الحرب الوجودية تنتج بجعاتها السوداء... باكستان تستعد، والنُّظم العربية تغفوا عميقاً!
مقالات
الحرب الوجودية تنتج بجعاتها السوداء... باكستان تستعد، والنُّظم العربية تغفوا عميقاً!
ميخائيل عوض
16 حزيران 2025 , 10:53 ص


١٦/٦/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

1

حرب وجودية، والحروب الوجودية قليلة في تاريخ البشرية والحروب.

فالحرب بتعريفاتها الكلاسيكية؛ هي وسيلة إخضاع الخصم، أما أن تُعلن وجودية فتعني إبادة الخصم.

جرت مرةً عندما غزى الأوروبيون العالم الجديد وأبادوا الأقوام الأصلية واستوطنوا وبنوا دولهم ونظمهم المصنَّعة، وهي تعاني أعراض الانهيار ويعود الأصليون تهديد وجودي، كما في الولايات الأمريكية التي انتزعت من المكسيك، والأصليين فيها يتمتعون بنسب تفيض عن ٣٠%، هي الولايات المضطربة والناهضة في وجه ترمب وتهدد بإشعال النار في حقول أمريكا السياسية اليابسة.

حرب وجودية أعلنها نتنياهو لإبادة الفلسطينيين وتصفية قضيتهم بإبادتهم كما يفعل بغزة وفشل ويفشل ويستحيل عليه النجاح. فالفلسطينيون قوم بأمة، والأمة هوية في حضارة تعدادها ملياري إنسان وجغرافيتها حاكمة ومؤسِسة في الحضارة والحياة الإنسانية.

2

حرب وجودية أعلنها ترمب على إيران وأمرها؛ إما إن تستسلم وتتحول إلى محفظة أموال لتمويله كالخليج، أو تبديد الحضارة والوجود الإيراني الفارسي.

أهو غباء أم عنتريات فارغة؟ أو هي طبائع نشأ عليها الانجلو سكسون منذ استعمروا العالم الجديد ويعيشونها في يومياتهم وممارساتهم، ولخمسة قرون قامت حضارتهم المزعومة على الحروب وتدمير الأمم والدول ونهبها؟

3

تجرأ نتنياهو بموافقة وإسناد من ترمب، وبدأ حربه على إيران فأطلق شرارة حرب وجودية تمس أصلاً وجود إسرائيل الدولة الطارئة والمصنَّعة والمزروعة في بيئة لا ولن ولم تقبلها. والحق القومي لا يقبل التسوية أو القسمة بل إبادة أصحابه أو استعادته.

إيران قررت وبدأت الرد واحتوت المفاجأة والخسائر وبات الزمام بيدها، بينما ترامب مضطرب ومُلزَّم بألا يتدخل لعجزه ولخوفه على ٤ تريليون موعود بها بدونها لا قدرة له على قيادة أمريكا لعهدته، وإن تورط فالفوضى ستضرب أمريكا الترمبية.

القرار والمسارات وتوقيت زمن انهيار إسرائيل بات بقبضة القيادة الإيرانية ولرأيها، وكل المعطيات والمجريات لصالحها بعد أن احتوت الضربة الأولى.

إذا فعلَّت قدراتها واستثمرت بالبيئة الاستراتيجية وميزان القوى ستنهي إسرائيل وتقود الإقليم والعالم الإسلامي، وتصير دولة قطبية عالمية، وان ترددت ونهجت السلم فستكون نهاية نظامها ودولتها الإسلامية.

4

لأنَّ الحرب وجودية وإقليمية على تخوم العالمية وعلى عتبة النووية، وقد بدأها نتنياهو نووية باستهدافه المفاعلات والخبراء والقادة. فالمنطقي أنها حرب وجودية بمعنى إعادة تشكيل الإقليم والعالم وتوازنات قواه فمن ينتصر سيسود ويعيد هيكلة الإقليم جغرافية ونظم، فكل الدول والأمم والشعوب في مسرحها معنيون وستطالهم المخاطر والتحولات وإعادة التشكيل.

المنتج الأول والبجعة السوداء والتحول الفرط استراتيجي جاء من باكستان الدولة الإسلامية والنووية والمحاربة وذات القدرات النوعية، وقد اختُبِرت في مواجهة الهند مسنوداً من لوبي العولمة ونجحت بلجم العدوانية وهزيمة الهند ومناصريها، وأثبت جيشها والسلاح الصيني تفوقه الكاسح.

السلاح الصيني بيد الباكستان، إذن إعلان باكستان نصرة إيران وجاهزيتها لاستخدام النووي إن تعرض له إيران يمثل تحول فرط استراتيجي، وشهادة لباكستان وتأكيد لدور الصين وجاهزيتها لدخول الحرب بالواسطة الباكستانية، وإذا لزم الأمر بالمباشر وتنخرط الصين فإسقاط إيران والهيمنة على الإقليم يؤسس لإسقاط أوراسيا بجناحيها الصيني والروسي.

هكذا بدأت الحرب تكتسب صفة الحرب العالمية وعلى عتبة النووي.

5

الإعلان الباكستاني يؤسس لتحولات نوعية في الحرب وسباقاتها ومستقبلها، فهو تعزيز وتصليب للموقف الإيراني والتأمين النوعي بالسلاح والرجال إذا ما تطلب الأمر. وهو إعلان أنَّ التدخل الأمريكي والأوربي سيُواجَه بكتلة وجغرافيا وعدد سكان هائل لا يمكن تحقيق النصر فيها بل الهزيمة التي ستدفن النظام والعالم الانجلوسكسوني.

6

أين العرب ونظمهم وشعوبهم وهم الهدف الأصلي للحرب الوجودية؟! فاستهداف إيران لأنها ناصرتهم واستحضرت قضيتهم ودعمت مقاومتهم ولم تترد أو تتلكأ!

إيران الشاه كانت نووية بصناعة أمريكية أما الإسلامية التي تبنت قضية العرب فممنوع عليها النووية السلمية!

بعد إيران مصر والجزائر، وتحويل مشيخات وعائلات النفط إلى مجرد جاب والـ٤ تريليون ستصير ١٦ على الأقل، ولن يترك نتنياهو وترمب لهم إلا كفاف يومهم من الخبز والعودة إلى الإبل وحياة الصحراء، هذا ما صرح به ترمب ونتنياهو مراراً.

ماذا يخسر العرب إن أعلنوا مساندة إيران وقد لا يضطرون؟؟

فإعلان مصر والأردن موت اتفاقات الاستسلام والتتبيع تنهي الحرب وتسقط نتنياهو وتفجر أزمات إسرائيل، وتلويح بن سلمان وبن زايد وقطر بانها قد- انتبهوا قد- لا تفي بوعودها من التريليونات تُلزم ترمب بقطع عنق نتنياهو والتخلي عن إسرائيل.

الحرب هي القابلة لقانونية لتوليد الجديد من رحم القديم.

فالمولود المنتظر يقرر جنسه وصحته إيران ومعها باكستان وخلفيتهم الصين وروسيا، والعرب النائمون هم الجائزة الكبرى للمنتصرين. فهل تستفيق الأمه وهل تدرك الأسر والنظم إلى أين يسيرون؟

الاشتراك بقناة "الأجمل آت مع ميخائيل عوض" ليصلكم كل جديد لحظةً بلحظةً على منصة youtube على الرابط:

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=b1NslvJHyrbXGHjv

المصدر: موقع إضاءات الإخباري