أعلنت الصين عن إطلاق نظام اتصالات يعتمد على التشفير الكمّي، يتميز بكونه غير قابل للاختراق بفضل تقنيات فيزيائية ورياضية متقدمة، ويمثل هذا النظام إنجازا نوعيا في سباق الأمن الكمّي العالمي، في ظل تصاعد المخاوف من قدرة الحواسيب الكمومية على اختراق الأنظمة التقليدية المعتمدة على التشفير الكلاسيكي.
- أول مكالمة كمّية مشفّرة بين بكين وخيفي
من أبرز التطبيقات الميدانية لهذا النظام الثوري، نجاح أول مكالمة هاتفية مشفّرة بتقنية كمّية بين مدينتي بكين وخيفي، حيث تجاوزت المسافة بين المدينتين 965 كيلومترًا. وتُعد هذه المكالمة أول اتصال صوتي مشفّر بالكامل بتقنية التشفير الكمّي على هذا النطاق الواسع، مما يفتح آفاقًا جديدة لتأمين البنية التحتية للاتصالات في المستقبل القريب.
- الهندسة التقنية للنظام: تكامل بين الكمّ والتشفير المتقدم
يعتمد النظام الصيني الجديد على هندسة ثلاثية المستويات، ترتكز على دمج نهجين متقدمين يضمنان أعلى درجات الأمان في الاتصالات:
1. توزيع المفاتيح الكمومية (QKD):
يقوم هذا النهج على مبادئ ميكانيكا الكم، حيث تُرسل مفاتيح التشفير في صورة جسيمات كمومية (فوتونات). وأي محاولة للتنصت على هذه المفاتيح تؤدي إلى تغيّر حالتها الكمية، مما يُمكّن من كشف التهديد فورًا وإحباطه في مراحله الأولى.
2. التشفير ما بعد الكمي (Post-Quantum Cryptography):
يُعتمد في هذا النهج على خوارزميات رياضية مصممة لتحمّل هجمات الحواسيب الكمومية المستقبلية، مما يضمن استمرارية الأمان حتى مع تطوّر تقنيات الحوسبة الكمومية.
ويُوفر الدمج بين هذين النهجين نظامًا أمنيًا فائق القوة يشمل المكالمات الصوتية، وتبادل الرسائل، وعمليات التوثيق، ما يجعله مناسبًا للاستخدام في البيئات الحساسة مثل المؤسسات الحكومية، والمراكز البحثية، والبنية التحتية الرقمية الوطنية.
- نقلة نوعية في الأمن السيبراني العالمي
يمثل هذا الإنجاز التكنولوجي الصيني نقطة تحوّل فارقة في مجال حماية البيانات، حيث يضع معيارا جديدا في كيفية تصميم أنظمة التشفير في عصر الحوسبة الكمومية. كما يُعزز موقع الصين كدولة رائدة في مجال تطوير تقنيات التشفير الكمّي، مما سيكون له تأثيرات بعيدة المدى على أمن الشبكات العالمية.
- مستقبل الاتصالات يبدأ من الكمّ
مع تطور الحواسيب الكمومية وزيادة قدرتها على اختراق الأنظمة التقليدية، يصبح تبني تقنيات مثل التشفير الكمّي ضرورة حتمية لحماية الأمن القومي والمعلومات الحساسة. ويُعد النظام الصيني الجديد خطوة استباقية نحو هذا المستقبل، ويضع أسسا جديدة لعصر أكثر أمانا في عالم الاتصالات الرقمية.


