خمس آليات خطيرة وراء العلاقة بين الكحول ومرض السرطان
منوعات
خمس آليات خطيرة وراء العلاقة بين الكحول ومرض السرطان
3 حزيران 2025 , 12:42 م

في الولايات المتحدة، يُعزى إلى الكحول نحو 100,000 حالة إصابة بالسرطان و20,000 حالة وفاة سنوياً، مما يجعله ثالث الأسباب الرئيسية القابلة للتجنب للإصابة بالسرطان، بعد التدخين والسمنة، وفي عام 2025، أصدر الجراح العام الأمريكي توصية رسمية تحذر من العلاقة بين استهلاك الكحول وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، داعياً إلى إضافة تحذير على ملصقات المشروبات الكحولية.
لكن، كيف يسبب الكحول السرطان فعلياً؟ تشير الأبحاث إلى أن للكحول تأثيراً سرطانياً يتجلى من خلال خمس آليات مختلفة على الأقل، تزداد خطورتها مع ارتفاع كمية الاستهلاك، خصوصاً لدى الأشخاص الذين يمتلكون استعداداً وراثياً للإصابة بالسرطان.
- الآلية الأولى: تدمير تنظيم الجينات (الميثيلة) بفعل الإيثانول
تحتوي المشروبات الكحولية على مركب يُدعى الإيثانول (الكحول الإيثيلي)، وهو المحور الأساسي في أولى الآليات السرطانية، يتدخل الإيثانول في عملية تُعرف بميثيلة الحمض النووي (DNA methylation)، حيث تلتصق جزيئات معينة بالحمض النووي فتؤثر على نشاط الجينات. من ضمن هذه الجينات، هناك ما يُعرف بجينات كبح الورم، والتي عند تعطيلها يمكن أن تُفسح المجال لنمو الخلايا السرطانية.
- الآلية الثانية: الأسيتالدهيد وتلف الحمض النووي
عند تفكيك الكحول في الجسم، يتحول الإيثانول إلى مركب سام يُدعى الأسيتالدهيد، وهو مادة مسرطنة تؤثر على بطانة الفم والحلق والمريء. كما أن هذا المركب يعطل أيضاً عملية ميثيلة الحمض النووي، ويُسبب تلفاً مباشراً للحمض النووي ويعرقل عملية إصلاحه، وهذا التلف في التعليمات الجينية يؤدي إلى نمو الخلايا بطريقة غير منضبطة، مما يعزز تكوّن الأورام، خصوصاً في الفم والكبد.
- الآلية الثالثة: الجذور الحرة والإجهاد التأكسدي
الآلية الثالثة تنطوي على تراكم الجزيئات الضارة المعروفة بـ "الجذور الحرة" (Reactive Oxygen Species - ROS)، والتي تُعد نواتج ثانوية طبيعية لعمليات الاستقلاب الخلوي، ولكن عند زيادتها بشكل مفرط، فإنها تُسبب "الإجهاد التأكسدي" الذي يُلحق ضرراً بالغاً بالحمض النووي.
أظهرت الأبحاث أن استهلاك الكحول بكثرة يزيد من إنزيم CYP2E1، والذي يُنتج المزيد من الجذور الحرة المؤذية، مما يؤدي إلى طفرات جينية وتكون الأورام. في الكبد، تُحفز الجذور الحرة إنتاج مواد التهابية وبروتين الكولاجين الليفي، مما يؤدي إلى تليف الكبد ويزيد بالتالي من خطر الإصابة بسرطان الكبد.
- الآلية الرابعة: ارتفاع هرمون الإستروجين وسرطان الثدي
يؤثر الكحول كذلك على مستويات الهرمونات في الجسم، وخصوصاً الإستروجين، والذي يُعد بمثابة "وقود" لنمو بعض أنواع سرطان الثدي، فحين تحتوي الخلايا السرطانية على مستقبلات للإستروجين، فإن هذا الهرمون يرتبط بها ويحفّز نموها وانتشارها. وتشير الدراسات إلى أن الكحول لا يساهم فقط في تشكل أورام الثدي، بل قد يزيد أيضاً من شدة الأورام المو
- الآلية الخامسة: إذابة المواد المسرطنة الأخرى
الكحول يعمل كـ"مذيب" قوي للمواد المسرطنة الأخرى، مثل تلك الموجودة في دخان التبغ. إذ تذوب هذه الجزيئات الضارة في الكحول، ما يسهل تغلغلها إلى أنسجة الجسم وإحداث أضرار بالحمض النووي، هذا التفاعل يضاعف خطر الإصابة بسرطان الفم والحلق على وجه الخصوص.
ر دور الفولات في تقليل المخاطر
رغم أن العلاقة بين الكحول وسرطان القولون والمستقيم ما تزال غير واضحة كلياً، إلا أن بعض الباحثين أن الكحول يؤثر على عملية استقلاب حمض الفيرجّحونوليك، وهو عنصر غذائي أساسي لصحة الدم وتنظيم الحمض النووي. إن استهلاك الكحول بكثرة يؤدي إلى نقص الفولات في الجسم، مما يُعزز بدوره خطر حدوث تلف جيني.
ومن المثير للاهتمام، أن إحدى الدراسات وجدت أن الأشخاص الذين يستهلكون الكحول ويملكون مستويات مرتفعة من الفولات في نظامهم الغذائي أو من خلال المكملات، كان لديهم خطر أقل للإصابة بسرطان الكبد، مقارنة بمن يشربون الكحول ويعانون من نقص الفولات. كما تشير دراسات أخرى إلى أن تناول كميات عالية من الفولات قد يساعد في الوقاية من سرطان القولون لدى من يتعاطون الكحول بكثرة.
- هل تختلف المخاطر باختلاف نوع المشروب الكحولي؟
ربما يتساءل البعض إن كانت هذه المخاطر تختلف باختلاف نوع المشروب الكحولي، ولكن الأدلة العلمية تشير إلى أن العلاقة بين الكحول والسرطان موجودة بغض النظر عن نوع الكحول المتناول.
- لا جرعة آمنة من الكحول
تؤكد الأبحاث أن خطر الإصابة بالسرطان يزداد بازدياد كمية الكحول المستهلكة. كما أوضحت الجمعية الأمريكية لعلم الأورام والجراح العام الأمريكي أن مدة تعاطي الكحول خلال الحياة تُعد عاملاً مهماً أيضاً.
لكن ما يجب الانتباه له هو أن خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، مثل سرطان الثدي وسرطان الرأس والرقبة، يبدأ حتى عند تعاطي كميات منخفضة من الكحول.
بعبارة أخرى، لا توجد جرعة "آمنة" تماماً من الكحول فيما يتعلق بالسرطان. هذا لا يعني أن كل من يشرب الكحول سيُصاب بالسرطان حتماً، بل إن احتمالية الإصابة تعتمد على عوامل متعددة تشمل الوراثة، والحالة الصحية العامة، ونمط الحياة، مثل التدخين والنظام الغذائي.
ومع ذلك، تُشير الأبحاث إلى أن تقليل استهلاك الكحول يُعد خطوة فعّالة نحو تقليل خطر الإصابة بالسرطان.

المصدر: sciencealert