كتب سُنِّي فلسطيني:
مقالات
كتب سُنِّي فلسطيني: "أنا لا أريد أن أكون شيعيًا…لكنني أرفض أن أكون أعمى."
9 حزيران 2025 , 18:08 م


*أنا سنّي…فلسطيني

أنقل الروايات التاريخية من مصادرنا وأُعَلِّقُ عليها، لعلّنا نعودُ إلى إسلام النّبيّ الصّحيح. أقول:

..حينَ رأيتُ أفعال د'اعشَ… ثم قرأت عن خالد بن الوليد..

عرفتُ أنَّ أُمةً تُقَدِّسُ خالداً وتنسى مالكاً الأشتر، لا عجب أن تنصرَ دا'عشَ و تخذُلَ غز'ة….!*

عندما رأيتُ مشاهدَ “د'اعش” لأوّل مرة، كُنتُ مَذهولًا…

رجالٌ يذبحونَ الأسرى، يقطعونَ الرؤوسَ، يُحرِقونَ الأجسادَ، ويأخذونَ النساءَ سبايا؛ قلت في نفسي: أيُّ وحشيةٍ هي هذه؟!!

من أين أتوا بهذه الفتاوى؟!

من أي جحيم فقهيٍّ تَخرّجوا؟!

ثم قرأتُ في التاريخ…

قرأتُ عن خالدِ بنِ الوليد، “سيف الله المسلول”.

قرأت أنه: قتل مالكَ بنَ نُوَيْرَةَ، الصحابِيَّ، الشاعرَ، المسلمَ، الذي كان مُؤتمَنًا على الزكاة،

و لم تثبُتْ عليه رِدّة!!

كلُّ ما في الأمرِ أنَّهُ تأخَّرَ في تسليمِ الأموالِ، بعدَ وفاةِ النبي، واختلفتِ القبيلةُ في طريقةِ البيعة.

لكنَّ خالداً لم يُقِمْ عليهِ حُجّةً، ولا استتابَهُ، بل قتلَه… ثم دخل على أرملَتِهِ في نفسِ الليلة.

(الطبري، ج2 ص273 – ابن كثير، البداية والنهاية).

حينها، توقفت؛ قلتُ: مهلاً.

لو فعلت “داعشُ” ذلك، أكان أحدٌ سيعتبرُهُ “فتحًا”؟

لو قتلوا رجلاً مُسلمًا، ثم نكحوا أرملَتَهُ في نفسِ الليلة، أكانَ أحدٌ سيقول: “اجتهدوا فأخطأوا”؟!!

لكنَّ خالداً فَعَلَها، وقال عمر: “قَتَلَ امرَءاً مُسلمًا، ثم زنا على امرأته… واللهِ لَأَرْجُمَنّه!”

فردّ عليهِ أبو بكر:

“تأوّلَ فأخطأ، ولن نُشِيمَ سيفًا سلَّهُ الله.”

ثم قرأت عن الفجاءة السَّلمي:

رجل مسلمٌ، أسيرٌ، لم يُقَمْ عليهِ حد.

خالدٌ أشعلَ نارًا… وألقاهُ فيها حيًا.

(المصنف لابن أبي شيبة، ج7 ص492).

الفجاءة السَّلمي هذا، هل أحرقتهُ د'اعش؟

أم أحرقَهُ “سيفُ الله”؟!

من الذي بدأ هذا الباب؟

كيف نستنكرُ الحرْقَ اليومَ… ونُقدِّسُ من فعلَهُ أوَّلَ مرّة؟!!!

ثم قرأتُ عن حصارِ بني جُذَيْمَة،

قبيلةً سَلَّمَتْ أسلحتَها وقالت: “صبأنا، صبأنا” – وهي، بِلغتهم: أسلمنا .

لكنَّ خالداً"سيفَ الله" لم يفهمْ لهجتَهم… فذبحهم.

وحين عاد، قال النبي: “اللهم إني أبرأ إليك ممَّا فعل خالد.”

(صحيح البخاري–كتاب الجهاد).

توقفتُ مُجَدَّدًا.

أينَ نحنُ مِنْ كُلِّ هذا؟!

إذا كانَ النبيُّ نفسُهُ قد تَبَرّأَ من خالدٍ فعله، فلماذا نلقّب نحنُ خالدًا بسيف الله؟!!

من مَنحَهُ هذا اللقب؟!!

ومن أدامَهُ له؟!

هل لأنَّ الدَّمَ كان وسيلةَ الفتح؟!

أم هل صار السيفُ طريقًا للغفران؟!

د'اعش استحلَّتِ النِساءَ بِاسْمِ “السبايا”،وها هم، في كتبنا التاريخيّة، يروونَ أنَّ خالدًا حين فتح الحِيرةَ، سبى نساءها، وقسَّمَهُنَّ بينَ جُنْدِه، ثُمّ بعثَ خُمْسَهُنَّ إلى أبي بكر.

