فيتامينات ب.. هل يمكن أن يكون المفتاح لعلاج الزرق الغلوكوما
منوعات
فيتامينات ب.. هل يمكن أن يكون المفتاح لعلاج الزرق الغلوكوما
25 أيار 2025 , 12:48 م

كشفت دراسة حديثة أجراها معهد كارولينسكا في السويد أن مكملا غذائيا بسيطا يحتوي على فيتامينات B6 وB9 وB12، بالإضافة إلى الكولين، قد يساعد على إبطاء تلف العصب البصري المرتبط بمرض الغلوكوما، حتى دون الحاجة إلى خفض ضغط العين المرتفع.
وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة Cell Reports Medicine، وأظهرت أن المكملات التي تعزز من عمليات الأيض في العين قد تلعب دورًا فعالًا في حماية العصب البصري، مما يمهد الطريق لعلاج جديد لهذا المرض الذي يُعد من أبرز أسباب العمى حول العالم، ونتيجة لهذه النتائج، بدأ العلماء بالفعل إجراء تجارب سريرية على البشر.
- الغلوكوما: العدو الصامت للبصر
الغلوكوما هو مرض يصيب العين تدريجيًا، حيث يؤدي إلى تلف العصب البصري ببطء، ما قد يؤدي إلى فقدان البصر بشكل دائم، وفي بعض الحالات، إلى العمى الكامل، ويرتبط هذا المرض غالبا بارتفاع ضغط العين، ولهذا فإن العلاجات التقليدية – مثل القطرات والعلاج بالليزر أو الجراحة – تهدف بشكل أساسي إلى خفض هذا الضغط، ومع ذلك فإن فعالية هذه العلاجات تختلف من شخص لآخر.
- دور الهوموسيستين: مؤشر وليس سببا
على مدى سنوات، اشتبه العلماء في أن مادة الهوموسيستين، وهي ناتج طبيعي من عمليات التمثيل الغذائي في الجسم، قد تكون جزءا من لغز الغلوكوما، ولكن المفاجأة كانت عندما قام باحثو معهد كارولينسكا بزيادة مستويات الهوموسيستين في فئران مصابة بالغلوكوما، ولم تزداد حدة المرض.
كما درس الباحثون مرضى الغلوكوما ووجدوا أن المستويات العالية من الهوموسيستين في الدم لم تكن مرتبطة بتسارع المرض، حتى في الأشخاص الذين لديهم استعداد جيني لإنتاج كميات أعلى منه، ما يعني أن الهوموسيستين ليس سببًا مباشرًا للتلف، بل قد يكون إشارة على خلل أعمق في وظائف العين.
- مفاتيح أيضية في شبكية العين
من خلال تحليل المسارات الأيضية المرتبطة بالهوموسيستين في الفئران والبشر، لاحظ الباحثون تغيرات أُيضية هامة، أبرزها انخفاض قدرة الشبكية على استخدام بعض الفيتامينات الضرورية لعمليات التمثيل الغذائي السليمة. وأدى هذا القصور في الوظائف الأيضية إلى مساهمة محتملة في تطور مرض الغلوكوما.
صرّح الدكتور جيمس تريبل، الباحث الرئيسي المشارك في الدراسة وأستاذ مساعد في قسم علوم الأعصاب السريرية بمعهد كارولينسكا: "استنتجنا أن الهوموسيستين ليس عنصرًا مسببًا للمرض، بل مؤشرا على أن الشبكية قد فقدت قدرتها على استخدام بعض الفيتامينات المهمة. لذلك أردنا معرفة ما إذا كان بإمكان مكملات هذه الفيتامينات أن تحمي الشبكية من الضرر."
- نتائج مبشرة في النماذج الحيوانية
في سلسلة من التجارب على الفئران والجرذان المصابة بالغلوكوما، أعطى الباحثون مكملات تحتوي على فيتامينات B6 وB9 وB12 والكولين، وكانت النتيجة مبهرة:
في الفئران التي تعاني من تطور بطيء للغلوكوما، تم إيقاف تلف العصب البصري بشكل تام.
أما في الجرذان، التي تعاني من شكل أكثر شدة وسرعة في تطور المرض، فقد تم إبطاء تقدُّم المرض بشكل ملحوظ.
اللافت أن هذه النتائج تحققت دون التدخل لخفض ضغط العين، مما يُشير إلى أن لمزيج الفيتامينات تأثيرا مختلفا تماما على مسار المرض.
- بداية تجربة سريرية واعدة
بفضل هذه النتائج المشجعة، أعلن الدكتور تريبل أن الفريق البحثي بدأ بالفعل تجربة سريرية في مستشفى سانت إيريكس لطب العيون في العاصمة السويدية ستوكهولم، ويجري حاليا تجنيد المرضى للمشاركة.
تشمل الدراسة مرضى يعانون من نوعين من الغلوكوما:
الزَّرق مفتوح الزاوية الأولي (التطور البطيء)،
الزَّرق الكاذب التقشري (التطور السريع).
تُعد هذه الدراسة خطوة ثورية في مجال طب العيون، إذ تقترح أن دعم عملية الأيض في الشبكية عبر مكملات فيتامينات معينة قد يُحدث فارقا في علاج الغلوكوما، وإذا أثبتت التجارب السريرية الجارية فعالية هذه الطريقة لدى البشر، فقد نشهد تحولا في الطريقة التي نكافح بها هذا المرض الصامت الذي يهدد البصر.

المصدر: مجلة Cell Reports Medicine