يعتقد كثير من الناس أنهم يرون في أحلامهم لمحات من المستقبل، فيما يُعرف بـ"الأحلام التنبؤية". لكن العلم له رأي مختلف تمامًا، إذ يوضح البروفيسور رومان بوزونوف، الأستاذ في الأكاديمية الطبية المركزية، أن هذه الظاهرة ليست سوى وهم معرفي يصنعه الدماغ البشري أثناء النوم، دون أي صلة بالغيب أو التنبؤ الحقيقي.
- الأحلام ... تحليل لا وعي للمعلومات
يوضح البروفيسور بوزونوف أن الدماغ يظل نشطا خلال النوم، ويقوم بتحليل المعلومات المتراكمة من الواقع اليومي دون الحاجة لوعي الإنسان المباشر ويقول: "يصدر الدماغ في الحلم تنبؤات دون مشاركة وعينا، وهذا ما يميزنا عن الحيوانات، نحن نواصل تحليل الأحداث حتى أثناء النوم."
ويضرب مثالا على ذلك:
إذا حلم شخص بأن سيارة صدمته، فقد يكون السبب أنه اعتاد عبور الطريق من مكان غير مخصص للمشاة، والدماغ يحلل هذا السلوك ويحذره بصورة رمزية: "في الحلم، يخبره الدماغ بأن ممر المشاة يبعد 100 متر!"
- عندما تتحقق الصدفة: وهم "الرؤية المستقبلية"
يؤكد بوزونوف أن لكل حدث احتماله الخاص، وعندما يتحقق ما حلمنا به، نُضفي عليه طابعًا تنبؤيًا ونصفه بالحلم النبوي، بينما نتجاهل مئات الأحلام الأخرى التي لم تتحقق. هذه الظاهرة تُعرف في علم النفس باسم "انحياز البقاء"، أي أننا نتذكر فقط الأحداث التي تؤكد اعتقاداتنا وننسى البقية.
- قصة الطالب والبطاقة رقم 5
يروي بوزونوف قصة شهيرة لتوضيح هذا الانحياز: "طالب لم يدرس جيدا إلا أسئلة البطاقة رقم 5، ثم حلم بأنه سيسحبها في الامتحان، وعندما سحبها فعلا، اعتقد أنه حلم حلما نبويا، ولكن إذا كان عدد البطاقات 100، فإن احتمال سحب تلك البطاقة هو 1٪ فقط، إنه مجرد حظ، لا أكثر."
- الحلم التنبؤي ... أسطورة تفضحها الإحصائيات
من خلال منظور علم الأعصاب، لا توجد أدلة علمية تُثبت وجود أحلام تنبؤية خارقة. بل إن العقل البشري بارع في إيجاد الروابط بين الأحداث بطريقة تؤكد ما نرغب في تصديقه، نحن نبني سردية من الماضي لتبرير ما حدث، ونظن أننا "رأينا ذلك من قبل".
- الحلم أداة تنبؤ داخلية ... لكنها ليست خارقة
يرى البروفيسور بوزونوف أن الأحلام هي أداة داخلية لتحليل السلوك والتنبؤ بالمخاطر المحتملة، لكنها لا تُمثل نبوءات حرفية أو كشفا لما سيحدث مستقبلا، هي نتاج نشاط دماغي معقد، يعكس تجاربنا ومخاوفنا اليومية بطريقة رمزية ومكثفة.

