في ضوء التطور الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، جاءت دراسة حديثة من شركة آبل لتقلب الطاولة على الاعتقادات السائدة، كاشفةً أن النماذج الذكية المنتشرة حاليًا ليست سوى آلات تخمين تعتمد على الإحصاء، لا تفكر كما يفعل الإنسان.
- ذكاء إحصائي لا تفكير منطقي
وفقا للدراسة، فإن نماذج الاستدلال بالذكاء الاصطناعي – مثل نماذج Claude من Meta وOpenAI وDeepSeek – لا تمتلك قدرة على التفكير المنطقي الحقيقي. فهي تعتمد على تحليل كميات هائلة من البيانات البشرية عبر شبكات عصبية لتوليد استجابات تبدو ذكية، لكنها فعليًا تقوم بـ"تخمينات إحصائية" قائمة على الأنماط.
تُستخدم تقنية "سلسلة الأفكار" لتقسيم المهام إلى خطوات، مما يعطي انطباعًا بمنطقية التفكير، إلا أن جوهر العملية يبقى إحصائيا بحتا.
- الهلوسة: الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي
من أبرز مشكلات هذه النماذج ما يُعرف بظاهرة "الهلوسة"، حيث تقدم إجابات خاطئة أو معلومات زائفة بثقة كاملة. ووفقا لتقرير صادر عن OpenAI، فإن نماذج الاستدلال المنطقي عرضة للهلوسة أكثر من النماذج العامة، وتزداد هذه المشكلة كلما تطورت النماذج وازدادت تعقيدا.
- انهيار الأداء أمام المهام المعقدة
في التجربة التي أجرتها آبل، تم اختبار عدة نماذج – من بينها ChatGPT وDeepSeek وAnthropic وGoogle Gemini – باستخدام 4 ألغاز كلاسيكية متفاوتة التعقيد. وجدت الدراسة أن النماذج العامة تتعامل بفعالية مع المهام البسيطة، بينما تحقق نماذج الاستدلال أداءً أفضل مع تزايد التعقيد، لكنها تنهار تماما أمام الألغاز الأكثر تعقيدا.
- ذكاء سطحي قائم على الأنماط فقط
تؤكد النتائج أن معظم هذه النماذج تعتمد على تمييز الأنماط وليس على التفكير المنطقي أو التحليل الاستنتاجي العميق، ما يجعلها محدودة عند مواجهة تحديات تتطلب فهما حقيقيا.
وأشار الباحثون إلى أن أدوات التقييم الحالية لا تُقوِّم جودة التفكير أو مساراته بدقة، مما يترك فجوة كبيرة في فهم القدرات الحقيقية لهذه النماذج.
- آبل في موقع متأخر لكن بمنهج مختلف
رغم أن آبل نفسها تُعد متأخرة تقنيًا في مجال الذكاء الاصطناعي مقارنةً بمنافسيها، حيث أظهرت تقارير أن مساعدها الصوتي Siri أقل دقة بنسبة 25% من ChatGPT، إلا أن الشركة تتبع نهجا مختلفا.
تركز آبل على تطوير ذكاء اصطناعي مُدمج على الأجهزة، يتميز بالكفاءة وسرعة الأداء، بدلاً من الاعتماد على النماذج الضخمة السحابية، وهو ما أثار انتقادات من بعض الخبراء، مثل الأستاذ بيدروس دومينغوس الذي قال بسخرية إن "استراتيجية آبل هي إثبات عدم وجود الذكاء الاصطناعي".
- دعوة لإعادة تقييم الذكاء الاصطناعي
رغم الجدل، لاقت الدراسة إشادة من بعض المختصين الذين رأوا أنها تعيد النقاش العلمي إلى مساره الصحيح، وتكشف حدود القدرات الفعلية لهذه النماذج، بعيدا عن المبالغات التجارية والتسويقية.
ويأمل الباحثون أن تُحفّز هذه النتائج مزيدا من الأبحاث المنهجية لفهم الحدود الحقيقية للذكاء الاصطناعي وتطوير تقنيات أكثر تطورا وذكاءً في المستقبل القريب.

