وفي اليوم التاسع بدأ الذبح بالصاروخ الفرط صوتي
مقالات
وفي اليوم التاسع بدأ الذبح بالصاروخ الفرط صوتي
ميخائيل عوض
21 حزيران 2025 , 14:13 م

٢١/٦/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

1

بما أنَّ نتنياهو المقامر أعلنَّ بنفسه أن زمن حربه ١٤ يوماً وتوهم إنهاء المهمة وتحقيق أهدافه غير القابلة للتحقيق. فتعداد الأيام وضبط الأحداث والتحولات يصبح أمراً لازماً للمتابع والباحث.

الزمن كالسيف إن لم تقطعه يقطعك بعُرف الفرسان، والاستثمار الوحيد الذي ينضب بمنطق الاقتصاديين وفي واقع عمر الانسان كالماء في الغربال.

الحرب والثورة والقوة والنفوذ يتحقق أولاً بالاستثمار في الزمن.

زمن الحروب في بيئات وحقب غير المسبوقات، والحاجات الملحة لتوليد العالم الجديد، قاطع وحاسم ويعطي المحارب فرصه الذهبية.

2

في اليوم التاسع كل المؤشرات والمعطيات والتحولات وأيام الحرب كل واحد بألف من الأيام العادية، تتقاطر المواقف والأحداث والتحولات لتصب في اتجاه واحد، أنَّ إسرائيل هُزِمت ولن تكون لها قائمة بعد. فقد أرهقها وعبث بها وبقدراتها وبحلفائها وقدراتهم نتنياهو، وورطها بحرب لعشرين شهراً مع غزة ولم يحقق أي من أهداف الحرب. ولا تلوح في الأفق احتمالات لتحولات تجعله قادر على تحقيق ما أعلنه وأفاض من أوهام متخيلاً نفسه حاكماً للشرق الأوسط، ملكاً يأمر فيطاع. لا يرى أحداً إلا نفسه، ولا يقيم وزناً للآخرين وقدراتهم ومصالحهم، ولا يحترم مصالح الدول الكبرى والفاعلة والتي تتقدم على كل الأصعدة، على حساب سيطرة لنظام الانجلو ساكسوني الذي زرع ورعى كيانه لخدمته، لا ليتحول العالم الساكسوني وأمريكا بقيادة ترمب إلى خادم عند نتنياهو!

3

لنتنياهو أو أي أحد أن يحلم وأن يتخيل وأن يصرح ما يشاء، أما التاريخ فمساراته حكمية، وهو المقرر وليس العنتريات والتصريحات والأوهام.

قالها ماركس لو أنَّ كلَّ جماعة تضمن تحقيق غايتها، لصنع كل إنسان التاريخ على مزاجه.

الواقع ليس طوع نتنياهو ولا يستجيب لطائراته، ولا يتغير بقتل الأطفال والنساء، وقصفهم بطائرات الـ F35 وبالقنابل زنة ٢٠٠٠ رطل.

الواقع يفرض نفسه واتجاهاته الحكمية. فحشرة بحجم برغشة تقتل جملاً.

هكذا هو منطق الواقع وتحولاته وحاجاته، وكذا رميات الله عز وجل.

4

ماذا يقول الواقع والتطورات بعد تسعة أيام:

1. تأمين إسرائيل بعشرة مستويات وطبقات من الدفاع الجوي هي أعلى وكل ما أنتجه العقل الانجلو ساكسوني الإجرامي من تقانة سلاح، سقطت واخترقت وتنفذ ذخائرها وليس من يعوض. وصواريخ إيران ومسيراتها باتت تتبختر وتستعرض قدراتها وتضرب وتصيب ما تشاء وتحقق الأهداف التي أرسلت من أجلها.

2. المناخات الإعلامية العالمية واتجاهات الرأي العام الإسرائيلي والأمريكي والأوروبي يتغير بسرعة، في غير صالح إسرائيل وينهي سرديتها التي اعتاشت عليها لقرن.

3. أوروبا تغيرت وتتغير وبكل حال منشغلة في أوكرانيا وفي أزماتها واستنزفت قدراتها على القتال مع نتنياهو وتموين وتمويل وحماية إسرائيل، وأصبحت مجتمعاتها والاتحاد الأوربي مهدد بالأزمات والانهيار وانهيار وحداته الوطنية.

4. العرب، عرب النظم منهكون وخاضوا الحروب عن إسرائيل ولخدمتها وخدمة أصحابها واستنفِذت قدراتهم وأدواتهم. وشفط ترمب أموالهم ويتحسبون أن نتنياهو ووزرائه سيطلبون المزيد من خزائنهم واحتياطاتهم المتسارعة النفاذ ايضاً، وقد أخبرهم سموتريتش وبن غفير أنَّ عليهم أن يمولوا الحرب. وبكل حال لم يعد لديهم ما يقدمون بل يرتهبون من احتمال خسارة إيران للحرب، ويدعون لها في سرهم. وأما الشعوب فقلوبها ترقص على أنغام الصواريخ، والأردنيون خير شاهد حي ناطق.

5

ترمب هو الأمل الباقي لنتنياهو يرجوه صبح ومساء، ويهاتفه ويحرك أدواته في أمريكا ولوبياتها ودولتها العميقة.

ترمب ورطه بالموافقة على الحرب، إلا أنه لم يلتزم هو بخوضها، زوده بكل ما طلب وبدل الـ١٤ يوماً أعطاه ٢١ يوماً، وصرح وهوَّل لكنه لم يلتزم بدخول الحرب "كرمال عيون" ومصالح نتنياهو الشخصية. وقد لا يدخل الحرب ويتصرف مع نتنياهو كما تعامل مع زيلينسكي ومستشار الأمن القومي في إعلانه الحرب على اليمن ثم أقال المستشار، وصرف ضباطه ومؤيديه من الأامن القومي والبنتاغون ووزارة الخارجية.

بافتراض أن ترمب أحمق أو أنه خضع للوبي العولمة واستجاب لضغوط نتنياهو ورجاله في الدولة الأمريكية العميقة فماذا يفعل؟ ماذا لديه لتغيير ميزان القوى والواقع؟

الجواب العملي لا شيء يذكر، فأساطيله وطائراته عجزت مع اليمن فكيف مع إيران وأذرعها؟ واليمن جاهز ومؤهل وصواريخ إيران التي أسقطت قبة من عشر طبقات يسهل عليها تدمير الحاملات والقواعد، والتسبب برفع أسعار النفط ما يسقط ترمب في أمريكا، ويحول دون قدرة الخليج على الوفاء بالتزام تقديم ٤ تريليون لتمويل أمريكا الترمبية!

6

تقررت مسارات الحرب واتجاهاتها فإيران احتوت الصدمة وتماسكت وبدأت تفعيل عناصر قوتها والاستثمار بميزان القوى والبيئة الاستراتيجية المختلة لصالحها وبالزمن.

الزمن للإيرانيين والقدرة والقرار بمسارات الحرب بيدهم.

إسرائيل هزمت في حربها الوجودية، وزوالها مسألة وقت، والجاري يستعجلها الرحيل.

هو نتنياهو تنبأ بزوالها عندما قال وخاض الحرب ووصفها بالوجودية، وقال إذا هُزمنا فلا مكان لنا في المنطقة.

الاشتراك بقناة "الأجمل آت مع ميخائيل عوض" ليصلكم كل جديد لحظةً بلحظةً على منصة youtube على الرابط:

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=b1NslvJHyrbXGHjv

المصدر: موقع إضاءات الإخباري