تمكن فريق من العلماء مؤخراً من فك أحد أكثر الألغاز الجيولوجية إثارة في نظامنا الشمسي، وهو التشكيلات البركانية الفريدة على سطح كوكب الزهرة، المعروف بـ"توأم الأرض الشرير"، هذه التشكيلات التي تشبه الفطائر العملاقة أثارت دهشة العلماء لعقود طويلة، وبدأت الدراسات الحديثة تكشف النقاب عن أسرارها باستخدام تقنيات متطورة ونماذج حاسوبية دقيقة.
- دراسة حديثة تركز على تشكيل "نارينا ثولوس" البركاني
نشرت الدراسة في مجلة Journal of Geophysical Research: Planets، حيث ركزت على أكبر التشكيلات البركانية على الزهرة، والمعروفة باسم "نارينا ثولوس"، التي يمتد قطرها لحوالي 145 كيلومتراً، استخدم الباحثون بيانات رادارية جمعتها بعثة ناسا "ماجلان" في تسعينيات القرن الماضي، لتطوير نموذج ثلاثي الأبعاد يعكس بدقة هذا التكوين البركاني الغريب.
- اكتشاف مفاجئ: دور قشرة الكوكب المرنة بجانب لزوجة الحمم
كانت الفرضية السائدة حتى الآن تُرجع هذه التشكيلات المسطحة إلى لزوجة الحمم البركانية العالية فقط، لكن الدراسة الجديدة أظهرت أن مرونة قشرة كوكب الزهرة تلعب دوراً حاسماً أيضاً.
شرح الدكتور مايكل براون أن الحمم على الزهرة تتصرف بشكل مختلف عما هو معتاد على الأرض، فبدلاً من الانتشار أفقياً كما في براكين الأرض، تتسبب الحمم الثقيلة وثقيلة الوزن مع طبيعة قشرة الكوكب المرنة في انحناء القشرة تحت وزن الحمم، مما يؤدي إلى تراكم الحمم بشكل رأسي، مكونة قمما مسطحة وجوانبا شديدة الانحدار، وهو شكل فريد لا يُرى في أي براكين أخرى في نظامنا الشمسي.
- خصائص الحمم البركانية الفريدة وتشكل القباب البركانية.
التحاليل تشير إلى أن هذه الحمم ليست عادية، بل تتمتع بكثافة تفوق ضعف كثافة الماء، ولزوجة استثنائية تجعلها تتدفق ببطء شديد. يقدر العلماء أن تشكل كل قبة بركانية عملاقة على سطح الزهرة قد استغرق مئات الآلاف من السنين الأرضية، ما يجعل هذه الظاهرة واحدة من أبطأ وأعقد العمليات البركانية التي نعرفها.
- تفسير لتشوهات القشرة المحيطة بالبراكين
النموذج الجديد لا يفسر فقط الشكل الفريد للبراكين على الزهرة، بل يقدم كذلك تفسيرًا للتشوهات والانتفاخات القشرية التي تحيط بهذه البراكين، والتي لاحظها العلماء في دراسات سابقة، فالوزن الهائل للحمم يؤدي إلى ضغط القشرة وانحنائها، مما يسبب هذه التشوهات.
- التحديات والآفاق المستقبلية
رغم هذا التقدم العلمي الكبير في فهم جيولوجيا كوكب الزهرة، يؤكد العلماء أن الصورة ليست مكتملة بعد. فالنموذج الحالي يعتمد على دراسة حالة واحدة فقط من بين آلاف التشكيلات البركانية المماثلة على سطح الكوكب.
ومن المتوقع أن تقدم البعثات الفضائية المستقبلية بيانات أدق وأكثر شمولاً تساعد في اختبار هذه النظريات وتوسيع فهمنا لطبيعة "توأم الأرض الشرير" الفريدة.


