نجح فريق بحثي بقيادة البروفيسور لي هاي من معاهد هفي للعلوم الفيزيائية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، في تطوير نموذج تعلم عميق متعدد الوسائط للتنبؤ بخطورة الإصابة بالسرطان في عقيدات الغدة الدرقية من نوع TI-RADS 4 المصنّفة عالية الخطورة، وقد نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Computerized Medical Imaging and Graphics.
سرطان الغدة الدرقية
يُعد سرطان الغدة الدرقية من أكثر أنواع السرطانات شيوعا، ويزداد انتشاره بوتيرة متسارعة، لاسيما في الصين. وتلعب الموجات فوق الصوتية (Ultrasound) دورا أساسيا في تقييم عقيدات الغدة الدرقية، إلا أن دقة التشخيص تعتمد إلى حد كبير على خبرة الطبيب، مما يجعل التشخيص عرضة للأخطاء، خصوصا مع عقيدات TI-RADS 4.
إن التشخيص الزائد قد يؤدي إلى إجراءات طبية غير ضرورية، بينما يؤدي التشخيص الناقص إلى تأخير في بدء العلاج المناسب، وهو ما يشكل تهديدا على حياة المرضى. وبالتالي، فإن رفع دقة التشخيص يمثل أولوية قصوى في الممارسات الطبية الحالية.
نموذج تعلم عميق متعدد الوسائط للتشخيص الدقيق
استجابة لهذا التحدي، طوّر الفريق البحثي نموذجا ذكائيا عميقا يعتمد على تقنيات التعلم الآلي، ويمزج بين التصوير التقليدي بالموجات فوق الصوتية (B-mode) وتقنية تصوير الإيلاستوجرافي (Strain Elastography). يهدف هذا الدمج إلى تعزيز القدرة على التنبؤ بخطورة الإصابة في العقيدات المصنفة ضمن فئة TI-RADS 4.
وقد حقق النموذج نتائج مبهرة، حيث سجل مساحة تحت منحنى (AUC) بلغت 0.937 على مجموعة الاختبار، و0.927 في اختبارات التحقق الخارجية، متفوقا بشكل ملحوظ على نماذج التشخيص التقليدية التي تعتمد على نمط تصوير واحد فقط.
تفوق على أداء الأطباء وتحسين شامل للتشخيص
أظهرت الدراسة أن أداء النموذج الذكائي فاق أداء اختصاصيي الأشعة في تشخيص العقيدات، بل إنه ساعدهم في تحسين دقة التشخيص بشكل ملحوظ، بغض النظر عن مستوى خبرتهم، وأظهرت الخرائط الحرارية التي ولّدها النموذج توافقا كبيرا مع المناطق التي يركّز عليها اختصاصيو الأشعة خلال الفحص، مما يعزز مصداقية النموذج في التطبيق السريري.
وقال البروفيسور لي هاي، قائد الفريق البحثي:
"هذا النموذج المبتكر من الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يقلل بشكل كبير من خطر التشخيص الخاطئ أو الفائت، خاصة لدى المرضى المعرضين لخطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية."
نحو مستقبل تشخيصي أكثر دقة وأمانا
يمثل هذا الابتكار خطوة متقدمة في دمج الذكاء الاصطناعي مع تقنيات التصوير الطبي، ويُتوقع أن يسهم في تقليل التدخلات الجراحية غير الضرورية، والتشخيصات الخاطئة، مما يحسن جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى بشكل عام، ويزيد فرص النجاة من سرطان الغدة الدرقية في مراحله المبكرة.
يمثل هذا النموذج الذكائي المتقدم بارقة أمل في مستقبل التشخيص الطبي، لا سيما في مواجهة أمراض دقيقة مثل سرطان الغدة الدرقية، ومع تعزيز نتائج النموذج من خلال التجارب السريرية، يمكن أن يُحدث هذا الابتكار تحولا نوعيا في كيفية التعامل مع العقيدات عالية الخطورة، ويعزز موثوقية القرار الطبي.