(الطبري – الكامل في التاريخ).

سبايا؟!!

في أي شريعة؟

في أي دين؟!

وهل كانتِ الدعوةُ لِلّٰهِ أم لِلْجِنْسِ والغنيمة؟!!

ثم جاءتِ اليمامة،

خالدُ أعطى قومًا الأمان، فلَمّا نزلوا إليه… قتلهم!!!

قال أبو بكر: “إنَّ في سيفِ خالدٍ رُهَقًا.”

(ابن كثير، البداية والنهاية).

وها نحن اليومَ نرى من يقول: “داعشُ خانَتِ العَهْدَ، ونَقَضَتِ الأمانَ، وفعلت… وفعلت”.

لكنَّ هذِهِ ليستْ بِدْعَةً، بل سُنَّةٌ سكتَ عنها التاريخ؟!!

أنا لا أقول إنَّ خالدًا مِثْلَ داعش.

ولكنّني أقول:

لماذا نستنكرُ على داعش ما باركناهُ من خالد؟!!

لماذا نُدين السِّكِّينَ، ونُقَدِّسُ مَن استخدَمَها أوَّلَ مرّة؟!!

لماذا نلعنُ التَّطَرُّفَ،لكنّنا لانُرَاجِعُ الجَذْرَالفقهيَّ الذي أخرجَ لناجِيلًا كاملاًيعتقدُ أنَّ “السبايا”سُنَّةٌ،وأن “الحَرْقَ” اجتهاد، وأنَّ “النِّكاحَ بعدَ القَتْلِ” بطولة؟!!!

ثم نظرتُ إلى صورةٍ أُخرى:

مالكُ الأشتر، رجلٌ لم يَقْتُلْ مُسلِمًا ولم يزنِ، ولم يَحْرُقْ، ولم يَغْدُرْ.

كان سيفًا لِعَلِيّ، لا يَسُلُّهُ إلّا على باطل، ولا يرفَعُهُ إلَّا بِحَقّ.

قاتَلَ في صِفِّينَ، لا لِيَؤَسِّسَ مَجْدًا لِنَفْسِه، بلْ لِيَحْمِيَ دولةَ العدل.

كان زاهدًا، عفيفًا، متواضعًا، يَلْبَسُ الخَشِنَ، ويأكُلُ القليلَ الجَشِب، ويعيشُ بينَ المساكِينِ،

حينَ اختارَهُ عَلِيٌّ واليًا على مصرَ، قال فيه:

“كان لي كما كُنْتُ لِرَسولِ الله.”

(شرح نهج البلاغة – إبن أبي الحديد)

ولكنَّ الأشتَرَ أُسْقِطَ، مُغَيَّبًا، مِنَ الذَّاكِرَةِ"السُّنِّيّة".

لماذا؟

لأنَّهُ لم يُقاتِلْ تحتَ رايةِ أبي بكر؟!!

لأنَّهُ لم يَقْتُلْ أحدًا، ليُقالَ عنهُ: “فَتَحَ”؟

لأنَّهُ سَجَدَ لِلّٰهِ… لا لِلسَّرْدِيّة.

بينما خالدٌ،بِكُلِّ ما فعلَ، صارَ رَمْزًا يُقلَّد، وسيفًا يُحْمَل،ودرْسًا يُرْوَى في مَناهِجِ التعليم.

وبعد هذا نسأل: لماذا خرجت د'اعش؟!!!!

الجوابُ بديهيٌّ واضِح: لِأنَّنا زرَعْنا الجَذْرَ ولم نقطفِ الثمرة.

لأننابارَكْنا السيفَ إنْ فَتَحَ، وسَكَتْنا عنِ الزِّنا إنْ غُلِّفَ بِالنَّصْروغَضَضْنا الطَّرْفَ عنِ الحَرْقِ، إنْ حَمَلَ اِسْمَ الصَّحابَة.

أنا لا أُرِيْدُ أنْ أكونَ شيعيًا…

لٰكِنَّنِي أَرْفُضُ أنْ أَكُونَ أعمى.

أنا سنِّيٌّ…

لٰكِنَّني أَبْحَثُ عن إسلامٍ صحيحٍ نَقِيٍّ مِنَ الدِّماء، نَزِيْهٍ مِنَ الِاغْتِصاب، بريء من النفاق، والرِّياء.

إنْ لمْ نَتَخَلَّ عن خالد...فَسَنُعِيدُ إنتاجَ د'اعش، كل خمسين سنة.

إن لَمْ نُعِدْ لِلْأَشْتَرِ مَكانَتَهُ،

فلا تلوموا الأُمَّةَ، إنْ قَدَّسَتْ مَنْ حَمَلَ السَّيف… ولَوْ إلى جَهَنَّم.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري