأشجار: موجات كهربائية تنقل الرسائل داخل الغابة
رصد الفريق البحثي موجات كهربائية تنتقل بين الأشجار، تشبه إلى حد كبير نظام اتصال سري أو "لغة صامتة" تتحدث بها الكائنات الخضراء. هذا التفاعل يشير إلى وجود شبكة عصبية بديلة في الغابة، حيث تلعب الأشجار الكبيرة دورا يشبه المعلم في نقل المعرفة للأشجار الصغيرة.
- حتى الأشجار الميتة تستجيب ... هل نعيد تعريف الحياة؟
من الاكتشافات المدهشة أن بعض جذوع الأشجار المقطوعة - والتي تعتبر عادة غير حية - أظهرت نشاطا كهربائيا خلال الكسوف، وإن كان بدرجة أقل. هذا يطرح سؤالًا عميقًا حول حدود الحياة والموت في الكائنات النباتية، ويثير اهتمام العلماء بإعادة النظر في مفاهيم بيولوجية أساسية.
- الغابة ككائن حي موحد: نظرة جديدة بدعم فيزياء الكم
تم تحليل البيانات باستخدام نماذج حاسوبية متقدمة ونظريات مستندة إلى فيزياء الكم، ما دفع الباحثين للاعتقاد أن الغابة قد تكون نظامًا متكاملاً يعمل كوحدة بيولوجية واحدة، وليس مجرد تجمّع لأشجار فردية.
وهذا الفهم الثوري يعيد تسليط الضوء على الأهمية البيئية والكونية للغابات القديمة، والتي تتجاوز دورها في التنوع الحيوي، لتكون خزائن للمعرفة البيئية عبر الزمن.