الفضول المعرفي ودوره في الوقاية من التدهور العقلي
منوعات
الفضول المعرفي ودوره في الوقاية من التدهور العقلي
4 حزيران 2025 , 12:27 م

في مرحلة الشيخوخة، تزداد مخاطر التدهور الذهني والضعف الإدراكي، مما يدفع العلماء إلى تكثيف الجهود لفهم العوامل التي تؤثر في صحة الدماغ، أملاً في تحديد ممارسات تساهم في الوقاية من أمراض مثل الخرف والزهايمر، وفي هذا السياق، تناولت دراسة حديثة من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس (UCLA) الدور الحيوي للفضول المعرفي في الوقاية من التدهور العقلي.
- نتائج علمية تثبت أهمية الفضول في مقاومة التراجع الذهني
أظهرت نتائج الدراسة أن الأفراد الذين يحتفظون بمستوى عالٍ من الفضول، خصوصًا تجاه المعرفة والمعلومات العامة، يتمتعون بقدرة أعلى على مقاومة التراجع المعرفي المرتبط بالتقدم في العمر. وبيّن الباحثون أن نقص الفضول قد يكون عاملاً خطراً يُسهم في تسريع الانحدار العقلي مع الشيخوخة.
- أنواع الفضول التي تناولتها الدراسة
قاد فريق الدراسة عالم النفس الدكتور آلان كاستل، حيث ركزت أبحاثهم على نوعين رئيسيين من الفضول:
فضول السمات: ويُقصد به الفضول الذي يمثل جزءاً ثابتاً من الشخصية.
فضول الحالة: وهو الفضول اللحظي الذي يظهر عند مواجهة أسئلة جديدة أو مفاهيم غير مألوفة.
- الفئات العمرية المشاركة والنتائج المدهشة
شارك في الدراسة أكثر من 600 شخص تراوحت أعمارهم بين 20 و84 عامًا، بمتوسط عمر بلغ 44 عاما، أُجري التقييم عبر استبيان إلكتروني لقياس الفضول كصفة ثابتة، تلاه اختبار لأسئلة معلومات عامة صعبة، مثل: "ما هي أول دولة منحت المرأة حق التصويت؟"، ثم قيس مدى اهتمام المشاركين بمعرفة الإجابة بعد التخمين.
وقد أظهرت النتائج أن الفضول اللحظي مرتبط بفضول السمات، لكن المثير للدهشة هو أن الفضول المعرفي لم يتبع نمطًا خطيًا عبر مراحل الحياة، إذ انخفض في أوائل مرحلة البلوغ، ثم بدأ بالارتفاع بعد منتصف العمر، وواصل الازدياد في مرحلة الشيخوخة.
- لماذا يزداد الفضول مع التقدم في العمر؟
يفسّر الباحثون هذه الظاهرة بأن الشباب في مقتبل العمر يركزون على تحقيق أهداف عملية كالتعليم، وبناء الحياة المهنية، وتربية الأطفال، مما يوجه فضولهم نحو مجالات محددة، أما كبار السن فإن فترة ما بعد التقاعد تمنحهم وقتا أكبر للتفرغ لمجالات معرفية أوسع وأكثر تنوعا، ما يؤدي إلى تنامي الفضول المعرفي لديهم.
- كبار السن لا يفقدون الرغبة في المعرفة
أوضح الدكتور كاستل أن هذه النتائج تفند الافتراض الشائع بأن التقدم في العمر يرافقه تراجع في الفضول. بل على العكس، فإن كبار السن يصبحون أكثر انتقائية فيما يتعلق بالمعلومات التي يرغبون في تعلمها، وهذا النوع من الفضول الانتقائي قد يمثل مفتاحا للحفاظ على اللياقة العقلية والإدراكية.
قال كاستل: "تشير النتائج إلى أن كبار السن لا يفقدون الرغبة في التعلم، بل يصبحون أكثر انتقائية فيما يرغبون في معرفته. واستمرار هذا النوع من الفضول قد يكون مفتاحا للحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم في العمر".
جاءت هذه الدراسة ضمن جهود متواصلة لفهم العوامل النفسية التي تلعب دورًا وقائيًا في مواجهة التغيرات المعرفية المرتبطة بالشيخوخة، وهي تفتح الباب لمزيد من الأبحاث حول كيفية تعزيز الفضول كأداة للحفاظ على صحة الدماغ والوقاية من الأمراض العصبية.
- الفضول المعرفي كدرع دفاعي ضد الخرف
في ضوء هذه النتائج، يبدو أن تشجيع الفضول، لاسيما الفضول المعرفي، ليس مجرد سلوك فطري فحسب، بل استراتيجية ذكية وطبيعية لتعزيز صحة الدماغ ومقاومة آثار التقدم في السن، ومع ازدياد متوسط الأعمار عالميا، تبرز أهمية ممارسات تحفّز هذا الفضول في برامج الرعاية الصحية والنفسية لكبار السن.

المصدر: إندبندنت