الكشف عن كيف تعطل السمنة الساعة الأيضية في الكبد أثناء الجوع
دراسات و أبحاث
الكشف عن كيف تعطل السمنة الساعة الأيضية في الكبد أثناء الجوع
21 أيار 2025 , 12:28 م

كشفت دراسة علمية حديثة أجراها باحثون من جامعة طوكيو أن السمنة تتسبب في تعطيل مؤقت لتوقيت العمليات الأيضية في الكبد خلال فترات الجوع، دون التأثير على البنية الأساسية للشبكة الجزيئية التي تنظم هذا التكيف الحيوي، وتشكل هذه النتائج تقدما علميا مهما، إذ تتيح فهما أعمق لكيفية تنظيم الجسم للطاقة في الظروف القاسية.
- السمنة وتعطيل الساعة الأيضية دون تدمير البنية
قاد هذه الدراسة كل من الباحث كيغو موريتا والبروفيسور شينيا كورودا، وقد وجدا أن السمنة تؤدي إلى خلل وظيفي مؤقت في آلية تكيّف الكبد مع حالات الجوع. ومع ذلك، لم تتأثر البنية الجزيئية للشبكة الأيضية التي تتحكم في هذه التفاعلات الحيوية.
هذا الاكتشاف يعد اختراقا مهما، إذ لطالما كان من الصعب تحليل العمليات البيولوجية اعتمادًا على الزمن، خاصة عند محاولة استخلاص رؤى منهجية من بيانات ضخمة ومعقدة.
- دور الكبد في التكيف الأيضي
لضمان البقاء، يتعين على الكائنات الحية استخلاص الطاقة من الغذاء وتوزيعها للحفاظ على حالة الاستقرار الداخلي المعروفة باسم الاتزان الداخلي (Homeostasis). وعندما يواجه الجسم حالة جوع، وهي من أصعب التحديات الأيضية، يتعين على الكبد - وهو العضو المركزي في عمليات الأيض - تنسيق تفعيل الجزيئات بدقة، سواء من حيث النوع أو التوقيت.
- تحليل الشبكة الجزيئية: التركيب الزمني مقابل التركيب البنيوي
قام الباحثون ببناء شبكة جزيئية متعددة الطبقات تُعرف باسم الشبكة الترانسومية المتجاوبة مع الجوع في الكبد، وأجروا تحليلاً مزدوجا على المستوى البنيوي والزمني. وتبين أن الشبكة كانت قوية من الناحية الهيكلية، لكنها أظهرت هشاشة زمنية عند الإصابة بالسمنة.
يقول كورودا: "داخل الخلايا، تتفاعل الجزيئات ضمن شبكة ضخمة، حيث تنظم مجموعة صغيرة من الجزيئات، تُعرف باسم الجزيئات المحورية، العديد من التفاعلات الأيضية. ومع ذلك، لم يكن من الممكن سابقًا فهم التنسيق الزمني لهذه الجزيئات في الكبد نظرًا لغياب بيانات زمنية شاملة في حالات الجوع."
- مقارنة بين الكبد السليم والكبد المصاب بالسمنة
في إطار الدراسة، قارن الباحثون وظائف الكبد لدى فئران سليمة وأخرى مصابة بالسمنة. ووجدوا اختلافات واضحة في تركيبة الجزيئات المحورية، ففي الفئران السليمة كانت جزيئات ATP وAMP - المسؤولة عن تنظيم الطاقة - حاضرة بوضوح، بينما غابت هذه الجزيئات لدى الفئران المصابة بالسمنة.
وعلى الرغم من أن هذا الفرق قد يشير إلى تلف هيكلي، إلا أن التحليلات أظهرت أن البنية الجزيئية ظلت سليمة. وكان الخلل الحقيقي يكمن في التنسيق الزمني لاستجابات الكبد الأيضية.
- اضطراب في التوقيت وليس في التركيب
يضيف كورودا: "لقد قمنا بقياس تطور مستويات الجزيئات المختلفة بشكل شامل، ووجدنا أن الجزيئات المحورية في الكبد السليم كانت تستجيب للجوع بسرعة أكبر من غيرها. وهذا يشير إلى وجود نظام زمني دقيق في الشبكات الجزيئية في الكبد السليم.د، أما في الكبد المصاب بالسمنة، فقد اختفى هذا التنسيق تماما."
بمعنى آخر، على الرغم من بقاء هيكل الشبكة الجزيئية متماسكًا، إلا أن السمنة تؤثر على توقيت عملها، مما يسبب خللا وظيفيا مؤقتا.
- منهج بحثي مبتكر وواعد.
الطريقة التي اعتمدها الفريق، والتي جمعت بين التحليل البنيوي والزمني للشبكات الجزيئية داخل الخلية، تعتبر نقلة نوعية في دراسة التفاعلات الأيضية، ويأمل الباحثون في توسيع تطبيق هذا المنهج ليشمل مجالات أخرى مثل تحليل الجينوم والميكروبيوم، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم أعمق للبيولوجيا المعقدة.
- نظرة عامة على التجربة
خضع الفئران السليمة والمصابة بالسمنة لحالة جوع متفاوتة المدة (من 0 إلى 24 ساعة). وتم جمع عينات من الكبد والبلازما، وأُجريت قياسات متعددة الأوجه (multi-omics). وتم تصنيف الجزيئات المستجيبة للجوع إلى أربع فئات:
1. جزيئات استجابت بشكل مشترك في كلا المجموعتين.
2. جزيئات استجابت فقط في الفئران السليمة.
3. جزيئات استجابت فقط في الفئران المصابة بالسمنة.
4. جزيئات أظهرت استجابة متعاكسة.
اعتمد الفريق في تحليل العلاقات التنظيمية بين هذه الجزيئات والتفاعلات الأيضية على قواعد بيانات متخصصة.
- نحو فهم أوسع لعمليات الأيض
في ختام الدراسة، أوضح كورودا: "لقد نجحنا في رسم صورة شاملة لتكيف الجسم مع الجوع، وهو أحد أعقد الظواهر البيولوجية، ونطمح الآن إلى تعميم هذه النتائج لتشمل عمليات التمثيل الغذائي أثناء تناول الطعام أو خلال تطور الأمراض."

المصدر: Newsmax.com